تقول الكويت إنها قررت اللجوء الى مفاعل نووي للأغراض السلمية لأنها تريد أن تدخل عصر تأمين الطاقة النظيفة والمتجددة، وتوفير النفط، وتوليد الطاقة الكهربائية، حيث وقعت قبل أسبوعين إتفاقا مع فرنسا في هذا الإطار، وستقوم الأخيرة بإنشاء المفاعل النووي، وستمد الكويت بالأيدي العاملة، والمدربة، وسط تساؤلات كويتية عديدة تطرح تحت سقف المخاوف من الأخطاء الكارثية في التطبيق، أو طرق التخلص من النفايات النووية.

الكويت: لم تتردد دولة الكويت في إعتماد العرض الفرنسي الخاص بإقامة مفاعل نووي ستستخدمه الإمارة الخليجية في أغراض سلمية محضة، كتوفير الطاقة الصديقة للبيئة، وتحديدا الطاقة الكهربائية بأكلاف أقل بكثير من تلك التي تنفق في توليد الكهرباء بالإعتماد على النفط، إذ وقعت الحكومة الكويتية مطلع الشهر الحالي مع نظيرتها الفرنسية اتفاق-اطار للتعاون النووي المدني سيفتح للأخيرة مجال مشاريع في البلد الخليجي، بعد ان فشلت مجموعة اريفا النووية الفرنسية مؤخرا في ابرام صفقة في منطقة الخليج، وتحديدا في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ فازت امامها كوريا الجنوبية بصفقة لتزويد معدات اربعة مفاعلات نووية قيمتها عشرون مليار دولار.

ووقع اتفاق quot;التنمية واستعمال الطاقة النووية سلمياquot; رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر محمد الصباح بحضور نظيره الفرنسي فرانسوا فيون.

وقبل ذلك، بحث رئيس الوزراء الكويتي مع الرئيس نيكولا ساركوزي آفاق التعاون في مجال الطاقة النووية والدفاع.

وجدد ساركوزي استعداد بلاده للتعاون quot;كلياquot; مع الكويت في المجال النووي المدني، معربا عن الامل في ان يؤدي التوقيع على اتفاق quot;الى التعاون في مجالات صناعيةquot;.

وذكر ساركوزي امام رئيس الوزراء الكويتي quot;بمزايا مفاعل اي.بي.آرquot; من الجيل الثالث الذي تقترحه اريفا quot;لا سيما في مجال الامن والامانquot; ، وquot;بقدرة فرنسا على تقديم عرض يشمل الدورة الكاملة للطاقة النوويةquot;.

ورغم أن الطاقة النووية السلمية تعتبر من أفضل أنواع الطاقات المتجددة النظيفة والصديقة للبيئة، وتعتمد عليها الكثير من الدول المتقدمة في تلبية احتياجات الطاقة لمواطنيها، إلا أن مخاوف واسعة تندلع في الداخل الكويتي، إذ برغم حاجة الكويت لهذا النوع من الطاقة النظيفة، إلا أنه يظل هناك تخوف وقلق للمجتمعات من التسريبات الاشعاعية النووية المحتملة من المفاعلات الذرية، والتي تحدث نتيجة الزلازل او الاخطاء التقنية او غيرها من الاسباب، وتتسبب في كوارث بيئية واجتماعية وسياسية واقتصادية لا يمكن التنبؤ بها.
وتحتاج المجتمعات الخليجية ومنها الكويت لمصادر متجددة نظيفة وصديقة للبيئة للحصول على الطاقة والابتعاد عن الطاقة المتولدة بواسطة مكائن الديزل الملوثة للبيئة، والمعتمدة على طاقة غير متجددة هي طاقة النفط الكربونية، والمتوقع نضوبها خلال الـ 50 عاما المقبلة.


وكانت الكويت على مدار عام تقريبا قد فحصت أكثر من عرض قدم إليها لإنشاء المفاعل النووي، إلا إنها إلتجأت للعرض الفرنسي، إذ كشف رئيس فريق الطاقة النووية الكويتي الدكتور احمد بشارة قال ان زيارة الفريق للمؤسسات النووية الفرنسية قبل نحو عام قد حققت اهدافها وكانت quot;مثمرة جداquot; على هامش زيارة النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح ، مؤكدا ان اهداف الفريق إرتكز على استكشاف القدرات الفرنسية النووية وتوجهاتها وقدراتها في مجال الطاقة النووية للاغراض السلمية، واستكشاف ما اذا كانت هناك فرص للجانب الكويتي للتعاون في هذا المجال.


وقال لقد كانت الاستجابة سريعة من الجانب الفرنسي وتم توفير جميع المؤسسات التي لها علاقة بالبرنامج النووي ولقاء المسؤولين في تلك المؤسسات وكان هناك انفتاح وتجهيز لجميع المعلومات وشرح واف كما تمت ايضا زيارة احدى المحطات النووية. واضاف كان هناك استعداد وشرح مفصل لما يمكن ان تقدم فرنسا لدولة الكويت بخصوص الطاقة النووية للاغراض السلمية حيث ما تمتلكه الاولى يفوق ما يمكن التعرف عليه من خلال القراءات والدراسات.

وقال laquo;لديهم ثقة مبنية على اسس في مجال الطاقة النووية للاغراض السلمية ولديهم خبرة طويلة ويعدون روادا في العالم بلا منازل في هذا المجالquot;.

وذكر بشارة quot;نحن امام برنامج نووي فرنسي تطور وتعززت ثقة العالم به ليصبح محل تسويق لذلك جاء اعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الامم المتحدة في سبتمبر 2007 عن استعداد بلاده لتقديم تكنولوجيا الطاقة النووية السلمية بشروط الامن والسلامة والمحافظة على البيئة وغيرهاquot;.


وقال ان الظروف السياسية بين الكويت وفرنسا تلاءمت فهناك ارادة سياسية وصداقة متينة ولاننسى الازمة المالية مضيفا ان laquo;لدى فرنسا خبرة في انتاج الكهرباء من الطاقة النووية ولديها جهاز يملك نحو 400 الف من الايدي العاملة المدربة في هذا المجال..ونحن ما رأيناه عزز الثقة بوجود فرص وتجب دراسة التفاصيلraquo;.


وردا على سؤال حول جدوى الطاقة النووية البديلة ذكر الدكتور بشارة ان جميع الدراسات تشير الى ان انتاج الكهرباء عن طريق الطاقة النووية اقل تكلفة من انتاجها عن طريق النفط حيث ان التكلفة في الاولى تمثل نحو %20 من تكلفة الثانية.


وقال انه على المدى الطويل هناك حاجة لمثل تلك الطاقة حيث انه لو تقرر انشاء محطة كهرباء نووية اليوم فيتطلب ذلك على الاقل 12 سنة للبدء في انتاج الكهرباء كما يكمن توفير النفط كفرصة بديلة، مؤكدا أن quot;التقنية النووية في مجال الطاقة السلمية هي المستقبل حيث انه لابد من الولوج في هذا المجال وهي تقنية تتطلب سنوات عديدة للدخول فيها والاستعداد في وقت القدرة افضل من الاستعداد في وقت الحاجةquot;.


مخاوف وأسئلة

يقول المساعد المدير العام لمعهد الكويت للابحاث العلمية الدكتور يوسف يعقوب السلطان: quot;الامر يتطلب وضع خطط وتجارب وسيناريوهات لاي تسربات محتملة، وكيفية التعامل معها، بالاضافة إلى ابتعاد موقع المفاعل عن المناطق السكنية والمشاريع التنموية والموارد الاستراتيجية كالنفط ومياه البحر، وايضا قبول الرأي العام بهذه الفكرة وهذا النشاط ، لاسيما وانه يتعلق بمستقبل مجتمع ودولة بأكملها، ناهيك عن تأمين طرق ووسائل نقل متطلبات توليد الطاقة بحيث تكون ذات كفاءة امنية عالية.


ويؤكد السلطان quot; انه لصغر مساحة البلاد ولندرة العمالة الفنية المتخصصة في الطاقة النووية، فإن استخدام الطاقة النووية حتى وان كان للاغراض السلمية قد يؤدي إلى كوارث بيئية وانسانية جمة ليس على الكويت فقط، وانما على الدول المجاورة ايضا، ولذلك فإن استخدام الطاقة النووية قد لا يكون هو الخيار الانسب للكويتquot;.


وفي رأي آخر مخالف يقول المهندس حمد المحيلبي: quot; أن الحكومة الكويتية لا يتوفر لها حاليا الاطقم الفنية من الخبرات والمتخصصين من ذوي المهارات والكفاءات العالية، ما يسمح بادارة المفاعل بشكل فني ومن ثم سيكون الاعتماد الكلي على جهات وخبرات خارجية لتشغيل المفاعلquot;.
وأوضح المحيلبي ان quot;المساحة الجغرافية الصغيرة للبلاد والبالغة 17 الف كيلو متر مربع تقريبا تمثل عائقا امام مشاريع من هذا النوع، إذ انه في حالات الكوارث - لا قدر الله - تنتشر الاشعاعات في سويعات قليلة وتؤثر على اكبر قدر من هذه المساحة وتصعب السيطرة على الاوضاعraquo;، مشيرا إلى ان laquo;البنى التحتية اللازمة للمفاعل يمكن توفيرها اما برامج الصيانة فتحتاج لجهود مكثفةquot;.