بسبب القرصنة الإلكترونية واحتكار المنتجين يلجأ العديد من الفنانين إلى إنتاج أعمالهم الفنية بأنفسهم.

القاهرة:لجأ عدد منالفنانين مؤخراً إلى إنتاج ألبوماتهم الغنائية بأنفسهم بعيداً عن شركات الإنتاج الموسيقي، بسبب ما وصفوه بـ quot;احتكار المنتجين لهم، واستغلالهم الفاحش لعائدات حفلاتهم واعلاناتهم، واشتراط عدم الحديث إلى وسائل الإعلام إلا من خلال المستشار الإعلامي للشركة، وفي حضوره.

في حين يعزي المنتجون هذه الظاهرة إلى أسباب اقتصادية، مؤكدين أن الأزمة المالية العالمية، وارتفاع أسعار السلع الضرورية، إضافة إلى القرصنة الإلكترونية كبدتهم خسائر فادحة، ما أدى إلى الرغبة في التفريط في عدد من الفنانين المتعاقدين معهم.

وعلى طريقة quot;داوِني بالتي كانت هي الداءquot;، لجأ عدد من الفنانين إلى شبكة الانترنت التي كانت سبباً في خسائر الشركات، واضطرارهم إلى الانتاج لأنفسهم، حيث يدعون جمهورهم إلى عدم اللجوء إلى تحميل الألبومات، وشراء النسخ الأصلية من الأسواق.

ويعتبر الفنان السورى مجد القاسم من أوائل الذين خاضوا تجربة الانتاج لأنفسهم، وأنتج ما يزيد على خمسة ألبومات على نفقته الخاصة، وها هو يعمل على قدم وساقلانتاج ألبومه الجديد quot;بلمسكquot;، ويرى القاسم أن ما يدفعه إلى الإنتاج لنفسه، هو رغبته في ألا يقاسمه أي شخص رزقه، وأوضح أنه عانى كثيراً من استغلال المنتجين، وجشعهم، حيث يحصل الواحد منهم على ما يقرب الـ 50% من ايرادات الحفلات، ويمنعه من تقديم الأغاني التي أنتجها بعد الإنفصال عن شركته.

مشيراً إلى أن هناك سببا آخر أكثر أهمية يدفع الفنانين لتحمل نفقات ألبوماتهم، ألا وهو القرصنة الإلكترونية، حيث يتم تحميل الأغاني يومياً ما يعود بخسائر فادحة على المنتجين، ومن ثم فالكثير من الشركات أعلنت افلاسها، وخرجت من السوق، بينما يقتصر عمل الشركات التي ما زالت مستمرةفي احتكار الفنانين الذين يزداد الطلب عليهم لإحياء الحفلات والأفراح، لأن الشركة تحصل على نسبة من أجورهم تتراوح عادة ما بين 30 و50%، ويمثل ذلك المكسب الحقيقي لها.

ويدعو القاسم الجهات المسؤولة وخصوصا إدارات مباحث المصنفات الفنية في وزارات الداخلية في الدول العربية إلى اتخاذ اجراءات حازمة في قضية القرصنة، لافتاً إلى ضروة عقد اجتماع أو مؤتمر لبحث هذه القضية الخطرة.

أما سميرة سعيدالفنانة التيلها اسم كبير في عالم الغناء، فإنه لم يشفع لها لدى شركات الإنتاج الكبرى، ومنها quot;عالم الفنquot; المملوكة لرجل الأعمال محسن جابر، حيث قررت الإنفصال عن quot;عالم الفنquot; بعد أن لاحظت اهتمامها الزائد بالفنان تامر حسني على حساب باقي الفنانين المتعاقدين معها، ولم تتلق سميرة عروضاً تليق باسمها، فقررت انتاج ألبومها الجديد على نفقتها الخاصة، في أول تجربة لها في مشوارها الذي بدأ في العام 1970، عندما قدمت أولى أغانيها على اسطوانة باسم quot;لقاءquot;، وقدمت خلاله ما يزيد على 40 ألبوماً غنائياً إلى الموسيقى العربية.

وتبرر سميرة لجوءها إلى الانتاج على نفقتها الخاصة، بأنها ترغب في التخلص من قيود المنتجين وحصدهم لمجهودها وثمار نجاحاتها من دون وجه حق، وقالت مصادر مقربة منها إنها كانت حزينة لاستحواذ الشركة المنتجة على ما يقربالـ 40% من عائدات حفلاتها اللايف، واحتكار اذاعة أغانيها على محطة واحدة أو اثنتين، وهما اللتان تملكهما الشركة المنتجة، لأنها صاحبة الملكية الفكرية فيها، وتقاضيها فيحال أذاعت أيا من أغانيها على محطة فضائية أخرى.

وأضافت أن سوق الكاسيت تعاني الركود بسبب الأزمات الاقتصادية، وانتشار ظاهرة العري بالكليب، وسرقة الألبومات الغنائية فور طرحها في الأسواق، ونشرها على الانترنت، وبالتالي يلجأ المنتج إلى quot;مص دماء الفنانquot; لتحقيق مكاسب ضخمة، إذ لا يكتفي بالمكسب البسيط، مشيرة إلى أن تجربة انتاج ألبوم لنفسها صعبة جدا، لكن لابد من خوضها، وفي حالة النجاح سوف تكررها، وإذا لم تتوقف فستكتفي بانتاج أغانٍ سينغل من حين إلى آخر.

أما الفنان ايهاب توفيق، فيرى أن انتاج الكاسيت لم يعد مربحا للكثير من شركات الإنتاج بعد تعرضها لخسائر كبيرة جراء سرقة أغاني الألبومات ونشرها عبر شبكة الإنترنت، وأضاف أن هذه الشركات تحاول تعويض خسائرها من خلال استغلال الفنانين إلى أقصى حد ممكن، وفرض شروط قاسية عليهم، تدفعهم إلى الهروب منها إلى دائرة الانتاج لأنفسهم، ويلفت إلى أن المنتجين لجأوا أيضاً إلى تقاليع جديدة لتحقيق مكاسب ومنها رنات الموبايل وتحميل الأغاني، وكل ذلك على حساب المطرب، ودعا توفيق إلى دعم سوق الكاسيت بأي طريقة، لأن الأمر ليس كله تجارة، بل هو فن يواجه مشاكل متعددة، لابد من ايجاد حلول لها.

فيما جاء رأي الفنان أبو الليف مغايراً للأخرين، ربما لأنه ما زال في بداية مسيرته حيث يقول: المسألة برمتها تشبه إلى حد ما علاقة الزواج بين الرجل والمرأة، فإذا كان طرفا الشراكة متوافقين معاً، تستمر الحياة بينهما في هدوء وأمان وسعادة، وإذا لم يكن هناك توافق، تبدأ المشاكل، والتي قد تصل إلى أقسام الشرطة والمحاكم، وتستحيل الحياة، وهنا يتم الإنفصال، ويبحث الفنان عن شريك جديد، وعندما لا يجد من يتوافق معه، ينتج لنفسه.

اما انفصال الفنان هيثم شاكر عن شركة quot;فري ميوزيكquot; أحدث حلقة في مسلسل هروب الفنانين من منتجيهم، والاتجاه لإصدار ألبوماتهم بأنفسهم، ويقول هيثم إنه اتخذ قرار الإنتاج لنفسه، بعد أن عانى تجاهل نصر محروس له، وعدم الأهتمام به، ما يؤثرفي مستقبله الفني، مشيراً إلى أنه طلب منه مراراً وتكراراً تصوير أغنية quot;جديد علياquot;من الألبوم الذي يحمل الاسم ذاته بطريقة الفيديو كليب، لكن محروسلم يهتم بالطلب، وبالتالي كان لابد من الاعتماد على النفس.

ويشير شاكر إلى أن هناك سببا آخر دفعه إلى الانتاج لنفسه، ألا وهو أنه لايريد أن يقاسمه أحد رزقه أو أجره من الحفلات أو الأفراح أو الإعلانات.

وعلى الجانب الآخر، يؤكد المنتج طارق عبدالله أن شركات الإنتاج تتعرض لخسائر فادحة بسبب القرصنة الإلكترونية على الألبومات التي تتكلف ملايين الجنيهات، اذ يتم تحميله بعد طرحه في السوق بدقائق، بالتالي ليس أمامها لتعويض الخسائر سوى الحصول على نسبة من حفلات واعلانات الفنانين المتعاقدين معها، وأضاف أنه من المهم أن يجرب الفنانون الإنتاج لانفسهم، حتى يدركوا مدى المجهود المبذول في الألبومحتى يخرج للنور، وكم الأموال التي تنفق في الإعداد له و تصوير بعض أغانيه فيديو كليب.

ويبدو أن الثلاثي المتربع على عرش الأغنية فى مصر حالياً، وهم عمرو دياب، تامر حسني، ومحمد حماقى، يخشون من المصير نفسه، ونشطت مجموعات تابعة لهم على الفايس بوك، داعية الجمهور إلى شراء ألبوماتهم الجديدة، وعدم اللجوء إلى تحميلها من الانترنت.