تطلع العراقيون بلهفة وأمل للانتخابات التي جرت في آذار الماضي عل نتائجها تحقق لهم الفرج والخلاص وتخرجهم من المحنة الطويلة التي عاشوها،وتأتي لهم بحكومة وبرلمان قادرين على تحقيق المشروع التاريخي الكبير المؤمل:توطد الأمن والاستقرار،وتصفية الفساد وبناء اقتصاد مزدهر متين،واستثمار عقلاني لموارد النفط الكبيرة،وإقامة شبكة خدمات ضرورية واسعة تنقل العراق من عصور التخلف إلى عصر الحضارة! أي بناء الدولة المدنية الديمقراطية،دولة المواطنة والضمانات وحقوق الإنسان.وكما هو معروف، لم تكن النتائج حاسمة ومفضية إلى تشكيل حكومة أغلبية انتخابية بسهولة ويسر،ومع ذلك كان يمكن تخطي ذلك لتحقيق حكومة تستقطب كافة فئات الشعب وقواه المعنية بعملية التغيير، ومختارة من القوائم الفائزة، لكن فترة ما بعد الانتخابات فرزت نتائج خطيرة:تشبث الحكومة القائمة بالسلطة، وعدم استعدادها التخلي عنها جاهدة لذلك بكل السبل المشروعة وغير المشروعة بما فيها ضرب قواعد الديمقراطية عرض الحائط ! فمن لعبة، قرارات ما يسمى بهيئة المساءلة والعدالة، إلى لعبة إعادة العد وافرز،إلى محاولة تشويه القضاء العراقي وحرفه عن مساره العريق المعروف بالاستقلالية والنزاهة وتسخيره في اللعبة السلطوية للمالكي وحزب الدعوة، إلى الطعن بالخصوم ووصمهم بالخيانة لمجرد أنهم يلتقون تحت الأضواء وتحت بصر العالم وسمعه بالأشقاء والأصدقاء، عكس قادة حزب الدعوة وحلفائهم الذين يلتقون بضباط المخابرات الإيرانيين وبرجال السلطة في إيران سراً. بينما إيران هي التي أصرت على إطالة أمد الحرب مع العراق لثماني سنوات ومعروفة نواياها وأغراضها في العراق! كل ذلك للتسويف والمماطلة يهدف كسب الوقت وتفويت الفرصة على القائمة العراقية في التمتع بحقها الانتخابي في أن تكون لها الجولة الأولى في محاولة تشكيل السلطة.


واليوم تأتي اللعبة الأخرى:تشكيل التحالف الطائفي من قائمة دولة القانون،والائتلاف الوطني، ما يعيد العراق إلى فترة التخندق الطائفي السيئ الصيت المدمر الذي أفرز صراعا دموياً،وحرباً أهلية مريرة.وقد انضم إليه أخيراً وكما هو متوقع التحالف الكردستاني ضمن قاعدته القديمة البالية القائمة على الاستفادة من الاحتراب الطائفي بين عرب العراق، وإذكائه إذا همد،لقضم الأرض العراقية والحصول على مكاسب مالية وسلطوية على حساب الدستور وصلاحيات الحكومة المركزية!


كل ذلك يضع العراق اليوم ي منعطف خطير،وعلى شفى هاوية مريعة تستوجب تحركاً سريعاً،ومقاربة عاجلة لما يجري فيه من كافة القوى المعنية في الوضع في العالم وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية،بصفتها هي من قام بتغيير الأوضاع في العراق وأطلق آلية الديمقراطية فيه،والمسؤولة الآن أمام القانون الدولي والعالم أجمع عن سلامته ووحدته واستقراره. ومجلس الأمن بحكم كونه المعني بتطبيق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة المطبق على شئون العراق في ظل الاحتلال،وجامعة الدول العربية بوصفها الإطار الحاضن لكافة الدول العربية ومراقبة ما يتهددها من أخطار أساسية تتعلق بأمنها ومصيرها ووجوده!


إن على هؤلاء أن يعملوا كل على انفراد أو بالتنسيق في ما بينهم لاستعمال صلاحياتهم التي يبيحها بل يلزمهم بها القانون الدولي والأعراف والأخلاق الإنسانية وعدم ترك العراق وقد تكالبت عليه القوى الطامعة ووكلاؤها ومن ارتضى لنفسه تدمير حياته ووحدته واضطهاد مكوناته الأخرى باسم الديمقراطية!


الحل اليوم أصبح واضحاً فنتائج الانتخابات قد جرى السطو عليها واغتصابها لصالح جهات طائفية وقومية حاقدة على العراق ووحدته ووجوده وهي تريد تمزيقه وتفتيته لصالح أجنداتها الداخلية والخارجية، لذا يتوجب المبادرة لوضع العراق تحت سلطة حكومة إنقاذ وطني مكونة من حكماء وعقلاء عرفوا بنزاهتهم ونظافتهم الوطنية وتاريخهم المشرف يديرون البلاد لفترة ثلاث سنوات قابلة للزيادة أو النقصان حسب نضج الأوضاع واستقرارها ومضيها في الطريقالصحيح على أن تجرى خلالها انتخابات عامة بإشراف مباشر من الأمم المتحدة وجامعة الدول العرابية،ويكون معيارها الرئيسي الابتعاد عن التأثيرات الدينية والطائفية والقومية ولا شعار يجمعها ويسيرها سوى الولاء لعراق ولمشروعه الحضاري الإنساني،العراق في محنة وفي خطر فهل من مجير؟ وإنا في الوقت الذي أطلق هذا النداء فإن هذا لا يعني البتة إنني إلى جانب بقاء الاحتلال مطلقاً، فأنا ضد وجود إي جندي أجنبي في وطني!