تستعيد الصحفية الفرنسية ماريون جينار الذاكرة الجماعية لمتظاهري ميدان التحرير في رواية تمزج بين السياسة والعلاقات الحميمة.

إيلاف من بيروت: عندما يصبح الصحفي روائيًا، "المشكلة" هي أن الواقع غالبًا ما يمتزج مع الخيال. ورواية في الربيع قصصنا أجنحة العصافير Au Printemps On Coupe Les Ailes Des Oiseaux (280 صفحة، منشورات L’aube، سعرها 20 يورو) بقلم ماريون جينارد، ليست استثناءً.

قام المؤلفة، التي عاشت في مصر عشر سنوات، بتغطية ثورة ميدان التحرير في 2011 لصالح العديد من وسائل الإعلام الفرنسية، بما فيها صحفية "لوموند". بعد أحد عشر عامًا، تروي روايتها الأولى هذا الزخم المكسور، هذا الشاب المُضحي، هذه الأحلام المكبوتة، من خلال رحلة العديد من شخصيات اختراعها: كوثر الإخوانية الناشطة مؤيدة للديمقراطية؛ مريم المحامية الباريسية لأبوين مصريين التي تختفي بين عشية وضحاها؛ أنطوان الذي يذهب للبحث عن رفيقه؛ وأشرف وحليم وأمل وعمار. ويذكرنا هذا الأخير بفنان الشارع عمار أبو بكر الذي تزين أعماله غلاف الكتاب.

حرب دائمة

في القاهرة، يستحق الواقع أحيانًا رواية جورج أورويل: "كما هو الحال في عالم وينستون، حيث تخوض أوقيانوسيا وأوراسيا وإستاسيا معركة دائمة، فإن مصر في حالة حرب دائمة"، كما تكتب جينارد في إشارة إلى العمل الرائد للكاتب البريطاني "1984".

إنه تدخل في السياسة وفي الحميمية، وهو بالضبط ما تسمح الرواية بفهمه، أفضل من الصحافة. إذا لم ينقذ ذكريات تاريخية عن الحراك في ميدان التحرير، من 25 يناير إلى 11 فبراير 2011، تلاه وصول الإسلامي محمد مرسي إلى السلطة في يونيو 2012 ثم الإطاحة به على يد الجيش بعد ذلك بعام، فجينارد تتمكن من رسم شخصيات متأثرة في أعماق نفسها - أحيانًا من دون أن تدرك ذلك - بفشل الثورة وعنف الدولة؛ كائنات محرمة، البعض استقال تحت نير الديكتاتورية، وآخرون ينتظرون شرارة لتستيقظ.

مثل كوثر، التي قررت في يوم من الأيام بيع تلفزيونها "لوضع حد لهذا الانهيار الذي لا يمكن السيطرة عليه للنظام"، تكتب المؤلفة: "لن يسمح لها بعد ذلك بدخول غرفة المعيشة. لن تسكن صوره أحلامهم بعد الآن"، وهنا مرة أخرى، يفكر المرء في "شاشة العرض" لأورويل. هذه هي أداة دعاية الدولة التي تستبدل المثل الثورية بالتهديدات الإرهابية لضرورات الأمن.

اختفاء قسري

لكن "منطق المحو" هذا يأخذ جانبًا آخر، غير مرئي وملموس بشكل رهيب، تشير إليه الرواية بالبنان: الاختفاء القسري: "يختفي الناس في وسط الشارع، عندما يغادرون العمل، خلف بوابات المدرسة، في غرف معيشتهم"، يشرح حليم الثائر الذي أصبح مدافعًا عن حقوق الإنسان: "يتركون وراءهم لافتة، كلمة معلقة، باب صرير، سيجارة مشتعلة على حافة منفضة سجائر، كتاب مفتوح في منتصف الفصل، زوج، زوجة، أصدقاء، أطفال".

للمزيد من التفاصيل: "هذا هو منطق المحو. في البداية كانت موجة ضخمة يبلغ ارتفاعها عدة أمتار دمرت أحلامنا وآمالنا. عندما تقاعدت، اعتقدنا أنه يمكننا إعادة البناء. لكن لا: إنها تعود في شكل اللف الخبيث هذه المرة. إنه يقوض بصمت ما يخصنا، ويفصلنا عن من نحبهم. إنها تأخذ كل شيء منا دون أن ندرك ذلك".

هذه هي الذكرى التي تحاول جينارد استعادتها، مع تكريم المتوفى الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، والمخرج والمصور شادي حبش، والناشطة المثلية سارة حجازي، وكذلك لأولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة، الذين يواصلون، من خلال الفن والنشاط، نفخ رياح الربيع تحت شعار النظام المصري.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن صحفية "لوموند" الفرنسية.