راهبات معلولا، أسيرات يبرود إلى الحرية ... كان لهذا الخبر وقعه الخاصّ على مواقع التواصل الاجتماعي منذ ليل أمس، حيث تفاعل الناشطون في شكل كثيف وداعم لهذه الصفقة التي أفرجت عن الراهبات المختطفات منذ أكثر من ثلاثة أشهر من جانب جبهة النصرة، وذهب بعضهم إلى تقديم التحليلات والاستنتاجات وفق المعطيات التي رافقت هذه الصفقة.


بيروت :بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على اختطافهن من جانب جبهة النصرة في سوريا، أُفرج عن راهبات دير مار تقلا في معلولاومساعداتهنتنفيذًا لصفقة تمّت بوساطة لبنانية - قطريّة قضت بالإفراج عن 150 معتقلًا في السجون السورية من بينهمسجينات ينتمين أو قريبات لمنتمين إلى داعش، وعناصر عسكرية قطرية. وجاءت هذه النتيجة تتويجًا لمسار طويل من المفاوضات التي استمرّت طوال ثلاثة أشهر شاركت فيها قطر، وأدارها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بإشراف رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان.

رحلة التحرير : الراهبات مقابل داعشيين وعسكريين قطريين
بعد مفاوضات شاقة وصلت الراهبات المحرّرات إلى جديدة يابوس في نقطة تقع داخل الحدود السورية، بمواكبة الأمن العام، الذيتسلّمت إحدى دورياته الراهبات ومساعداتهن عند نقطة وادي عطا في جرود عرسال، بعدما تعثرت عملية الإفراج لبعض الوقت مساء أمس، نظرًا للضغوط التي مارسها الخاطفون في اللحظات الأخيرة لتعديل شروط الصفقة، وهو ما كاد يهدّد مصير الإتفاق المبرم معهم، قبل أن يعودوا إلى التقيّد به، بعد الردّ القاطع الذي وصلهم من اللواء ابراهيم برفض أية محاولة للتجزئة أو التنصل من بنود الصفقة المتفاهم عليها.

طرح الخاطفون في ربع الساعة الأخيرة زيادة عدد المعتقلات اللواتي يطالبون بإطلاق سراحهن وتجزئة الصفقة، بحيث يُفرج أولًا عنثمانية راهبات ثم يُفرج لاحقًا عن الأخريات في صفقة ثانية، على أن تطلق السلطات السورية عشرات المعتقلات لديها على مرحلتين أيضًا، لكن هذا الطرح رُفض من ابراهيم الذي أبلغهم بضرورة تنفيذ الإتفاق بحذافيره وإطلاق جميع الراهبات دفعة واحدة أوأن تلغى العملية من أساسها. واقترن موقف ابراهيم بترك ضباط الأمن العام نقطة انتظار الراهبات في جرود عرسال، وقبل أن يتوجهوا إلى بيروت جاءتهم تعليمات جديدة من اللواء ابراهيم بالعودة إلى النقطة المتفاهم عليها إثر تراجع الخاطفين عن مطالبهم واتصالهم مجددًا بالوسيط القطري وإبلاغه استعدادهم للسير بالصفقة من دون تعديلات.

وجاءتحرير راهبات معلولا في سياق سلة متكاملة قضت بإطلاق سراح معتقلات في السجون السورية (أكثر من 150 معتقلًا وفق ابراهيم) وتسليم الخاطفين مبلغ 16 مليون دولار أميركي (الأمر الذي نفاه ابراهيم) تولّت تسديده دولة قطر التي حضر رئيسمخابراتها غانم الكبيسي إلى لبنان منذ ليل السبت.

روّاد مواقع الاتصال الاجتماعي يهنئون ويحلّلون
وكان لهذه الصفقة وقعها الخاصّ على مواقع الاتصال الاجتماعي، فمال الناشطون إلى تقديم التهاني بالإفراج عن الراهبات وإعادة وضع الصلبان على صدورهن بعدما نزعت خلال اختطافهن، معتبرين أن هذه الصفقة أتت لتكلّل زمن الصوم ولتؤكّد على معاني التضحية والاضطهاد في سبيل الله اللذين عاناهما المسيحيون في الشرق منذ آلاف السنين.

وأخذت تعليقات الناشطين منحنى أكثر تحليليًا لهذه الصفقة، ورأى البعض أن ما ساهم في إعطاء قوة دفع للمفاوضات هو أنّ الجيش السوري كان اشترط إطلاق الراهبات خلال 24 ساعة، بالتزامن مع معطيات ميدانيّة في محيط يبرود مكان احتجاز الراهبات، حيث يشنّ عمليّاته العسكريّة مع حزب الله اللبناني، ما دفع المسلحين إلى الموافقة على إبرام صفقة quot;الأمر الواقعquot; كما وصفوها.

في ما استنكر آخرون المعلومات عن إطلاق سراح سجينة عراقية تدعى سجى حميد الدليمي، وهي زوجة مسؤول عراقي في quot;القاعدةquot;، اعتقلتهاالسلطات السورية مع ثلاثة من أطفالها في إحدى العمليات بريف دمشق، خصوصًا أنها ليست من المعتقلات السوريات.

بينما وجد البعض أن الإفراج عن راهبات معلولا المختطفات أبصر النور بسبب تقدّم الجيش السوري وحزب الله في اتجاه يبرود ميدانيًا،ما دفع بجبهة النصرة إلى التنازل عن كثير منشروطها وخفض سقف مطالبها.

في ما رأى آخرون أن قطردخلت خطّ المفاوضات وساهمتماليًا في هذه الصفقةلتقديم ورقة إضافية إلى المحور المعادي لها، ولتقول إنها لم تعد كليًا في الضفة الأخرى بل تريد لعب دور الوسيط.

إلى ذلك،استذكر آخرون سيناريو تحرير المخطوفين اللبنانين في أعزاز سواء من حيث الضغط الميداني الذي شدّ الخناق على الخاطفين أو من حيث دور الأمن العام اللبناني والوسطاء الإقليميين وتفاصيل صفقة التبادل.

أما السؤال الأبرز الذي طرح فكان عنقضية المطرانين المخطوفين، والمصور اللبناني سمير كساب ورفيقه الموريتاني.

أمّا تغريدة النائب اللبناني السابق فارس سعيد عبر حسابه على تويتر فكان لها حصّة كبيرة من التعليقات، وجاء فيها:quot;مع تقديري لجهود الأمن العام اللبناني ورئيسه، لكن هل يمكن أن يشرح لي أحدهم لماذا يتدخّل جهاز لبناني لحلّ أزمة إنسانية داخل سوريا؟ شكرًا أمن عامquot;.الأمر الذي تلاه موجة من السخرية والتنديد بهذا الموقف الذي وجده البعض لا يتماشى مع الفرحة التي تغمر كثير من اللبنانيين والسوريين عمومًا والمسيحيين خصوصًا بمناسبة الإفراج عن راهبات معلولا المختطفات منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي على يد مسلّحين إسلاميين متطرفين. في ما تولّى البعض مهمة الشرح للنائب اللبناني وتذكيره أو إعلامه بأن بعضًا من الراهبات المختطفات يحملن الجنسية اللبنانيّة وتدخّل الطرف اللبناني مشابه لتدخّل الطرف القطري للإفراج عن معتقليه العسكريين.