المرحلة الفاشلة للبرلمان العراقي السابقة انتهت واغلب الظن إن أكثر الذين انظموا داخله و في العملية السياسية متهمون بحق الشعب العراقي امام التاريخ بتهم مختلفة تتراوح مابين تورطهم بجرائم تحريض وارهاب ومابين فساد مالي واداري. ونتمنى ان يسدل التاريخ صفحة سوداء مريرة من عمر بلاد الرافدين مابعد التغييير وان يكون اول قرار يسنه البرلمان الجديد المنتخب هو أقرار قانون يلزم البرلماني أو المسؤول الحكومي مهما كان منصبه السياسي الكشف عن حساباته المالية وممتلكاته في الداخل والخارج علناً وسنوياً امام الشعب اسوة بباقي الدول المتحظرة بصدق وامانه وان لايكون القانون حبراً على ورق وان لايلجـأ المسؤول إ لى استخدام اساليب التورية والخداع للتستر على امواله وان تكون هناك رقابة تتابع التحركات المالية للمسؤولين. يلحق بهذا القانون قرار آ آخر يقضي بعودة البرلمانيين الى وضائفهم الاعتيادية السابقة بعد انقضاء الفترة التشريعية للبرلمان ويطبق قانون التقاعد عليهم اسوة بوظائف الدولة الاعتيادية كما هو حاصل بدول العالم الباقي، اما رواتب البرلمانيين والنفقات الخاصة لهم يجب ان يسن له قانون يعتمد على الكفاءة والخبرة والتحصيل العلمي وبحسب اداءه ونشاطاته الايجابية والمسؤليات الملقاة عليه داخل البرلمان بحيث لايشكل وجوده ثقلا وعبئاَ وان لايتحول العضو الى دمىَ متحركة فقط كما حصل في الدورة السابقة، الى جانب ذلك يعطى لرئيس البرلمان الصلاحية بتوجيه تحذير او الغاء مهام أيّ عضو يخلّ بالشروط المالية أو الادارية والى من لايبدي مشاركة ومساهمة ايجابية. هذا أولاً الامر الثاني هو العمل على تشكيل محكمة فاعلة لاتتأثر بالضغوطات الفئوية والحزبية تختص بمحاسبة من اساء الى الشعب العراقي في الدورة البرلمانية السابقة ومن أهدر امواله ومن تستر على المفسدين وان يكون استرجاع الاموال المسروقة هدف من الاهداف المعمول بها داخل البرلمان الجديد حتى يثبت مصداقيته امام منتخبيه وان يسجل أول نقطة مضيئة من عمر تاريخه التشريعي. في وقت كان قد تعطل مصير الكثير من القرارات المهمة أولها لازال العراق تحت الوصاية الدولية و تحت طائلة البند السابع ولازال هناك من يطالب ببقاء وتمديد بقاء القوات الامريكية ولازال قانون النفط والغاز مجهول ولم يعرف عن القانون الانتخابي ولم يسن قانون الاحزاب وقانون التقاعد والرواتب وكشف حسابات المسؤولين الكبار وقانون الصحفيين اضافة الى ان هناك 55 مادة في الدستور معطلة ولم يصدر بحقها قوانين وقرارارت تشريعية كما انه بقيت فقرات الدستور المختلف عليها دون تعديل كقضية كركوك والمناطق المتنازع عليها وقضية الهوية العراقية وانتماء العراق وقضية الفيدرالية ومستحقات الاكراد من المركز والعقود النفطية في بغداد واقليم كردستان ومصير المصالحة الوطنية ومسألة امكانية تسليح وتأهيل الجيش العراقي لدرء الخطر المحتمل الاتي من وراء الحدود وتعطيل قرار توظيف 115 الف وظيفة بسبب المنافسات الانتخابية بين الكتل ومصير صفقات الاجهزة المستوردة من انكلترا بكلفة 85 مليون دولار الخاصة بآكتشاف السيارات المفخخة والتي قتلت الشعب العراقي وهل تم محا سبة المفسدين و اين هم المتعاقدون لمثل هذه الصفقات ومن هو المسؤول ومن هو المقصر وما مسؤولية رئيس الوزراء اتجاه مثل هذه الصفقات ولماذا لم يتم الاعتذار من الشعب العراقي. هذا وسط غيبة الخدمات من السكن وشحة الماء وتحليته وانعدام الخدمات الصحية التي افتقرت الى ابسط الاحتياحات من ابر الفيتامينات كالبوتاسيوم وغيرها داخل المستشفيات. ومامصير مناهج التعليم الدراسي وأزمة الكهرباء التي ضاق المواطن فيها ذرعاَ والفساد المالي والاداري الحاصل في دوائر الدولة التي لايمكن للمواطن العادي ان يكمل ابسط معاملة رسمية مالم يحتمي بواسطة أوشخصية حكومية لها تأثير ووزن معين في الدولة. ودائماّ يطرح المواطن العادي اين هي المشاريع التي تكلموا عنها كثيرا واين ذهبت الاموال المرصودة لها و أين هي مصانعنا واين هي مزارعنا وهل تم دراسة خاصة لوضع الحلول امام الاختناقات المرورية التي بات المسؤول الحكومي بموكبه الجليل والفخم المسبب الرئيسي فيها. كما يتسائل العراقيون اربع سنوات مضت هل تم فتح مصنع أو مدرسة أو مستشفى أو شارع.

شوارعنا البغداية مليئة بالمزابل والروائح النتنة. عرضوا بلادنا الى النهب والسلب فأستبيحت حدودنا و ارضنا من قبل دول الجوار وسرق ماءنا من الشمال الى الجنوب ونهب نفطنا في فكة وحتى مراقدنا المقدسة تحولت الى مقرات من المخابرات الاقليمية من دول الجوار تحمل اسماءاً خدمية ووهمية في كربلاء والنجف والكاظمية ومناطق عراقية اخرى وانا هنا لست بصدد ذكر المجرمين والارهابيين والذين انضموا تحت قبة البرلمان السابق فهؤلاء تكفيهم هوياتهم ولايحتاج الواحد منا ان يخوض الاعماق ليكتشف من هم حتى نتطرق لسيرتهم المشبوهة والاجرامية لكن نحن نوجه السؤال الى من اعتبروا انفسهم الوطنيين والمتدينين و الحريصين على شرعية وامانة قيمة الدينار العراقي كيف صرف واين صرف؟ اربع سنوات مضت ظلم العراقيون فيها بأشخاص بعيدين كل البعد عن النزاهة وبعيدين عن فنون اللعبة السياسية فذاك الذي كان حداداَ والاخر كان صاحب مطعم وغيره روزخون لم يتعلم الاّ فن الصعود على المنابر التي تحولت في الزمن المعاصر الى مهنة تجارية.

هؤلاء كانوا فنانون بكلام اللف والدوران وتطبيق اسلوب التورية في الكذب. ليس الضير ان يكون حدادا او عاملا او فلاحاَ فرئيسة وزراء انكلترا مارغرت تاتشر الحاصلة على شهادة الباكالوريوس في علم الكيمياء ثم درست القانون والقضاء كانت تنتمي الى ابوين فقيرين جداً ووالدها كان بقالا حتى قيل ان ملكة بريطانيا كانت تتعالى ان تتكلم معها لكن البروتوكول الرسمي بضرورة رفع الحكومة تقريرها الشهري امام الملكة يحتم عليها ذلك الجلوس معها. تاتشر عملت كثيرا وتحدت كثيرا وهي الفقيرة المنتمية الى حزب شبه محجوز الى اصحاب الثروات وابناء الثراء البرجوازي حتى اواسط السبعينات لكنها استطاعت ان توصل نفسها بعد جهدٍ حثيث الى هذا المنصب كرئيسة وزراء وزعيمة حزب المحافظين واستطاعت ان تحول بلادها المنهارة اقتصادياً وقتها من دولة تعتمد على عمال مناجم الفحم وسط اضراباتهم المتكررة ومشاكلهم المتعددة الى دولة تعتمد على قطاع البنوك والاستثمار الخارجي حتى سميت فترة تاتشر الانتقالية بالفترة التاتشرية والمرأة الحديدية تحدت تاتشر من امامها للنهوض ببلادها بعلمها واخلاصها للبلد وحرصها على المهنة.


ليس العيب بالمهنة أو العوز أو الفقر. العيب عندما يقحم السياسي العراقي نفسه بكل العلوم المنزلة في الكون ويتصدى لكل العلوم ويعقد الصفقات التجارية الخاصة في كل المجالات ويتفاوض في علوم السياسة والاقتصاد والثقافة والطب والهندسة والتخطيط وادارة الاعمال والرياضة اضافة الى ذلك فهو يتشدق بالدين وكأنه ملكاً انزله الله في الارض ليدير شؤون الامة العراقية المظلومة من وراء اسوار المنطقة الخضراء. هؤلاء جاءوا على غفلة من الزمن المريض تنصبوا علينا وخدعونا بحجج الدين والدين منهم براء هؤلاء تلطخت ايديهم بسرقة اموال العراق وثرواته و اوصلوا بلاد الرافدين الى ادنى مستوى من الفساد المالي والاداري وحولوا العراق الى اخطر وافسد دولة على خارطة الكرة الارضية ونحن نتجول في شوارع بغداد لم نرى امامنا سوى الخرائب والشوارع المتهرئة و الابنية القديمة واكوام المزابل المكدسة، ويتمنى الشعب العراقي ان يؤسس البرلمان العراقي الجديد محكمة تجتث كل من غدر بالشعب ومن تلاعب بامواله وهدر ثرواته ومن تستر لهؤلاء بشكل حازم، مرة اخرى اريد ان اقارن نزاهة البرلمان الانكليزي مع البرلمانيين المتدينين في عراقنا الحبيب وانا اقارن دائماً بما يجري في انكلترة كوني اعيش فيها منذ عشرين سنة ( لقد اكتشِفَ قبل اشهر من السنة الماضية ان البعض من اعضاء البرلمان الانكليزي وعددهم لايتجاوز الستتة اعضاء قد استغل صرف قسم من النفقات المخصصة صرفها في مجال ضرورات المهنة داخل مكتبه الرسمي قد تم صرف القسم منها لحساباته الخاصة من تجديد داره او صرف المبالغ لقضاء سفرات سياحية او دفع اقساط الديون العقارية لشراء بيت آخر ). ثار ثائرة الاعلام الانكليزي وبقي يتكلم عن هذه الفضائح كما اسموها لأشهر عديدة مما اثرت على مصداقية حكومة كوردن براون بشكل واضح علما ان البرلمانيين المتورطين بهذه الاعمال أجبروا على اعادة الاموال التي لم تكن تتراوح قيمتها لكل حالة مابين 4000 باوند الى 150 باوند فقط وهم الان في حالة انتظار قرار المحكمة التي ستحكم عليهم في قانونية صرف الاموال المهدورة لهذه القضية التي شكلت في وقتها حديث الساعة من الدولة والاعلام معاً ). وبمناسبة صرف الاموال سخر الاعلام الانكليزي يوماً من رئيس الوزراء توني بلير في ذلك الوقت لان زوجته المحامية الشهيرة شيري هي التي تمتلك داراً بسعر ثلاث مليون باوند مسجلة بإسمها في حين لم يستطع توني بلير طيلة فترة رئاسته كلها ان يشتري دارا مخصصاً بإسمه في الوقت الذي سجل اولاد وزوجات المسؤلين العراقيين فللاَ وعمارات بأسماءهم في الخارج.

هولاء تعتبرهم نحن رافعي شعارات الدين والاخلاق وكل القيم السماوية التي انزلها الله على البشر ( بالامة الكافرة والمنحرفة التي لاتقيد اعمالها بمفاهيم وبمباديء الدين ولاتعتبرها حاجزاَ امامها ).
لكن الذي يقيد نزاهتهم هو الضمير والحب الى اوطانهم وشعورهم بتحمل المسؤولية والواجب الاخلاقي امام شعبهم.
اما المستويات لبعض البرلمانيين القدماء فلابد للتاريخ ان يبقى شاخصاً لذكراهم بالتقييم.

اربعة اعوام مضت قيمنا فيها مستويات اعضاء البرلمان السابق. البعض من هولاء لم يسمع له صوت حتى ختام الدورة التتشريعيةالمنتهية في حين تميز البعض الاخر بصوت عالي في البرلمان للدفاع عن كتلهم أو احزابهم ولانلومهم بهذا الحماس في الدفاع لاجل استمرارية البقاء في مناصبهم مادامت الامتيازات فاقت كل الاعتبارات ومادام هناك من يتستر عليهم.ومادام هناك توافقات حتى بالصفقات وسرقاتها السرية منها والعلنية. وانا هنا اراهن لوقرر لعضو البرلمان العراقي راتب لايتعدى الثلاث ملايين دينار شهرياَ لما بقي احد داخل هذه القبة المسكينة الاّ الثلة المخلصة.

لابد من المرور على بعض ذكريات ومستويات بعض البرلمانيون للدورة السابقة ليبقى التاريخ شاهدا على مستوياتهم وان يحكم القاريء على تلك المستويات ففي احدى الندوات الفضائية الخاصة بالحملات الانتخابية للمرشحيىن وبالذات على قناة الحرة وجه سؤال من قبل مقدم البرنامج الى المرشح التركماني المعروف بدفاعه المستميت بشكل يلفت الانتباه عن قائمة دولة القانون وعن توقعاته في حضوضها بالفوز وانا لست ضد من يدافع عن أيّ قائمة يعتبرها الافضل لكن اعتراضي على طريقة الدفاع الاعمى ونحن العراقيين كلنا على درايه انه لاوجود في العراق لقائمة مثالية 100% والكل يعلم ان الأئتلافات التي حصلت داخل القوائم الكبيرة لم تأتي عن اخلاص وطني نزيه بقدر ماكانت الائتلافات تنوي الاستفادة المصالح والمنافع الذاتية من وراء هذا الالتفاف الحاصل أي بالمعنى لايمكن ان ننزه قائمة بشكل مطلق أو نعيب على قائمة بشكل مطلق أيضاَ.

ارجع الى السؤال الذي وجهه مدير برنامج الحرة الى النائب في ائتلاف دولة القانون وعن توقعاته في حضوض تلك القائمة بالفوز. اضحكني الجواب كثيرا واستغربت عندما اجاب بآنفعال حاد ( سييأس اللذين كفروا من دينكم بعد 7 آذار ). النائب بجوابه المنفعل والمتأزم يكون قد حسم النصر مقدماّ لاائتلاف دولة القانون وهو حر في توقعاته المسبقة لكن السؤال كيف يكفر كل القوائم الباقية وبأي حق يعبر ضمناً ان من لم يصوت لقائمة دولة القانون هو كافر. لااريد ان اعلق على هذه الكلمات التاريخية والمأثورة وسأترك للقاريء التعليق.

اما المرشح الاخر من دولة القانون ايضاَ الشيخ الفلاني سأله معد البرنامج في فضائية الفيحاء العراقية وكان الشيخ يقضي ايامه في لندن وسأله عن رأيه بتجاوز ايران لحقول وآبار فكة النفطية ورفعها العلم الايراني ( مع التأكيد ان كل الدول الاقليمية تتجاوز على الارض العراقية بماءه ونفطه وحدوده) لكن الشيخ كشف عن انتماءه وولاءه وهو يجيب جواباَ بائساَ وساذجاً روزخونياَ مستخفاَ بأصل الموضوع كله من الناحية الاقتصادية قائلا ( ايران دولة شيعية تصلي على التربه نستطيع ان نبيع لها تربة الحسين لنجني عوائد للعراق اكثر من العوائد النفطية لحقول فكة. ) لاادري هل حسب الشيخ حساباته الخاصة وهل شكل معادلة رياضية اطرافها عوائد النفط والتربة ليحتسب أي الطرفين سيعلو على الطرف الاخر بعوائد مالية واستنتج أخيراَ ان عوائد تربة الصلاة اكثر ريعاَ على الاقتصاد العراقي ثم هل وضع في باله ان عائدات النفط العراقية ارتفعت قيمتها خلال الشهر الماضي ب300 مليون دولار وهل يعلم ان سعر برميل النفط ارتفع خلال الشهر الماضي الى 73،39 دولار، مقابل 94.71 دولار في الشهر السابق. اترك للقاريء التعليق ايضاَ.

مثال آخر لمرشح آخر لكن هذه المرة ليس من قائمة دولة القانون وانما من الائتلاف الوطني وفي ندوة تلفزيونية حول الانتخابات العراقية سأل مدير البرنامج احد السادة المعممين مايميز قائمته عن باقي القوائم ببرامج العمل المهيئة للشعب العراقي اجاب ( لكل قائمة نكهتها ونكهة الائتلاف الوطني هوخدمة المواطن ) مما رد عليه معد البرنامج قائلا له ( لم تأتني بشيء جديد ومن الذي لايدعي انه يريد ان لا يخدم المواطن ليتك جئتني بشيء آخر). ايضاً اترك للقاريء التعليق.
بجانب آخر كنت اتمنى على السيد المالكي رغم وجود بعض الاخطاء والقرارات الفورية التي اتخذها في فترة حكمه وخاصة في الفترة التي سبقت العملية الانتخابية لو استطاع الانفراد بقائمة خاصة بأسمه مجردة من كل الانتماءات الحزبية لأرتفعت حضوظه بشكل متميز وملفت قياساَ الى القوائم الاخرى ولكان بمقدوره ان يشكل الحكومة برغبته ومن دون اي تحالفات مع قوائم اخرى.

الكثير من يعتقد ان حصل وافرزت نتائج الانتخابات ممثلين بهذه الشاكلة فلك العون ياعراق والغوث كل الغوث لك.
رغم ان هناك رغبة كبيرة من قبل بعض الشخصيات الجديدة بتغيير الوضع وحصول متغيرات واسعة داخل البلد لكن الكثير من المراقبين ومنهم الامريكان من يشكك في القدرة المتاحة لجلب الامن والاستقرار في هذا الوقت ويعتقد ان العراق سيبقى يعاني الامراض المستعصية والمزمنة وسيبقى جرحه نازفاً لفترة ليست قصيرة. أعانك الله ياعراق.