تسارع التطور التكنلوجي بتأثير العولمة، تطورا كبيرا، وانعكس تأثيره في كل جوانب الحياة، فتراجع الفن وانقلبت الكثير من المفاهيم، وامتلك الكثيرون حريات واسعة في التعبير عن انفسهم، وفي نقد الآخر، فما هي العولمة؟
عبر المتابعون أنها منظومة متكاملة يرتبط فيها السياسي بالاقتصادي والجانبان يتكاملان مع الجوانب الاجتماعية والثقافية.


أما مفهوم التكنلوجيا فيعني: الأدوات والوسائل التي تستخدم لأغراض عملية تطبيقية والتي يستعين بها الإنسان في عمله لاكمال قواه وقدراته وتلبية حاجاته في إطار ظروفه الاجتماعية ومرحلته التاريخية الخاصة.
مقدمة:
عاش الأدب العربي الحديث فترة طويلة منغلقا على نفسه،لايعرفه الا القراء العرب، وعانى اهمالا عالميا متعمدا،على مستوى القراءة والاطلاع،وعلى مستوى التقديم والاحتفاء،وكان هذا الاهمال لسببين أولهما تقصير العرب في ترجمة آدابهم الى اللغات المختلفة،وتكاسلهم في تعريف الشعوب بالعناصر الابداعية والانسانية في الأدب العربي، وثانيهما دونية النظرة الغربية الى الأدب العربي وهو موقف مبني عى نظرة استعمارية، تجعل الثقافة والأدب في علاقة مطردة مع الوضع السياسي والاقتصادي، المتدني للدول العربية وتجلى ذلك في فوز أديب عربي واحد بجائزة نوبل للاداب وهو نجيب محفوظ، رعم كثرة النتاجات الادبية العربية المميزة،،

النشر الالكتروني وتأثيراته
أن العلاقة بين الإنترنت والفنون الإبداعية قد كان لها النتائج المذهلة، من حيث التأثير والتأثّر، يكون الصراع بين القديم والجديد وتستمر حدته فترة طويلة، وتكون النتيجة لصالح الجديد، وهذه هي معركة الحياة يكون الانتصار للجديد، وإن كان لكل شيء خاصيته التي تجعل منه عنصراً مستمراً من حيث الفائدة والمتعة، فقد بقي المذياع بعد نصف قرن أو أكثر من انطلاقه في ديارنا، يحظى بجمهوره وبفائدته وبدوره عند بعض الناس وفقاً لطبيعة عملهم، بحيث لا يستطيعون في ميدان عملهم استحضار أي جهاز آخر، او انهم يفضلونه على الثقافية والاعلامية الاخرى مثل التلفاز.


استمرت معاناة الأدباء كثيرا من صعوبة النشر، الصحافة الورقية تقتصر على نشر كتابات الأقلام المعروفة، وكتابات الشباب تظل مهملة، يرسلها الكاتب بواسطة البريد العادي، ويظل ينتظر جواب محرر الصفحة الثقافية، الذي قد يطلع على مضمون الرسائل الكثيرة،التي تصله ان كان مثقفا يتميز بالحرص على المستوى الفني والفكري للكتابات،او انه يتخلى عن فكرة قراءة كل ما تجود به رسائل البريد من كتابات أدبية لأشخاص ظلوا يحلمون ان يصل ما أبدعوه الى القراء فيعمد الى رميها في أقرب سلة للمهملات، ولأن المرأة تكون معاناتها أكثر بكثير من معاناة الرجل، في مجتمعاتنا العربية التي تهمش النساء وتجعلهن يفكرن بنفس الطريقة، التي يفكر بها الرجل ويكتبن نفس افكاره ويعبرن عن عواطفه التي من المنطقي جدا، أن تختلف كثيرا عن عواطفهن الحقيقية، وحين اهتدى الانسان الى الانترنت زالت الكثير من الصعوبات التي اعترضت طريق الكتابات، واصبح الانسان حرا في التعبير عن نفسه ونقل تجربته الابداعية، بالشكل الذي يرتأيه، فظهرت لنا أسماء عديدة استطاعت أن تنشر نتاجاتها في مختلف أنواع الكتابة الشعرية منها والنثرية، وتمتع الكتاب بحرية واسعة وزالت الموانع التي كثيرا ما كبلت أقلام الأدباء، فتم تناول المسكون عنه وتعرية الظلم والازدواجية في المفاهيم، ودخلت الكتابات الى المنطقة التي كانت محظورة، وتجاوزت التقاليد المحلية، واستطاعت الكاتبات ان يتمتعن بحرية واسعة في البوح، ان كان حادثا نتيجة تجربة شخصية،او ما ترويه لهم الصديقات، او نتيجة الحرية التي نالتها القدرة التخيلية، وحين أتذكر قصة الحب الطويلة بين جبران ومي زيادة وكيف انهما لم يلتقيا، ودام الحب بينهما عن طريق الرئائل البريدية،افكر بالثورة الكبيرة التي أحدثتها التكنلوجيا، فقد اصبح بامكان أي شخص سواء كان رجلا او امرأة ان يحدث الآخر بلواعج قلبه، وبرغبته بالوصال الذي أصبح من الامور المألوفة جدا، ولم يعد شيئا يثير الاستغراب او يدعو الى الانتقاد، أصبحت المرأة تتخذ الخطوة الأولى، في التعبير عن عواطفها نحو رجل معين يثير اعجابها،مهما كانت المسافات بينهما طويلة جدا، اصبح الاتصال بالصوت والصورة ممكنا، كل هذا استطاعت المبدعة اللعربية ان توظفه في كتاباتها، الجنس لم يعد حكرا على الرجل، استطاعت المراة العربية ان تصل الى المناطق النائية وتعبر عن المسكوت عنه.


ثورة في الشكل والمضمون

جاءت العولمة فأدخلت أشكالا أدبية جديدة، لم نكن نعرفها من قبل وما زال النقاد والمتابعون يختلفون حولها، مثل القصة القصيرة جدا، والتي يرى الكثير من المتابعين انها جنس دخيل لايتوفر على المقومات الفنية التي يمكنها ان تجعل من اللون الكتابي، جنسا ادبيا عالي الجودة، فما هي دواعي هذا النوع من الفن ؟ ولماذا وجدنا الكثير من كتاب القصة،يفضلون الكتابة في فن، تباينت فيه الأحكام واختلفت بشأنه الآراء ؟ أليس كل فن هو نتيجة حتمية، لصراع بين القديم والجديد، وحوار كبير متواصل بين أنصار هذا الفن،ومع من يناقضهم في الاهتمامات، ووجهات النظر، أليس كل علم جديد وفن وليد،هو نتيجة عدة عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية، ألا تنطلق الحداثة من عوامل ذاتية،في نفس المبدع وأخرى موضوعية فيما يحيط به من عوامل سياسة واجتماع واقتصاد ؟،،
ولكن لماذا انتشر هذا الفن في عالمنا العربي ؟ وأقبل الناس على قراءته والاطلاع على مجموعاته، وحضور مهرجاناته، هل لأن العصر يتميز بالسرعة ؟ ام لأن فن القصة القصيرة جدا انتشر في الغرب نتيجة ثورة التكنولوجيا، ولاننا أصبحنا نعيش في قرية صغيرة، نتأثر بكل حدث يجري بالعالم، كتب الكثيرون عندنا القصة القصيرة جدا.

الهاتف المحمول
وصل الهاتف المحمول فقرب المسافات، وأضحى من الضرورات التي لايمكن الاستغناء عنها، اي شيء تريد يكون الهاتف قادرا على حله لك، وكانت الرسائل المتبادلة بين الأصدقاء والمعارف، بواسطة الهاتف تذلل الكثير من الصعوبات، وتعبر على الاشتياق والعواطف والرغبة في اللقاء،،
وبالاضافة الى رسائل الأصدقاء انتشرت في أميركا قبل سنوات قصائد الموبايل التي راجت بين الشباب ولم يفكروا بقيمتها الفنية، وظهرت في اليابان رواية الموبايل، التي حازت على أعلى نسبة في المبيعات، وبيعت الواحدة منها الاف النسخ، ولكن النقاد هاجمها لانها تضر باللغة وندمر البنية الروائية.


تأثير التكنلوجيا
فهل نستطيع أن نتوقع عملا أدبياً عربياً شاركت التكنولوجيا في خلقه؟ سؤال يمكننا ان نجيب عنه بسهولة، فقد ادخلت اجهزة الحاسوب المنوعة الثابتة والمحمولة الى بلداننا العربية، واستطاع الكثير من ادبائنا ومبدعينا ان يستغلوا تلك الاجهزة المتطورة سهولة كتابة القصص القصيرة جدا، الا ان النقاد المختصين اجمعوا ان هذا اللون من الكتابات عسير جدا ولا يمكن ان ينجح فيه الا الموهوبون الذين بذلوا الجهد والارادة في تطوير ابداعهم وصقل موهبتهم، وبالاضافة الى النصوص القصصية القصيرة جدا، فان ثورة التكنلوجيا لم تكن بعيدة عن القصيدة العربية، سواء كانت قصيدة تفعيلة او نثرية استطاعت ان تحافظ على الشروط الفنية للقصيدة النثرية من رمز وكثافة لغة وانتقاء كلمات وصورفي تطوير ابداعهم، فأخذوا يكتبون نصوصا قصيرة جدا لامكان للزوائد فيها، وتكون كل كلمة في المكان المناسب ولا يمكن حذفها اذ انها تؤدي وظيفة في البناء الفني للنصوص ومهما قيل في القيمة الفنية.


بعض القراء يرى ان الأدب المكتوب على الاجهزة الالكترونية،لايتوفر على العناصر الفنية التي يمكن بواسطتها ان نطلق كلمة الابداع على الكتابات سواء كانت نثرا ام شعرا، وارى ان هذا القول لايعدو ان يكون محاربة للجديد الذي عرف بها بعض المتابعين، فما الفرق ان كنا نكتب ما يجول في دواخلنا على الورق ام على الحاسوب ؟ أليس الحاسوب يمنح للكاتب حرية أوسع في انتقاء الألفاظ والتصحيح والمراجعة ؟ فيعمد الى حذف بعض الكلمات وكتابة أخرى يجد انها أقدر من غيرها،على التعبير عما يريد من معان، فذائقة القراء العرب ليست كلها تقليدية، وهناك مجموعة كبيرة من القراء والمبدعين ايضا تجد سعادتها ورضاها في التعامل مع التقنيات الحديثة
وان كانت بلداننا العربية ومجتمعاتنا لم تساهم في ابتكار هذه الأجهزة واستخدامها كما فعلت الأمم المتطورة مثل الصين واليابان، فانه ليس من المناسب ان نحكم على الجميع انهم لايتقبلون الجديد.


أوجد استخدام النت العديد من المنتديات العربية والموافع الالكترونية استطاعت ان تخلق ادبا جميلا بدأ بعض الكتاب بكتابات بسيطة كأي مبتديء ثم استطاعوا تطوير ادواتهم الفنية بعد التفاعل مع القراء والاستماع الى ارائهم فيما يكتبون، كما ان الردود السريعة على الكتابات جعلت الكاتب يمتلك الشجاعة ويقبل على التعبير عن رأيه الشخصي فيما يقرأ بكل حرية.


ما هي حدود تعاملك مع هاتفك الجوال او حاسوبك المحمول فيما يتعلق بالإبداع؟ وماذا تفعل عندما تلح عليك الفكرة لتجسدها في قصة او تعبر عنها في قصيدة ؟ ماذا تفعل ان داهمتك الفكرة وانت خارج منزلك ؟هل تتجاهلها ام تكتب ملخصا عنها ؟ حتى تصل إلى المنزل وتنقلها، لقد أصبح الحاسوب عنصراً أساسياً في صناعة الابداع أدبا ام فنا ممكن ان نكتب اي نص على الجوال ذي النوع المتطور وتعاد الكتابة على الحاسوب، ان عاد المبدع الى المنزل،،، فهل يعني هذا أن الإبداع في هذه الحالة سيكون حكرا على شريحة ثرية وقادرة على التعامل مع تكنولوجيا أكثر تطورا، وقادرة على الحصول على هاتف محمول يمكنه كتابة كل حرف فيه بسهولة، فلا يضيع الكاتب وقته بالبحث عن الحروف، وينسى التعبير عن الفكرة، يمكننا ان نجيب عن هذا الاستفسار بانه لم يعد هناك فرق كبير بين حجم الهاتف المتطور والحاسوب المحمول، وان أثمان الحاسوب المحمول قد انخفضت، وأصبح بامكان الكتاب والأدباء أن يضمنوا جمال كتاباتهم.


ولم تعد التكنلوجيا تفرض معايير جديدة على العمل الأدبي، بحيث يصبح أقصر مثلا، فيودي بفنية العمل الابداعي، فأن طول العمل أو قصره ليست مرتبطة بإمكانيات الجهاز، فبعض أعظم القصص القصيرة جدا لا تتجاوز كلمات قليلة، ونجاح الكتابة وفنيتها تحددها موهبة الكاتب ومرانه وطول خبرته واجتهاده في التعبير عن ابداعه الى جمهور متابع ومحب، ومهما قيل عن الاستعانة بالتطور التكنلوجي، فاننا ككتاب عرب او ناطقين بالعربية ما زلنا في بداية الطريق، فما زال الكتاب المطبوع يستأثر باهتمام القاريء والكاتب معا، ولم نصل بعد الى ما وصلت اليه الدول المتقدمة من جعل التقنية شريكا في الابداع، ومعظم كتابنا الكبار يجمعون بين النوعين من الكتابة الورقية والنتية، رغم ان الكثير من الأعمال الادبية صدرت الكترونيا وبشكل جميل جدا مع صور خلابة،توضح أحداث العمل الأادبي، وهناك مواقع عربية متخصصة في اصدار الأعمال الادبية الكترونيا كما يفعل منتدى مطر المغربي، وملتقى الصداقة الفلسطيني اللذين أصدرا أروع الاعمال لكبار الكتاب العرب من مختلف الأجناس الادبية قصة ورواية ومقالة ونقد أدبي، فقد اصدر منتدى مطر الكثير من الاصدارات لكاتبات عربيات، ومن بينها رواية لي عنوانها ( العرس ) تتحدث عن المسكوت عنه كما اصدرت لي ملتقيات الصداقة مجموعة قصص، ولا تقتصر أعمال المنتديات على الاصدارات القصصية والروائية، وانما ساهم بعضها في ترجمة الاعمال الادبية الى اللغات العالمية، ساهم منتدى مطر المغربي في ترجمة الكثير من القصص القصيرة جدا الى اللغة الفرنسية للعديد من القاصين والقاصات العرب والمغاربة ا، وبعض قصصي القصيرة جدا ترجمت الى اللغة الفرنسية وسوف تجمع القصص المترجمة في كتاب،كما ساهم النت قي صدور اعمال روائية مشتركة بين مبدعيين عربيين قد يعيشان في بلدان بعيدة واذكر بعض الأمثلة على الأعمال الأادبية المشتركة رواية ( الزمن الحافي) صدرت عام 2007 مشاركة بيني وبين الاديب العراقي (سلام نوري) وتتحدث عن الشعب العراقي بعد تغيير النظام عام 2003 وتدافع عن الشعب العراقي الذي بقي يعاني الكثير طيلة عقود، ولم ينج من تلك المعاناة حتى ايامنا هذه،نشرت روايتنا المشتركة في الكثير من المواقع العربية النتية وطبعت في بغداد، ووزعت وكتب عنها النقاد، الذين وجدوا اننا تأثرنا باعمال الكاتب المغربي ( محمد شكري) كما أصدر المبدعان غريب عسقلاني من فلسطين وهناء القاضي من العراق اعمالا مشتركة، كان غريب عسقلاني يكتب النص ويرسله الى هناء القاضي لتكمله وأصبح لهما كتابان مشتركان نشراه في العديد من المواقع من ضمنها مركز النور العراقي الذي يكتب فيه المبدعون العرب والمبدعات من كل الاقطار العربية، كما أثر التطور التكنولوجي وتعرف الكاتبات العربيات والكتاب على بعضهم بواسطة المواقع النتية ان تحدث المهرجانات الادبية الكثيرة الشعرية والنثرية، وقد حدثت العديد من الملتقيات والتي تهتم بفن القصة او فن الشعر، او بالادب بنوعيه مما ساهم في تنشيط الحركة الادبية.


ولادة أجناس أدبية جديدة

حدثت تطورات كثيرة في دنيا الأدب نتيجة ثورة المعلومات والتطور الهائل في التكنلوجيا، أصبحت الأجناس الادبية متداخلة مع بعضها، يمكن ان تكون القصة القصيرة متشابهة مع القصيدة، والعكس صحيح ايضا، قال بعض النقاد ان اجناسا أدبية ولدت ولم تكن موجودة مثل القصة القصيرة جدا، ويمكن أن نرد على رأيهم بان القصة القصيرة جدا،كانت موجودة ولكنها لم تكن واسعة الانتشار كما يحدث هذه الأيام، وان التطور التكنولوجي جعل الكثير من الكتاب يستسهل الكتابة في هذا اللون الادبي، وان كان اغلب ما كتب في هذا الجنس الأدبي يخلو من شروط الابداع، ومن توفر الناحية الفنية، الا ان بعضها وكما يرى النقاد ناجحة شكلا ومضمونا، فيصبح من غير الانصاف ان يجري التعميم الذي لايصح ابدا في القضايا الأدبية او الفنية، وان كانت الأجناس الادبية قد تداخلت وظهرت الروايات القصيرة، فهل اثر التطور التكنلوجي على تراجع اجناس اخرى ؟
البعض من الباحثين تنبئوا بموت الرواية، وقالوا ان الرواية لاتتلاءم مع الواقعي وانها العصور القديمة، والرد على هذا الزعم ان الملاحم تنتشر في عصور بدائية الجنس البشري، وان اقدم ملحمة في التاريخ هي جلجامش وكانت في القرن العشرين قبل الميلاد، والملحمة تختلف اختلافا جذريا عن الروايات لان الأولى تتحدث عن مجتمع تتعدد فيه الالهة، وتقوم تلك الالهة بما يقوم به البشر عادة من كره وحب وعدوان وحقد وهجوم على الأخر واشعال نيران الحروب، ومهما قيل عن الواقعية المنتصرة في الأدب، فانه لايمكن للابداع ان يكون بعيدا عن المتخيل، الذي يكبر مما يستمده المبدعون من واقعهم المتغير، ان هذا الادعاء مردود، لان الرواية العربية تعيش ازهى عصورها، وانه لاجنس أدبي او فني سوف يموت لصفاته الابداعية، فما دام الابداع حائزا على صفات الفن والجمال، فانه سوف يعيش، وان ولدت ألوان أخرى سوف تختفي، كما اختفت الملاحم التي كانت معروفة في لانعرفها الان، لان من طبيعة البشر انهم يعملون دائما على التغيير، فقد زعم البعض ان القصيدة العمودية سوف تموت، ونحن نشهد مئات القصائد التي يتم الاهتمام بها، وهذا يبين لنا ان الاجناس الادبية يمكن ان تعيش مع بعضها البعض، واننا يمكن ان نحب الشعر بمختلف ألوانه ونحب القصة والرواية والخاطرة والمسرحية، والرسالة والنقد الادبي في نفس الوقت، وان كان الشعر قديما هو المسيطر على الألوان الأدبية الاخرى واطلق عليه ديوان العرب،لأنه اسرع حفظا من النثر، فان عصرنا المتطور لايمكن ان يدع جنسا واحدا يغلب الاجناس الاخرى، المهم هو الجمال والقدرة على التعبير والمهارة في استخدام الكلمة الموحية، التي تنقل ما يشعر به الكاتب الى القاريء وتجعل هذا الأخير مقتنعا بصحة ما يقرأ من آراء،،ومن الممكن ان نقول ان الاجناس الادبية القديمة الأشكال والأفكار أيضا، سوف تموت لان العالم يتطور، وليس من المناسب ان نجد نفس الطريقة التي استعلمت منذ عصر ما قبل الاسلام موجودة الى يومنا هذا، فان النجاح يحالف الجديد دوما رغم الصعوبات التي تعترض طريق التجديد في بداية المراحل
، ويمكننا أن نقول ان كل جنس أدبي لابد ان يتجدد، وانه اذا بقي يسير على ونتيجة ذلك الانتهاء فان الأدب لابد ان يخسر ويتراجع لأنه يقوم علة ملكة الخيال، لكن الحقيقة ان الواقعية هي التي تمسك بالتاريخ والرمز وقدرة التخييل نفس الطريقة السابقة ويعبر عن عين الافكار التي تركها الزمن فانه حتما سيموت، فموت اي جنس ادبي بشكله الكلاسيكي أمر محتم، ومنذ أن أصبح الكومبيوتر الأداة الأساسية للكتابة بالنسبة لأغلب الكتاب ازدادت التنبؤات بمستقبل جديد للأدب، وتقوم التنبؤات على فكرة مفادها: ان اي أدب بالشكل الذي اعتدناه وصل الى نهايته، البعض يقول ان القدرة على التخيل انتهت.


إذن، هل الآداب اليوم بأحسن حالاتها؟ الجواب يمكن ان يكون بالايجاب ان توفر الوعي المناسب للحكم على العمل الادبي او لصالحه، فليس كل ما يكتب أدبا جميلا مميزا، وان كنا قد كسبنا من العولمة ان كاتباتنا العربيات أصبحن اكثر شجاعة وقدرة على التعبير عن حقيقة ما كن يخبئنه داخل النفس من عواطف وأفكار، فانه يمكن ان نثق بقدرة قارئنا ونقادنا على الحكم بانصاف، وان ما يجعل الكاتبة العربية تتميز هو الشجاعة الكاملة في التعبير عن الرأي والموقف من أحداث الحياة التي تجري من حولنا ولا بد ان يكون لنا موقفنا الخاص منها لقد أصبحت المطابع الورقية تقوم بنشر ما سبق للكاتبات من نشره في المدونات وفي المواقع الالكترونية مما يجعل جمهور النت يقبل على اقتناء الكتب عند صدورها، وان المهم بالنسبة للكاتبة ان يتفاعل القاريء معها.

وانها استطاعت أن تنقذ نفسها من الازدواجية التي يعاني منها الكثيرون، حيث يتحدثون بلغة ويفكرون بلغة ويكتبون بلغة، انما اصبحت تمتلك الشجاعة لتظهر بمثل ما تبطن.