في حوار مع quot;إيلافquot; تحدَّث الممثل المصري، طلعت زكريا، عن تجربته في الكوميديا السوريَّة، وعن سبل تطوير صناعة السينما في هذا البلد.


دمشق: quot;كانت بيننا وحدة سياسيَّة في إحدى الأيَّام، وأتمنى استمرار هذه الوحدة على الأقل في المجال الفنيquot;، بهذه الكلمات عبَّر الفنان المصري، طلعت زكريا، عن ارتياحه للعمل في الدراما السوريَّة، ويعتبر طلعت زكريا من الفنانين القلائل اللذين تحولوا بين ليلةٍ وضحاها من تمثيل الأدوار الثانويَّة، إلى أدوار البطولة المطلقة، على الرغم من كشفه لعدم رغبته بأداء هذا النوع من الأدوار لأنَّها تحمِّل الفنان بأكثر من طاقته.

ماذا عن رأيك بمشاركة الممثلين المصريين في الدراما السوريَّة؟

مشاركة المصريين في أعمال سوريَّة كان يجب أنّْ يحصل منذ وقت بعيد، لأنَّ سوريا لها ثقلها في الدراما، وكنت دائمًا أنادي بالذهاب إلى سوريا كما يأتي السوريون إلينا، وأرى أنَّ العمل الذي نقوم بتصويره الآن في سوريا سيشكِّل فاتحة لقدوم النجوم المصريين للعمل في المسلسلات السوريَّة، وسيكون خطوةً مهمَّةً كي تغزو الكوميديا السوريَّة الوطن العربي، كما فعلت من قبلها المسلسلات التَّاريخيَّة، والتعاون بين سوريا ومصر أصبح ضرورةً ملِّحةً خصوصًا وأنَّهما أقطاب الدراما في الوطن العربي، وطاما نحن العرب لا نجتمع في السياسة لما لا نجتمع في الدراما.

بعد مشاركة الفنانيين السوريين في مصر، كانت هناك الكثير من ردود الأفعال السلبيَّة تجاههم والكثير من الحساسيات حصلت بينهم وبين الفنان المصري على اعتبارأنَّه حلَّ محلَّه في الدراما المصريَّة، ماذا تقول في هذا الكلام؟

أوَّلاً أود التَّعليق على أنَّ التعاون بين الفنانين العرب وخصوصًا السوريين منهم مع المصريين قديم وتاريخي، ولا أعرف بالضبط من أين جاءت هذه الحساسية، ولماذا هناك البعض في مصر لهم مواقف تجاه مشاركة الفنان السوري بأعمالٍ مصريَّةٍ أو العكس، وأنا أعتبر المسأله أبسط من ذلك، فنحن شعب واحد بالنهاية ونحب بعضنا البعض كعرب، وكانت بيننا وحدةً سياسيَّةً في إحدى الأيَّام، وأتمنى استمرار هذه الوحدة على الأقل في المجال الفني.

ولا أرى مكانًا للحساسية لأنَّ الدراما تكمل بعضها البعض، ولا أعتقدأنَّ إثارة هذا الموضوع أمر خطير كما يتصوَّره الإعلام، فالممثل السوري مرحَّب به في مصر وأيضًا وهو نفسه مرتاح للعمل بيننا كمصريين، وأعتقد بأنَّ للإعلام دور في إثارة هذه الحساسيَّة من خلال الكثير من الأقلام المغرضة الَّتي تهدف إلى إحداث الوقيعة بين الشعبين السوري والمصري في ظل المنافسة على صعيد اعتلاء عرش الدراما، ولكن مهما زادت هذه الأقلامفإنَّ المصريين والسوريين أخوة ولا يمكن أنّْ تفرقهم الدراما ولا غيرها.

ماذا عن الدراما السوريَّة وانطباعك عنها ؟

بدايةً أود الحديث عن اللهجة السوريَّة الَّتي أصبحت مفهومةً ومعروفةً لدى المصريين والعرب لعبت دورًا مهمًّا في تقدم الدراما السوريَّة، فهنالك استحسان كبير من المصريين والعرب على المسلسلات السوريَّة، وبناءً على فهم اللهجة بدأت الدراما السوريَّة تتقدَّم بشكلٍ هائلٍ، والسوريين استطاعوا تصدير لهجتهم، وقديمًا كان المشاهد المصري يتجنب مشاهدة الأعمال السوريَّة لأنَّه لم يكن يفهمها.

برأيك ما هي ميزات الممثل السوري خصوصاً بعد تجربة الاحتكاك بهم؟

الممثل السوري فنانٌ مثقفٌ وقديرٌ ويملك الكثير من القدرات والطاقات وتجربتي كانت مع ممثلي الكوميديا في سوريا، وكلهم ممثلون كوميديون ممتازون جدًّا ولكن لم تخرج طاقاتهم الإبداعيَّة بعد، والمشكلة في المخرجين طبعًا لأنَّ مخرج الكوميديا يجب أنّْ يتصف بمواصفات خاصَّة تميِّزه عن مخرج الدراما الإجتماعيَّة أو التَّاريخيَّة، والكوميديا يجب أنّْ تكون مقننة وإلاَّ تحوَّلت إلى تهريج، في سوريا المسلسلات الكوميديَّة تعتبر درجة ثانية.

ماذا تختلف الكوميديا السوريَّة عن المصريَّة؟

لا أحبذ الخوض بموضوع المقارنة إلاَّ أنَّ الكوميديا المصريَّة محبكة أكثر من نظيرتها السوريَّة، فهي تطبخ على نارٍ هادئةٍ فيكون طعمها ألذ، والكوميديا السوريَّة على الرغم من توفر النجوم الكوميديين إلاَّ أنَّ طاقاتهم لم تبرز بعد، وأنا ألوم المخرج السوري في ذلك لأنَّه لم يستطع إخراج طاقات الممثل، بينما المصريون محترفون بالكوميديا، أما السوريين فما يزالوا في مرحلة التقدم فيها لترتقي أعمالهم الكوميدية لمطاف أعمالهم الاجتماعيَّة والتَّاريخيَّة والشَّاميَّة الَّتي برعوا بتمثيلها إلى حدٍ كبيرٍ.

متى ينجح العمل الكوميدي برأيك؟

الكوميديا تكون ناجحة عندما يكون النص جيِّدًا وإنَّ لم يكن كذلك سيقال عليه quot;تهريج وضحك على الجمهورquot;، فالورق أهم شيء في الكوميديا، وبعدها يأتي دور الممثلين حيث يجب أنّْ يتمتعوا بقدرٍ عالٍ من الحضور وخفة الظل الضروريَّة، ولا ينفع أنّْ تأتي بأي ممثل كي يعمل كوميديا، إذ يجب أنّْ يكون مقبولاً لدى المشاهد، إضافة إلى وجود مخرج يعي أدواته في العمل الكوميدي وهذه أهم صفات المسلسل الكوميدي الناجح.

ماذا عن مشاريعك الجديدة؟

انتهيت منذ فترة من فيلم quot;سعيد حركاتquot; الذي سيعرض في إجازة منتصف الموسم في مختلف العواصم العربيَّة، كالأردن، وسوريا، ولبنان، وبنفس توقيت عرضه في القاهرة، وهو فيلم بسيط فيه وعي وطني وقومي ينبع من حس الشباب وغيرتهم على مصر من خلال اجتهاد المواطن المصري، وشخصيَّة quot;سعيدquot; تمثل ذلك المواطن البسيط الذي يتحوَّل إلى بطل قومي لأنَّه يخدم بلده ويعمل عملاً جليلاً له، عندما يعرض على المخابرات المصريَّة ويقدِّم نفسه كعميل لصالحهم فتسند إليه مهمة ينجح بها، وتقع أحداثه في إطار كوميدي، وأتمنى أنّْ ينال استحسان الجميع وشخصيًّا أراهن على نجاح الفيلم.

وبعد النجاح الذي حقَّقه فيلمي quot;طبَّاخ الريسquot; تمَّ تكليفي من قبل رئيس الجمهورية بالعمل على جزء ثانٍ له ويحمل عنوان quot;حارس الريسquot;، ولا استطيع التكلم عنه أكثر من ذلك كونه موضوع حساس وسيكون جريئًا وقويًا.

وفي مجال التلفيزيون أعمل في مسلسل quot;مراسل ملعونquot; منتأليف محمد صفاء عامر، ولأوَّل مرَّة أقدِّم شخصيَّة صعيدي في حياتي، وهو ليس بصورة الصعيدي المصري المعروف، وإنما صعيدي مستهتر فيه صفات المواطن العادي وهو ما شجعني العمل عليها. وحاليًا هناك عمل خليجي قيد الدراسة، وربما أوافق لتنوع الممثلين العرب المشاركين فيه.

عملت كثيرًا في الأدوار الثانوية، ما الفرق بينها وبين البطولة المطلقة؟

بالنسبة إلي لا يوجد فرق في الظهور بالدور الثاني حاليًا، وأنا لا أفضِّل أدوار البطولة المطلقة،وميزة الدور الثاني أنَّ الممثل لا يتحمل مسؤوليَّة الفيلم وإنَّما يتحمَّل فقط مسؤوليَّة دوره، أما في حالة البطولة المطلقة فإنَّه يتحمَّل كل مسؤوليات العمل في حال فشله من الألف إلى الياء، فيصبح المسؤول حتَّى عن الورق المكتوب لمجرد اختياره له، والمسؤول عن تحقيق الفيلم لإيرادات جيِّدة، فيقال أنَّه فيلم طلعت زكريا ومن هنا تتضح الخطورة، وبصراحة منذ أن بدأت أتحمل هذه المسؤوليات، صرت عصبيًا أكثر ولا أستطيع النوم بإنتظار نتائج الأفلام وعندما تنجح أقوم بالصلاة وأحمد الله.

متى ترفض الأدوار المعروضة عليك ؟

أنا أرفضها عندما لا يتواجد روح طلعت زكريا في الفيلم، وعندما أشعر بأنَّه بمقدور أي فنان أنّْ يلعب الشَّخصيَّة الَّتي تعرض علي فأنا أعتذر عنها، ولكن عندما أعرف إنَّ الشَّخصيَّة مفصَّلة لي وأنا الوحيد الذي أستطيع تجسيدها فلا أتردد في قبولها.

برأيك ماذا تحتاج السينما السوريَّة كي تنهض؟

الدراما السوريَّة نجحت وأصبحت تضاهي وتنافس أعمالنا نحن المصريون، ولكن السينما ضعيفة إنتاجيًا، والسينما يلزمها عقول تفكر كي تنهض بصناعتها، وبما أنَّ السينما صناعة يجب الإهتمام بها أكثر، ويلزمها وقت طويل لإننا في مصر نعمل في السينما منذ مئة عام، والمسألة تحتاج عمل صعب وأنصح السوريين بالذهاب إلى الخارج لدراسة السينما والقدوم لمصر ليروا كيفيَّة الصناعة السينمائيَّة، ومثل ما ظهرت الدراما السوريَّة وارتقت إلى الأعلى في عشر سنوات كذلك الأمر سيتطور في مجال السينما.

طلعت زكريا أضحك الكثيرين فمن هو الشخص الذي يضحكه؟

أنا أضحك من كل قلبي على أي شخص يختم، وأي شخص يقول نكتة حلوة، وأغلب نجوم الكوميديا في مصر يضحكونني وليس فقط النجوم طالما يقول شيء جميل فأنا أضحك من قلبي ولا تهمني جنسيته او بلده، وليس عندي كوميدي مفضل، ومن الممكن أن أضحك من كل قلبي على الصبي الذي ينظف سيارتي بلفظ أو كلمة قالها، وبصراحة أنا التمست روح الضحك من الفنانين السوريين، أيمن رضا، والعمايري، ولو وجدت شهادة (السوبر ستار) في الكوميديا أظنها ستكون لهم.

كلمة أخيرة لـquot;إيلافquot;؟

أرجو من quot;إيلافquot; أنّْ تبقى في موقع الصدارة في مجال الصحافة الألكترونيَّة، ودعني من خلال منبر quot;إيلافquot; أنّْ أبعث رسالة عزاء للمصريين المنكوبين من جراء التفجيرات الإرهابيَّة الَّتي تعرَّضت لها كنيسة القديسين في الإسكندريَّة، فأنا كنت في الطائرة، وعندما وصلت إلى مطار دمشق، تضايقت جدًّا من سماع الخبر، فصرت متابعًا لكل القنوات الإخباريَّة وبشكلٍ يوميٍّ، واتضح من خلال متابعتي للموضوع إن هناك أيادي خفية خارجية وراء التفجير، المصريون لا يفعلون هذا الإجرام ، وأظنأنَّ التحقيقاتستلمح إلى وجود أيادي خارجيَّة محصورة بين تنظيم القاعدة أو اسرائيل.