لؤي محمد من لندن: يقول خبراء إن حكومات العالم تعامل أمراضا شهيرة مثل الأيدز والملاريا باهتمام شديد على حساب أمراض أخرى قد تتسبب في قتل عدد أكبر من الناس في الدول النامية، على الرغم من إمكانية التخلص منها بتكاليف رخيصة.
وحسبما يرى عدد من العلماء البريطانيين فإن معظم الأمراض الضارة قابلة لأن تعالج بأدوية لا تكلف سنويا أكثر من 30 بنسا (حوالي نصف دولار) للشخص الواحد.

غير أن معاناة أولئك الأشخاص المصابين بتلك الأمراض لم تلق غير الإهمال لأن المصادر محتكرة في البلدان النامية للأيدز والملاريا والسل على الرغم من أن هذه الأمراض تصيب عددا أقل بكثير من الناس مما تصيبه أمراض أخرى.

وضمن هذا السياق قال البروفسور ديفيد مولينوكس من كلية ليفربول للطب الاستوائي، لمراسل صحيفة الغارديان: quot;هذا ليس بسبب تقصير شركات الأدوية، فهي قد جعلت مليارات من الجرعات لعقارات أساسية. ومشكلتنا هي أننا لا نقدم دافعا قويا أو وسائل للحصول على هذه الأدوية من قبل المصابين بهذه الأمراضquot;.

وأضاف البروفسور مولينوكس: quot; الأشخاص الذين يحتلون مواقع صنع القرارات يظنون أن الملاريا والسل وفيروس نقص المناعة هي الوحيدة الموجودة في العالم الثالث. وهذا غير صحيح. فإهمال أمراض استوائية بشكل عام مثل مرض النوم والبلهارزيا تتسبب في عبء أكبر من تلك الأمراض ذات الأسماء الكبيرة لكنها ظلت مهملةquot;.

وإذا كانت أمراض مثل quot;عمى الأنهارquot; وquot;الفيلquot; لا تقتل مباشرة لكنها تتسبب بجعل ضحاياها عاجزين على حماية أنفسهم. بينما هناك أمراض تتسبب في الوفاة إذا تركت من دون علاج لفترة طويلة. وسيتم تسليط الضوء على هذه الأمراض خلال مؤتمر دولي سيعقد في جنيف هذا الشهر. كما سيركز المشاركون فيه على الأمراض quot;الزونوتيةquot; التي تنتقل عبر الحيوانات. وهذه تشمل مرض النوم الناجم عن طفيلي ينتشر بواسطة ذباب تسيتس إلى البشر من ماشية مصابة به. وتشمل الأعراض الحمى والصداع ويؤدي هذا المرض إلى الوفاة إن لم يعالج في وقت مبكر.

وقالت البروفسور سو ويلبيرن من جامعة ادنبرة والتي ما زالت تعمل على المرض في أوغندا: quot;إذا لم تحاول السيطرة على مرض النوم فإنك ستنتهي إلى انتشاره بشكل مريعquot;. غير أن أعراض هذا المرض تخلط أحيانا بأعراض مرض آخر مثل فيروس نقص المناعة فيعطون دواء غير مؤثر على المرض فيموتون لاحقا في بيوتهم حسبما ذكرت البروفسورة ويلبيرن.
ووجد العلماء مؤخرا علاجا رخيصا لمرض النوم يتمثل بالتعامل مع الحيوانات التي تلعب دور خزانات للطفيلي المتسبب بالمرض.

كذلك هناك أمراض ناجمة عن طفيليات مثل البلهارزيا والتي من نتائجها سرطان المثانة ولدى الأطفال عطب الدماغ. ويمكن لهذا المرض أن يعالج بواسطة جرعة من عقار الـ quot;برازيكوانتيلquot; تؤخذ مرة واحدة في السنة. كذلك هو الحال مع التراخوما، المرض المعدي الأساسي وراء العمى في العالم ويكفي لعلاجه جرعة واحدة من دواء quot;أزيثروميسينquot;.

من جانبها وعدت شركات الأدوية بتوفير مليارات الجرعات مجانا لمكافحة هذه الأمراض. لكن حكومات quot;الثماني الكبارquot; فشلت في توفير الوسائل أو الزخم الضروري لإيصال هذه الأدوية إلى الأشخاص الذين هم في امس الحاجة إليها. وقال البروفسور مولينوكس: quot;إذا لم نستطع إيصال أدوية مجانية إلى الناس الفقراء، فلا أظن أننا نستطيع أن نقوم بأي شيء آخر في مجال الصحة الدوليةquot;.