فتحي الشيخ من القاهرة: في صلاة إخناتون في الدولة المصرية القديمة كان هناك حمد عميق لله بنعمه النيل، حيث احب المصريون حياتهم مع النيل الذي أعطى مصر الكثير فقدره اهلها حباً وتشبيها.

و رأوه جنات خضراء على الضفتين، و ذهبا براقا في حقولهم قمحا وشعيرا..
لقد اعطاهم النيل الكثير فأحبوه وقدسوه فلم يقطع المصري القديم قناة أو يلوث النهر ولم يخالف نظام الري.
اما المصري الحديث فقد ا اعتدى على النهر وتسبب في تلوثه واندثار كثير من صور الحياة به.
من بين تسع دول تمثل دول حوض النيل كان اكثر تلوثا في مصر من بين باقي الدول بسبب 270 طن من الملوثات الصناعية التي تصرف يوميا بالمجاري المائية الى جانب اسباب التلوث الاخرى التي تحملها مياه النهر اليه من الدول المجاورة في حوض النيل. وهذه الاسباب مجتمعة جعلت من نهر النيل بمصر الجزء الاكثر تلوثا حتى و ان لم يرم المصريون الملوثات فيه. ولكنهم رفضوا ان يتركوا نصيبهم في تلويث النيل لتتعدد الاسباب لتعكير صفو هذا النهر العظيم.

اشكال كثيرة من الملوثات تصب في نهر النيل في مصر يعددها الدكتور مجدي قنديل استاذ البيئة المائية بكلية العلوم جامعة عين شمس قائلا اهم الملوثات تتمثل في ملوثات صناعية ناتجة عن طرح الفضلات الصناعية التى تتميز بشدة احتوائها على مواد سامة خطرة يصعب التخلص منها كالسيانور والفينول أوالمركبات الكيماوية وبعض المعادن الثقيلة،و ملوثات زراعية تأتى من استخدامات التربة للمخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية وايضا مياه الصرف الصحي التي تصرف في النهر ويحدث هذا في عدد كبير جدا من القري خاصة في الصعيد تصل الى 1500 قرية، بالاضافة الي الفنادق والمطاعم العائمة الموجودة في النهر.

الملوثات الصناعية التي تلقى في النيل كمخلفات حسب اخر الإحصاءات تشير إلى أنها بلغت 2.6 مليار متر مكعب سنويا تتصدرها مخلفات الصناعات الغذائية ب200 مليون متر مكعب سنويا تليها مخلفات الصناعات المعدنية 190 مليون متر مكعب ثم مخلفات الصناعات الكيماوية 176 مليون متر مكعب ثم صناعات النسيج والتي بلغت مخلفاتها 94 مليون متر مكعب وبعدها الورق والصناعات الأخرى، و هي (مخالفات غير معالجة) وترجع خطورة هذه الملوثات الى مخاطرها المتعددة سواء على صحة الانسان او على الثروة السمكية في النيل، حيث تسبب العديد من الامراض بالنسبة للانسان وهذا ما دعي عضو مجلس الشعب المصري عزب مصطفي ان يقدم استجواب مبرر هذا بان التلوث في نهر النيل يلعب دورًا رئيسيًّا في انتشار الأمراض الجديدة وزيادة نسبة الالتهاب الكبدي الوبائي وأكد عزب في استجوابه أن معظم أمراض المصريين ناتجة من تلوث نهر النيل بالمخلفات الصناعية والزراعية السائلة والصلبة التي تؤدي إلى الإصابة بالبلهارسيا وبداية من تليف الكبد والفشل الكلوي؛ حيث تذكر الإحصائيات أن 26% من المصابين بالفشل الكلوي ترجع إصابتهم بهذا المرض نتيجة إلى البلهارسيا ونهاية إلى الإصابة بسرطان المثانة الذي تبلغ نسبة الإصابة به في مصر إلى 30 % وفوق كل هذا هناك الخسارة التي تقدر بملايين الجنيهات وهي قيمة الجهد الضائع نتيجة مرض الملايين من الايدي العاملة المصرية.

اما بالنسبة لتاثير التلوث على الثروة السمكية فقد كشفت دراسة مصريةأجريت على عينات مختلفة من مياه النيل قبل وبعد معالجتها، وجود نسبةمرتفعة من الأمونيا والمعادن الثقيلة، والأمونيا من المواد السامة بالنسبة للأسماك والكائنات المائية الأخرى حتى مع التركيزات المنخفضة، فعندما يكون تركيز الأمونيا في الماء 0.06 ملليجرام / لتر، فإنها تسبب في ضمورالأسماك، وعندما يكون تركيز الأمونيا في الماء ملليجرامين في اللتر، فإنه يتسبب في موتها، كما أن سمية الأمونيا بالنسبة للأسماك تزداد مع زيادة درجة حرارة الماء، حيث يقل تركيز الأوكسجين المذاب في الماء بارتفاع درجةالحرارة.

وحددت دراسة اخرى المناطق التي تكون الاسماك بها اقل تلوثا فجاءت اسماك بحيرة ناصر الواقعة في اقصي جنوب مصر الأقل احتواء على المبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة، ويزيد تلوث الأسماك quot;سمك البلطىquot; كلما اقتربنا من شاطئ البحر المتوسط وأكثر الأسماك تلوثاً فى وسط الدلتا.

وذكرت الدراسة ان هناك 23 نوع أسماك انقرضت من النيل بسبب التلوث وهناك ثلاثين نوعا مهددا بالانقراض أيضا، لهذا يحذرالدكتور محمد النواوي استاذ الأغذية بجامعة عين شمس قائلا خطورة التلوث ان الاسماك تصاب بالمعادن الثقيلة وهذا من أخطر أنواع التلوث الكيميائي علي صحة الانسان نظرا لما له من تأثيرات ضارة على صحة الانسان لا تظهر مباشرة بعد تناول وجبة واحدة من الأسماك الملوثة حيث يتوقف ذلك علي تركيز المعادن الثقيلة وترجع خطورة المعادن الثقيلة داخل جسم الانسان إلي التأثير التراكمي لها داخل أعضاء جسم الانسان.

وعن أكثر العناصر تأثيراً ساماعلى الاسماك الزئبق و الكادميوم - الرصاص- الزرنيخ واشار النواوي الى ان تربية الأسماك في البيئة المائية التي بها هذه المعادن يجعلها غير صالحة للاستخدام الآدمي لانها تحدث تغييرات فسيولوجية بالاسماك ويصاب من يتناولها بتشوهات تسبب موت الأجنة وحدوث طفرات وخلل في عمل الغدد الصماء وتكوين الخلايا السرطانية وخلل الجهاز العصبي المركزي فضلا عن اضطرابات وظائف المعدة والكبد والكلي.