يقول علماء إن ممارسة التدريبات الرياضية المنتظمة والشاقة تزيد من خطر الإصابة بداء العصبون الحركي لدى من هم عرضة لذلك جينيا.

ويؤكد فريق الباحثين من جامعة شيفيلد على أنه لا ينبغي لأحد أن يتوقف عن ممارسة الرياضة نتيجة لدراسته هذه.

إلا أنهم يأملون أن تكشف نتائج الدراسة عن طرق لفحص من هم أكثر عرضة للخطر من هذا المرض وتقديم نصيحة خاصة بهم.

وفي المجمل فإن نحو واحد من بين كل 300 يصابون بداء العصبون الحركي.

ويؤثر هذا المرض على قدرة المصاب به على الحركة والحديث بل وحتى التنفس، وذلك لفشل الأعصاب الحركية في نقل الإشارات من الدماغ إلى العضلات، ما قد يجعل حياة المصاب به قصيرة إلى حد كبير.

أما عمن يصاب به وأسباب إصابته، فذلك مزيج معقد لم يفهم جيدا من المخاطر الوراثية التي يولد الإنسان بها إلى جانب عوامل بيئية أخرى تتراكم تأثيراتها على مدار حياة الإنسان.

ومنذ فترة طويلة، هناك ربط بين التمرينات الرياضية والمرض، إلا أن النقاش يحتدم حول ما إذا كان الربط في ذلك وراءه "سبب" حقيقي أم مجرد "مصادفة".

ورصدت دراسات أجريت على لاعبي كرة قدم إيطاليين معدلات إصابة بالمرض أعلى بست مرات من المعتاد. وتحدث رياضيون بمن فيهم لاعبا الرغبي روب بورو ودودي وير ولاعب كرة القدم ستيفن داربي علنا عن المرض.

وقال جوناثان كوبر نوك أحد الباحثين المشاركين في الدراسة: "توصلنا في النهاية إلى أن ممارسة الرياضة هي عامل خطر للإصابة بداء العصبون الحركي".

وأضاف كوبر نوك: "لا يعتبر ارتباط عدد من الرياضيين الكبار المصابين بداء العصبون الحركي مصادفة".

وقام الباحثون بتحليل البيانات من مشروع "بايو بانك" في بريطانيا الذي رصد تفاصيل عينات جينية جمعت من نصف مليون شخص.

واعتمد الباحثون على تقنية تعرف باسم العامل المندليلي لتحويل تلك البيانات إلى فحص تجريبي، حيث ظهر لديهم أن من يتمتعون بحمض نووي يجعلهم أكثر تحملا للقيام بأنشطة شاقة كانوا أكثر عرضة للإصابة بداء العصبون الحركي.

وأظهرت الدراسة، التي نشرت في مجلة "الطب الحيوي الإلكترونية"، أن العديد من الجينات المعروف ارتباطها بزيادة خطر الإصابة بداء العصبون الحركي تغير سلوكها كرد فعل للتمرينات الرياضية.

كما أظهرت أن من يعانون من الطفرة الجينية الأكثر شيوعا المرتبطة بداء العصبون الحركي يصابون بالمرض في سن مبكرة إذا مارسوا التمرينات الرياضية بشدة.

لاعب كرة القدم البريطاني ستيفن داربي
Getty Images
كان لاعب كرة القدم البريطاني ستيفن داربي من بين الرياضيين المشاهير الذين تحدثوا علنا عن المرض

وتعرف التمرينات الرياضية المنتظمة والعنيفة بأنها التمرينات التي تمارس لفترات تتجاوز 15 إلى 30 دقيقة خلال أكثر من يومين إلى ثلاثة أيام في الأسبوع، لكن من الواضح أن معظم من يمارسون الرياضة بذلك القدر لا يصابون بداء العصبون الحركي.

وقال كوبر نوك: "لا يمكننا معرفة من هو المعرض للخطر، ولن نذهب إلى حد تقديم النصيحة لمن ينبغي أو من لا ينبغي لهم ممارسة الرياضة".

وأضاف: "إذا توقف الجميع عن ممارسة الرياضة فإن ضرر ذلك أكثر من نفعه".

والأمل معقود على أن يخلص العلماء في نهاية الأمر إلى طريقة تقدم من خلالها النصيحة على غرار تلك المتعلقة بفحص لاعبي كرة القدم فيما يخص مشكلات القلب.

أما باميلا شو، مديرة معهد علم الأعصاب في جامعة شيفلد، فقالت: "يتجه هذا البحث نوعا ما نحو الكشف عن الرابط ما بين المستويات المرتفعة من النشاط البدني وبين الإصابة بداء العصبون الحركي لدى فئات جينية معينة معرضة لخطر الإصابة به".

ويعتقد أن انخفاض مستويات الأوكسجين في الجسم خلال ممارسة التمرينات الرياضية الشاقة قد يؤدي إلى عملية تعرف بالإجهاد التأكسدي في الخلايا العصبية الحركية، وهي من أكبر الخلايا وأكثرها حاجة للأوكسجين في جسم الإنسان.

وقد يؤدي ذلك إلى تلف الخلايا وجعلها تموت في نهاية المطاف عند من يعانون من ذلك النوع من الضعف الوراثي.

وقال برايان ديكي، من جمعية داء العصبون الحركي إن هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث التي تسير على المنوال نفسه.

وأضاف أن المكونات الوراثية والبيئية لداء العصبون الحركي غالبا ما تجري دراستها بمعزل عن بعضها البعض، في حين أن "قوة هذا البحث تكمن في ربط أجزاء هذا اللغز ببعضها".