&كنده الجيوش
&
&
&
&
&
&
&
هي شركة أمنية استخباراتية بامتياز. تتعب قليلاً كصحافي بتعقبها على الإنترنت وللوصول إلى ناطق باسمها. ولكن حالما تتلقى رسالة بالطلب، يكون الرد سريعاً... هي شركة كندية خاصة وأخبارها ملأت العناوين الرئيسة للصحف المحلية والدولية. هدفها متحرك ولكنه اليوم «داعش» وأشباهها. والقيمون عليها لا يعطون الكثير من التفاصيل عن الجهة أو الجهات الداعمة الأساسية. ولكنهم يفصحون أنهم يعملون على تعقب مقاتلين متشددين سواء إسلاميين أو غيرهم باستخدام وسائل الإعلام الحديث.
وفوق كل هذا يعملون على دراسة مواقع التواصل الاجتماعي ويحاولون تحسس نزعة الإرهاب قبل أن تبلغ مرحلة الانضواء تحت ما يسمى راية الجهاد.
وأبعد من ذلك، يشارك خبراء من شركة iBRABO التي كان لها سبق استخباراتي في تحديد أماكن وجود إرهابي نيوزيلندي خلال الاشهر القليلة الماضية ولاحقاً ارهابية كندية وتفاصيل تنقلاتها في سورية والعراق أوائل شباط (فبراير)، في محادثات ونقاشات على الانترنت مع مقاتلين متشددين من مؤيدي «داعش».
واستطاعوا باستعمال الحوار والمنطق وخبير في الشؤون الإسلامية أن يعيدوا الى سبيل الرشد بعض ممن غرر بهم سيل التشدد الذي يستهدف الشبان والشابات من أعمار تراوح بين سن المراهقة ومنتصف العشرينات.
ويكشف جيف ويير، وهو كبير الباحثين في مجال تعقب الإرهابيين واستعمال الإعلام الاجتماعي في ذلك، بعض جوانب آلية العمل في حديث إلى «الحياة»، ولكنه يبقي الجزء الأكبر من التفاصيل سرية. ويقول إن الشركة تركز على البحث بين التجمعات المؤيدة لظاهرة التشدد ومحاولات القضاء عليها في بداياتها قبل أن تتطور.
ويقول: «نعتمد في عملنا على مجموعة من المواصفات والعينات للمجموعات المتشددة والارهابيين، تم جمعها وتصنيفها ومن ثم تحليلها ومحاولة دراسة حالات بعض الأشخاص لنعرف من هم وأين هم وإلى أي مرحلة من مراحل التوجه نحو العنف وصلوا». ويضيف :»نتابع الإرهابيين واستعمالهم للإعلام الجماعي منذ عام 2008. مثلا «القاعدة» استعملت الإعلام الاجتماعي كوسيلة فعالة لحملتها الدعائية وتنظيم الافراد لأنه من السهل تحميل المعلومات على هذه المواقع ونشرها بسرعة من دون كلفة. ولكن سرعان ما تم التنبه إلى ذلك. وأغلقت هذه الصفحات في فايسبوك مثلاً، ويوجد ضغط كبير على تويتر من أجل إغلاق الحسابات التي يفتحها إرهابيون من «داعش» أو مروجون لأعمال عنفية ارهابية».
وتستعمل الشركة منذ عام 2011 الاعلام الاجتماعي لتعقب الذين يسافرون إلى سورية أو المناطق المجاورة بهدف المشاركة في الحرب الدائرة هناك. ويقول ويير أن الشركة هي الثانية من نوعها في العالم، وتقوم الشركة الأخرى في بريطانيا. ويؤكد أن أجهزة الاستخبارات الدولية الكبرى لديها وسائل تعقب متطورة جداً وتستخدم سبلاً متعددة وتقنيات عالية، ومع ذلك لا يمكن الاستغناء عن خدمات شركته التي تعد رديفة لهذه الجهود بفضل تركيزها على البحث في وسائط التواصل الاجتماعي.
وفي أوائل الشهر الجاري تناقلت وسائل الإعلام العالمية سبقا لشركة iBRABO التي تمكنت من تعقب امرأة كندية سافرت والتحقت بـ «داعش». وحددت الشركة أماكن وجودها في الموصل والرقة وتمكنها من دخول مناطق تحت سيطرة النظام في مدينة حلب في شمال سورية، ما يدل على أنها ربما كانت في مهمة استطلاعية. وتوصل الباحثون الى تحديد الأماكن التي جلست فيها وكم من الوقت أمضت وهل تحركت كثيراً أم لا، بالإضافة إلى قرائن أخرى على تحركاتها. وعرفوا كل ذلك من خلال اعتماد مجموعة من الأساليب الاستخباراتية، تشمل ما يسمى «جيوتك» وهو تحديد الموقع الجغرافي الذي يعتمده تويتر في كل مرة كانت تستعمل فيه هذه الوسيلة الاجتماعية. ولكن هذه واحدة فقط من الوسائل المتصلة باستخدام الإعلام الاجتماعي.
ويقول ويير: «نحن اليوم نضع الكثير من المعلومات عن أنفسنا وافكارنا واكلنا ولغتنا ودراستنا وتنقلنا وما نحب وما نكره ومن هم اصدقاؤنا على فايسبوك. هناك الكثير من المحتوى. وهؤلاء الإرهابيون هم أناس في آخر المطاف ويضعون محتوى في لغتهم الأم أحياناً وأحياناً يتحدث أحدهم عن سعادته لأنه وجد نوع الشوكولا المستوردة التي يحبها... وانطلاقاً من هذه المهطيات منها يمكن أن نقدر من أي بلد هو وما شابه...».
ووقع فايسبوك تحت ضغط شديد من أجل إغلاق هذه الصفحات، وفعل ذلك ولا يزال متى تنبه مسؤولو الشركة إلى وجودها سواء من خلال المراقبة الخاصة في فايسبوك أو من خلال الاشخاص الذين يقومون بالتبليغ عن هذه الصفحات. ويشير ويير الي ان فايسبوك متعاون جداً في هذا المجال بينما تأخرت وسائط التواصل الاجتماعي الأخرى في ظل غياب قوانين واضحة تدعو إلى منع هذا النوع من الإعلام. ويوضح أن «فايسبوك أغلق آلاف الصفحات، وفي إحدى المرات منعت صفحة تحمل هذا النوع من المحتوى وأزيلت من فايسبوك على رغم ما يقارب 160 محاولة لإعادة وضعها عليه. وتشير التقديرات إلى وجود نحو 45 ألف حساب على تويتر تروج للعنف، أو أصحابها إما إرهابيون أو متعاطفون معهم حول العالم. ويعمل تويتر اليوم تحت ضغط الدعاية السلبية على حذف بعض هذه الحسابات».
&
يوتيوب
يوتيوب أيضاً استغلته المجموعات الإرهابية حول العالم عبر وضع مقاطع فيديو تروّج لأعمال العنف، لكن الرقابة الخاصة بالموقع تحاول متابعة هذا الأمر وتزيل أشرطة الفيديو المعنية حال التنبه إليها، علماً أنها مثل الأعشاب الضارة تعاود الظهور هنا أو هناك.
ويقول ويير إن العمل والابحاث لديهم تتركز على متابعة وسائل التواصل الاجتماعي والتنبه الى التجمعات أو الجماعات التي تقوم أحياناً بتشجيع أشكال العنف والارهاب. وكذلك يتم التركيز على الاشخاص الذين يبدو عليهم أنهم في مراحل تحول نحو تبني الارهاب أو العنف من خلال المحتوى الذي يضعونه على فايسبوك، مثل صور إعدامات أو قتل أو تعليقات ومداخلات بحوارات يشجع مضمونها على العنف.
ويستدرك: «هناك جانب مهم أيضاً يجب التنبه إليه، ألا وهو التعليم في المدارس. الأطفال والشبان اليافعون معرضون للتغرير بهم من خلال الاعلام الاجتماعي ووسائل التواصل الفردية أو الجماعية التي يوفرها. لذلك أعتقد أنه من المهم أننا كما ننبه أولادنا ونعطيهم دروساً في الصحة الجنسية مثلاً أن نقدم لهم دروس توعية ضد الترويج للعنف والجماعات الإرهابية إلى أعمال العنف ويعطيهم الدليل الديني. وقد نجح في بعض المرات ولكن أحياناً كثيرة يكون الاقتناع بالعنف تطور إلى درجة لا يمكن الرجوع عنها».
وتقول الصحافية الكندية أغنس غرودا التي تتابع بعض المتشددين على تويتر لأهداف إخبارية، إن الإعلام الاجتماعي أصبح وسيلة مهمة وقوية جداً في تجنيد الإرهابيين، من الصعب متابعتها بدقة وتحييد فاعليتها مثلما يحصل عادة مع بعض فضاءات اللقاء الاجتماعي التي تنشر أفكاراً متشددة. وتضيف في تصريح إلى «الحياة»: «أعتقد أن الأشخاص الذين يعملون على تنظيم الارهابيين يستطيعون تحديد الأفراد الضعفاء ومن ثم يمنحونهم إحساساً بأن لهم هدفاً في الحياة ويقوون إحساسهم بأهمية الذات. وبالتأكيد هذه ليست الطريقة الوحيدة لجر الشبان الى التشدد ولكنها فعالة جداً».
&
التعليقات