لقد كانت ndash;رحمها الله- عضواً في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب؛ ومسؤولة عن قيادة أكثر من 60 عنصراً وساهمت في إيواء مطلوبين للسلطات الأمنية السُعودية في منازل آمنة، كما أنها قد قامت في سالف العصر والأوان بتحويل مبالغ مالية قدّرتها تقارير بأنها فاقت مليوني ريال (كانت بمثابة 20 مليون في عصرنا الحالي) إلى تنظيم القاعدة في اليمن بطريقة تُدعى (غسيل الأموال).

أمي.. يا من تسألوني عن أمي.. ساهمت في وقتٍ مضى بتهريب ndash; خالتي ndash; إلى اليمن.. وتبنّت أدواراً مهمة في بلادنا كاستقطاب الفتيات الصغيرات لأسواق العمل بالانضمام إلى صفوف القاعدة، وحاولت تهريب زوجات وأخوات مطلوبين للحاق بهم في اليمن.

أمّا أنا فقد عشت في رفاهية ولم يهملنِ أبي ولا لساعة من ساعات عمري ndash;رحمه الله- إلاّ فقط لأنه كان يريد أن يكون أحد العشرة - ليس المبشرين بالجنة - بل الذين أعلنت وزارة الداخلية السُعودية عن مقتلهم في عام 2005 بمدينة الرياض، وكنت حينها أسكن رحم أمي العزيزة.. عضو في تنظيم يُدعى quot;القاعدةquot;.

ذلك ما سيسمعه كل من سيجلس حول طفلة الأربعة أعوام quot;الربابquot; بعد عقدي زمانٍ من الآن، تلك اللحظات التي ستقف حينها quot;الربابquot; على أطلال عائلتها القاعدية عندما ستُسأل عنها !

قد يكون من الممكن أن يستوعب الشاب قدرة والده الرجل الصارم ذو الجبروت الفارس لأحلام والدته يوماً من الأيام ليكون عضواً في تنظيم القاعدة.. بينما لم ولن يستوعب العكس وهو أن تكون والدته الأنثى الحنونة ذات الحضن الدافئ المتسامحة مع الظروف والقدر، عضوٌ أنثويُ فاعلٌ في تنظيمٍ إرهابي.

إذن، ما ذنبهم الأطفال الأبرياء يولدون أجنّةً ؛ ويخلّدون أمواتاً في أحضان مجتمعاتهم التي لن تنسى ما حدث ويحدث وسيحدث في ظل تقنية -جوجل- التي لا ترحم يا quot;أم الربابquot;؟!.. ما ذنبهم حينما يتوجب علينا مشاركتهم في عملية بناء مجتمعهم وتطويره لأن يكونوا لاعباً أساسياً في جانب تنمية بلدانهم فيتعذر علينا، بل أنتِ تحرمينهم من ذلك يا quot;أم هاجر الأزديةquot;؟!.. ما ذنب ملائكة الله في الأرض حينما يكبرون وتكبر أحلامهم مع جــــيل وتيرتة حياته متسارعة، بل يستنكر أية محاولات لسلب حريته والوصاية عليه ويرفض كل الموروثات الاجتماعية السائدة، ما لم يتم تدارك الأمور والعمل على إصلاح يشملهم بعفوه؛ فحركة الحياة العصرية تتطلب السرعة ولا تحتمل أي تأخير أو تأجيل للأمور وأنتِ يا quot;أم أسامةquot; تحبطينهم من خلال مواقع الإنترنت كموقع quot;الخنساءquot;؟!..

أنقم كثيراً على ما أسموه تحدياً.. ذلك القرار الغاشم باسم العادات والتقاليد والذي منع تعليم المرأة في عصرٍ مضى ما عطّل - القلب النابض بالحنان - في أوساط المجتمع quot;كـ أميquot;.. وأحمد الرب قليلاً على الأمية في عصرٍ باتت المرأة تجنّدهها أعاصير المنتديات ؛ وتتلاعب بها أفكار الظلال أومن يدعون عفتها !

إنهم يعيشون بيننا.. بل يستنكرون سنن حياتنا الجميلة والتغيير والتطوير والإصلاح والانفتاح وحوار الأديان والحضارات والتعايش مع الآخر، بل يرغبون أن يعيدوا quot;أميquot; والرباب وأسامة وهاجر والوطن لقرونٍ - قد خلت من قبل- !

[email protected]