إعداد كارل كوسا من بيروت: بيروت عبق البحر المتوسط وقبلة العرب والسياح من كل أنحاء العالم لم تعد كذلك في الأيام الأخيرة. عطرها تبدّل، تعكّر، لم تعد تلك الوردة التي تغنى بها الشعراء والأدباء، لبنان بشماله بجنوبه بسهله ببقاعه بمتنه بقلب عاصمته بات حاضنًا لنفايات تطلق "عبقها" نحو منازل لم تعد تحتمل، وباتت تخشى أمراضًا جديدة تضيف إلى مآسيهم الاجتماعية والأمنية معاناة لم يكن البلد مستعدًا لمواجهتها. فجأة أطل عدو جديد يسكن كل أحيائنا، يرفض الرحيل، إنها أكياس النفايات التي باتت جبالًا هؤاؤها "لا يرد الروح"، بل عكس ذلك تمامًا يحول الإنسان مشروع ميت بطيء.

مبادرة شبابية غير حزبية ولا تنظيمية، بل خلفيتها بيئية - اجتماعية، توعوية نقدية، أطلق عبرها خمسة شباب هم نادين جوني، وأمير الفقيه وكريم حوا وعماد بزّي وأسعد ذبيان نداء باسمهم إلى كل من يهمه الأمر، نداء عاجلًا لا يحتمل التسويف والمماطلة، من خلال صفحة أنشأوها على موقع فايسبوك للغاية تحمل عنوان&#طلعت_ريحتكم، وذلك بالتزامن مع طوفان أكياس القمامة التي شهدتها شوارع لبنان كافة منذ 4 أيام، مع إغلاق مطمر للقمامات بعد صرخة أطلقها أهالي المنطقة التي تحتويه.

وإذ حمّلت المبادرة&"الطبقة السياسية الفاسدة" مسؤولية ما آلت إليه الأمور، طالبت بوقف التمديد لها. جاء في بيان الدعوة إلى نشاط الثلاثاء ما يلي: "لأنو طلعت ريحة النوّاب و الوزراء بهالبلد، لأنو طلعت روحنا مع "نظام الفساد"، لأنو نحنا شعب بلا كهرباء ومي وضمان...وحقوقنا كلها "زبالة". نازلين اليوم لنجمّع "الزبالة" اللي حوالينا ونرجعّها عمطرحها الأساسي، عمجلس الوزراء، مطمر الزعماء، التجمّع عند ساحة رياض الصلح، الساعة 7".

"طلعت ريحتكم" عبارة توجهت بها المبادرة إلى كل مسؤول، كل معني عما آلت إليه الأمور والأوضاع كلها بشكل عام، وكانت المبادرة قد نظمت أول أمس الثلاثاء اعتصامًا رمزيًا أمام سراي بيروت الحكومية في العاصمة اللبنانية في السابعة مساء للتنديد وذلك في مشهدية تهدف إلى تفريغ أكياس القمامة في مكان يتحمل أصحابه مسؤولية هذه الأزمة الجديدة، ألا وهو مقر الحكومة".

وفعلًا تجمهر بضع عشرات من الشباب أمام سور السراي الحكومي مجهزين بأكياس مليئة بالقمامة ولافتات تندد بالفساد وإهمال السلطات ولا مبالاتها تجاه هذا الأمر الآخذ في التفاقم مع ما قد يستجلبه من أمراض طارئة مع بدء انتشار روائح تحلل القمامات التي تتوسط المباني السكنية ومقار العمل والمتاجر. سرعان ما انضم ناشطون بيئيون ليشاركوا الشباب وقفتهم التنديدية، منتقدين "فشل الحكومة الجديدة الذريع" في حل قضية النفايات المنزلية المتراكمة في الشوارع وكأننا في خضم حرب.

شكرت الحملة المتضامنين معها ودعت إلى موعد جديد، كما قال أحد أعضائها أمير الفقيه لـ"إيلاف"،&تحدد تفاصيل الخطوات المقبلة&لاحقًا، وذلك بعد جلسة لمجلس الوزراء اللبناني تعقد يوم غد... تصعيدًا أم حلحلة. ومنذ قليل أصدرت تعميمًا بقلم أحد أعضائها (عماد بزي) نيابة عن المنظمين للتحرك جاء فيه: "بالرغم من أن الحكومة قد تأخرت وماطلت طوال الأشهر الماضية بدون مبرر، وتركتنا حتى اللحظة الأخيرة لنواجه هذه الأزمة، سننتظر إلى ما بعد جلسة الحكومة صباح الغد، وفي حال تم إقرار مشروع ملائم للحل سنتريث. أما إذا بقي الأمر على ما هو عليه سنتجه نحو التصعيد وقطع مداخل السراي الحكومية كافة بأكوام النفايات.
&