وحدها الصدفة يمكن أن تقذف بشخص تافه عديم المواهب إلى قمة ينظر منها إلى العالم كما لو أنه ينظر إلى أشيائه الخاصة.

كارل ماركس

طارق حمو: ابتعد عن سورية يا اوردغان
لست من مؤيدي أردوغان وحزبه الإسلامي، ولايساورني أدنى شك في أن الرجل يخطط ببراعة يحسد عليها لتحويل تركيا إلى جمهورية إسلامية على الطريقة التركية، كما أنني لست من السذاجة لدرجة الإيمان بأن مواقف تركيا أردوغان الأخيرة من نظام بشار الأسد هي لسواد عيون السوريين الذين تشارك أغلبيتهم الساحقة اليوم بالفعل أو بالوجدان في أكبر وأشجع وأنبل ثورة عرفها تاريخ سورية بعد إستقلالها عن فرنسا ضد نظام قمعي وعنصري مقيت كان أردوغان وحزبه يعتبره إلى فترة وجيزة خلت، وربما لايزال، من أقرب المقربين إليه، فأنا على يقين ثابت بأن مواقف الدول تبنى دوما على أساس المصالح المشخصة بدقة بالغة، قافزة غالبا، فوق الإعتبارات الأخلاقية المعلنة، والأمثلة في هذا الباب لاتحصى ولاتعد، لكني أود أن أشير في هذا المجال إلى موقف حزب طارق حمو بالذات، وهو مجرد حزب وليس دولة، من قضية الشعب الكردي في سورية أثناء تحالفه المعروف والمشؤوم مع نظام الأسد الأب في ثمانينات وتسعينات القرن المنصرم، عندما أقدم الآبوجيون على إبعاد الشباب الكردي عن ساحته النضالية الأساسية في سورية إلى معمعان ثورة قال زعيم الحزب أنها ستؤسس لكردستان المستقلة الإشتراكية بقيادة حزب العمال الكردستاني وإنتهت كما هو معروف بإعتقال أوجلان وإعتناقه للكمالية، و تحت هذه الذريعة ومن أجل إرضاء النظام السوري وتنفيذا لطلباته قام الحزب الأوجلاني بالتنكيل بنشطاء الحركة الوطنية الكردية التي كانت تناهض النظام البعثي وتطالب بالحقوق القومية والديمقراطية للكرد السوريين مستخدما أبشع الأساليب مثل قطع الألسن والآذان وإعدام المعارضين لنهجهم أمام عيون نساءهم وأطفالهم، بل أن أوجلان الأب العقائدي لطارق حمو (الليبرالي؟!) ذهب إلى أبعد من ذلك، حينما صرح( بجرأة نادرة) في مقابلته الأشهر مع الصحفي نبيل ملحم بأنه لاوجود للكرد بمعنى شعب في سورية، وإنما مجرد مهاجرين إلتجأوا إليها هربا من إضطهاد السلطات التركية لهم في مراحل تاريخية سابقة، مؤكدا أن حزبه يعمل مع السلطات السورية من أجل إعادتهم من حيث أتوا أي إلى تركيا، فإذا كان حزب كردي يدعي التمثيل الأوحد للشعب الكردي في كل أرجاء المعمورة(؟؟!!) باع ثلاثة ملايين من بني جلدته من أجل مكاسب حزبية ضيقة (تبين فيما بعد أنها كانت شخصية صرفة)، فبأي حق نلوم أردوغان في لعبة المصالح التي يديرها بمهارة في الأزمة السورية الراهنة؟

لسنا أقل سعادة من طارق حمو حينما نسمع الأخبار عن التقارب والتنسيق بين حزب السلام والديمقراطية والأحزاب الكردية الأخرى في كردستان الشمالية، فهذا ماكنا ندعو إليه دوما، حين كان حزب حمو وهو شخصيا ينعت ذات الأحزاب بالعمالة لتركيا، كما سنكون أكثر سعادة لو صدقت مزاعمه في حصول تقارب وتنسيق بين حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تجرأ على وصفه بممارسة دور الواشي الصغير الذي ينقل له ولحزبه أخبار كل من يتكلم بسوء عن الحزب الأوجلاني على حد زعمه في مقالة أخرى قرأتها اليوم/6.5.2011/ في - باخرة الكرد -، وهي على الأرجح منشورة في مواقع إلكترونية أخرى، مليئة بأقذع الألفاظ النابية وعبارات التخوين ضد ساسة ومثقفين كرد بارزين تتجاوز سنوات نضالهم القومي عمر حمو وحزبه معا، لكننا نفضل مع ذلك سماع هذه الأخبار المفرحة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، إذ أن أشخاصا على شاكلة صاحبنا ليسوا مصادر موثوق بها على أية حال. كما سنعتبر أننا قطعنا نصف طريقنا إلى الحرية المنشودة لو إنعقد المؤتمرالكردي الشامل في هولير(أربيل) عاصمة إقليم كردستان العراق بمشاركة حزب العمال الكردستاني والمنظمات والقوى الدائرة في فلكه بإعتباره أحد أكبر العوائق التي تحول دون إنعقاد المؤتمر العتيد حتى الآن، لكننا نشك كثيرا في نوايا حزب السيد طارق حمو بدليل أن زعيمه شن قبل عشرة أيام فقط هجوما لاذعا آخر على السيدين جلال الطالباني ومسعود البارزاني زاعما أن إدراتهما الكردية ماكانت لتصمد 24 ساعة لولا تواجد أنصار حزبه في قنديل، وهي إهانة أخرى في سلسلة إهانات كثيرة ماإنفك أوجلان يوجهها لفدرالية كردستان التي طالما وصفهابإسرائيل الثانية، وبصنيعة الإحتكارات الدولية والشركات العابرة للقارات على حد زعمه.

لايساورني أدنى شك في أنني أضع نفسي في مرمى قذائف الدعاية الأبوجية ذات الطابع الغوبلزي و القائمة على أساس إمتهان الكذب، ثم الكذب، والكذب أيضا، من أجل إقناع الذات أولا، ومن ثم تضليل الآخرين إن أمكن، ولهذا فأنني على الأرجح سأتهم بالعمالة والخيانه وتفريق صفوف الكرد وربما بالتجسس لصالح المخابرات الموزمبيقية، طالما أن السيد حمو، وهو مثلي تماما مجرد طالب صغير في السياسة والتحليل السياسي، تجرأ على فعل ذلك مع شخصيات وقامات نضالية باسقة أكبر مني عمرا وثقافة ومقاما، لكنني أجد نفسي مع ذلك مكرها على فتح كتاب حزب العمال وأبواقه بعد أن طغى وتجبر وعاث في الأرض فسادا، أنا الذي كنت قد آليت على نفسي ألا أعود إلى تناول هذه السيرة مرة أخرى لأنها بالفعل، وأقولها ببالغ الصدق، سيرة كريهة وحزينة ومؤلمة. وفي هذا السياق سأطرح فقط بعضا من الأسئلة التي يتداولها الشارع الكردي السوري هذه الأيام بصدد مواقف حزب أوجلان وتحركاته الأخيرة المريبة على الساحة الكردية السورية دون أن آمل طبعا في تلقي أي جواب من السيد حمو وبقية الأقلام الأوجلانية التي تمارس هواية الكتابة تحت الطلب: ماهي حقيقة تسلل المئات من مقاتلي قنديل من الكرد السوريين إلى المناطق الكردية في سورية في غفلة من الشعب الكردي وتحت نظر وإشراف أجهزة الأمن السورية؟ كيف تفسرون عدم إعتقال مسؤول فرع حزبكم في سورية السيد محمد صالح مسلم وهو العائد من من قنديل معقل حزب لم نسمع أن السلطات السورية أخرجته من قائمة المنظمات الإرهابية، رغم تفاهة هذه القائمة السورية والطبيعة الإرهابية للقيمين عليها؟ ماذا عن لقائه السطات المحلية السورية في الجزيرة، وعقد(الإجتماعات الجماهيرية) في كوباني وعفرين دون أن تتدخل فيها قوات الأمن السوري؟ ماذا يعني قول السيد مسلم بأنه يعود إلى الوطن في هذه المرحلة الحساسة لقيادة النضال الكردي في سورية من أجل الحرية على حد زعمه، هل يعني ذلك أنه لايعترف بوجود أحزاب كردية غير حزبه؟ لماذا يناهض فرع حزبكم في سورية المظاهرات السلمية العارمة التي يقودها الشباب الكردي في المناطق الكردية في إطار الثورة السورية ضد نظام البعث العنصري ويحاول إجهاضها؟ ماهو سر الإفراج عن مايقارب 200 من أنصار حزبكم في سورية كانوا قد أعتقلوا بتهمة الأنتماء إلى حركة إرهابية محظورة في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني وليس بسبب نضالهم من أجل الحقوق الكردية في سورية؟ هل يحارب حزبكم النظام السوري، أم أنه في طريق إحياء تحالفه القديم مع نظام الأسد، وذلك بقيام الحزب بمشاركة أجهزة الأمن السورية في قمع الثورة السورية في مناطق البلاد الداخلية، مقابل تسليم النظام السوري المناطق الكردية في سورية لحزبكم كما ورد في تحليل كاتب كردي رصين نشر بالكردية وبترجمته العربية في بعض المواقع الإلكترونية اليوم، أم أن التحالف القديم مازال حيا ولم يمت أساسا؟ وأسئلة أخرى كثيرة تثبت بجلاء على أن المبالغة في دور أردوغان في مستقبل الثورة السورية الراهنة من جانب حمو ورفاقه هو من باب إشغال الرأي العام الكردي في سورية بقضايا ثانوية، وإلهائه عن الصفقات الخطيرة التي يعقدونها تحت الطاولة مع نظام يقول زعيمهم الأوحد أنه ndash; أي نظام بشار الأسد - لايمكن أن يعادي الكرد، بينما كتاب تحت الطلب، من شاكلة صاحبنا، يحاولون إبراز حركتهم بمظهر حفار قبر ذات النظام، فيا لها من لعبة بائسة ومبتذلة.

ولأن طارق حمو يسمح لنفسه بإسداء النصائح المجانية وتوزيعها على العالمين يمينا وشمالا، فأنني سأحذوا حذوه وسأسمح لنفسي أن أسدي بعض النصائح الصادقة لزعيم حزبه الأوحد، وأنا على دراية تامة بأني بذلك أدخل نفسي في دائرة الكفر الصراح حسب تعاليم الديانة الآبوجية المقدسة فأقول:نرجوك أيها السيد المبجل أن تتركنا لمصيرنا وأن تتفرغ لكردستان الشمالية، وأن لاتحرض كرد الشمال على أخوتهم في غرب كردستان فقط لأنهم لم يعودوا يثقوا بحزبكم، وعلى الخصوص فرعكم في سورية، فالجنوب الصغير كما تفضلون تسمية غرب كردستان شب عن الطوق، ولم يعد ذلك الفتى الأغر الذي تمكنتم قبل عشرين عاما ونيف من خداعه بقليل من الشعارات الدعماغوجية البراقة التي تبدت عن سراب. أتمنى لكم أيها الزعيم المبجل دوام الصحة والعافية، كما أبتهل إلى العلي القدير أن يفك أسركم، ويمكن(بتشديد الكاف وكسرها) أشقاءنا في الشمال، وهم لنا بمثابة القلب من الجسد أو أدنى، من نيل حريتهم وكرامتهم في إطار تركية ديمقراطيه ومزدهرة،. أرجوكم أيها الزعيم أن ترفعوا أيديكم عن شعبنا الكردي في سورية لكي يصنع مع شقيقه الشعب العربي وسائر مكونات الفسيفساء السورية الجميلة مصيره بنفسه، دعونا وشأننا، رجاء، وسنكون لكم من الشاكرين.