غالباً ما اعتبر العلم التقليدي conventionnelle بعض المواضيع والنظريات خطرة لاعتبارات كثيرة وعلى رأس هذه المواضيع تأتي مسألة أصل الكون lrsquo;origine de lrsquo;univers وعلى نحو أخص وأدق التكهنات والتأملات speacute;culations والنظريات التي تفكر وتنظر ملياً فيما يتعلق بما حدث قبل وقوع الانفجار العظيم، والمقصود هنا اللحظة التي سبقت زمن بلانك Temps de Planck وفي المكان الذي يقع وراء جدار بلانك Mur de Planck، أي الحدود القصوى التي تفصل عالمنا المادي عما قبله، وهذا من الألغاز الدائمة في الكون المرئي. وبهذا الصدد نشر الصحافي المتخصص بالعلوم جون بيز John Baez على موقعه الالكتروني الخاص سنة 1997 قائمة مثيرة تحت عنوان quot; أسئلة مفتوحة في الفيزياء questions ouvertes en physiquequot; وكان أو تلك الأسئلة المفتوحة هو السؤال المتعلق بــ quot; اللحظة الصفر والنقطة الصفر lrsquo;instant Zeacute;ro، pointe Zeacute;ro quot; فما الذي حدث quot; قبل avant quot; البيغ بانغ Big Bang أي الانفجار العظيم؟ وهل توجد حقاً ما عرف بــ quot; الفرادة الأصلية أو الأساسية singulariteacute; initiale quot; ؟ إنقسم العلماء حول هذين السؤالين بين رافضين متشددين لهما حيث اعتبروهما فاقدين للمعنى ولا معنى لطرحهما، وآخرون متحمسين لهما اعتبروهما يمثلان فتحاً جديداً في البحوث العلمية الفيزيائية والكوزمولوجية، بينما يتفق الجميع تقريباً على أنه حصل في ماضي كوننا المرئي انفجار عظيم انطلاقاً من quot; ذرة بدائية أو أولية atome primitif quot; كانت أصغر من أصغر مكون من مكونات الذرة التي نعرفها اليوم بملايين ملايين المرات والتي تقع على حدود جدار بلانك. ولكن كيف يقيض للبشر تصور أو إدراك واستيعاب وتقبل أن هذا الكون المرئي الشاسع نشأ من تلك النقطة السحرية pointe magique ؟ وهل كان هناك شيء ما قبلها؟ يقول البعض أن بوسع العلم الإجابة على ذلك والكشف عن تلك الفرادة singulariteacute; وإنها تعتبر الأمر الأهم في الوجود برمته لأنها كانت الأصل في كل ما نعرفه اليوم وما سنعرفه غداً وهي مسألة وقت ليس إلا.

إن تبني أطروحة quot; الفرادة الكونية singulariteacute; cosmique quot; يطرح مشكلة حول علة وسبب تلك الفرادة. وإن ما يعرف اليوم بالمسائل والحلول الفريدة أو التي تتصف بالفرادة questions et solutions singuliegrave;res ظهرت من جراء محاولات تزويج نظريتين عنوة هيمنتا على العالم لمدة تزيد على القرن وأعني بهما نظرية النسبية theacute;orie de la relativiteacute; التي تبحث في المستويات الكبرى وفي اللامتناهي في الكبر، أي الكون المرئي، ونظرية الكم أو الكوانتا والمعروفة بالميكانيك الكمومي أو الكوانتي meacute;canique quantique والتي تبحث في المستويات ما دون الذرية وفي اللامتناهي في الصغر.

كان ألبيرت آينشتين Albert Einstein قد صاغ نظريته النسبية في بداية القرن العشرين وبالتحديد بين 1905 و 1915 بشطريها الخاصة والعامة وفي بداية عشرينات القرن الماضي أيضاً صاغ علماء كبار معاصرون لآينشتين أمثال ديراك Dirac وهيزنبيرغ Heisenberg على سبيل المثال لا الحصر إلى جانب بور Bohr وبولي Pauli وغيرهم، نظرية الكم أو الكوانتا النسبية La theacute;orie quantique relativiste عن الضوء والمادة، والتي عرفت باسم الكهروديناميك الكوانتي أو الكمومي eacute;lectrodynamique quantique التي ما تزال إلى اليوم تبحث وتدرس في العديد من المختبرات والجامعات العلمية رغم أن هذه النظرية تقود إلى ما يمكن تشبيهه بالكوارث الحسابية أو الرياضية catastrophes matheacute;matiques وتفرض حلولاً فرادية، أي تفرز مجموعة من الفراداتsingulariteacute;s العويصة. والأنكى من ذلك إن عالمي الفيزياء والرياضيات روجر بينروز Roger Penrose وستيفن هاوكينغ Stephen Hacking أثبتا على نحو مقنع في ستينات وسبعينات القرن المنصرم أن الفرادات تعشش في كل بقعة من الزمكان eacute;space-temps بمجرد أن يصبح هذا الزمكان حلاً solution لمعادلات نسبية آينشيتن eacute;quations relativistes. كل النظريات الفرادية والنماذج الكونية الكبرى theacute;oregrave;mes de singulariteacute; et modegrave;les cosmologiques التي تتعاطى مع كون في حالة تمدد وتوسع expansion تقود إلى فرادة في لحظة الصفر وهذا يخلق معضلة تقف عقبة أمام عملية توحيد النظريات القائمة والتوصل إلى النظرية الموحدة والجامعة والشاملة أي النظرية الكلية. من البديهي التفكير أن أغلب العلماء يتمنون صياغة نماذج كونية بدون فرادة إلا أن أبحاث بينروز وهاوكينغ وإيلي Ellis أجهضت كل أمل في حل المشكلة بدون إعادة النظرة بالمفاهيم السابقة ومراجعة كافة القوانين الجوهرية Lois fondamentales وبالتالي بات من المحتم البحث عن مخرج آخر وكان لا بد من اجتياز حاجز Barriegrave;re أو جدار بلانك للخروج من هذا المأزق العلمي وبلوغ نقطة الصفر لرؤية ماذا حدث بالضبط عندها وكيف حدث. قال العالم الفيزيائي الفذ جون ويلر John Wheeler بهذا الصدد سنة 1973 :quot; عندما نفكر ونتأمل في أسس fondements الفيزياء من وجهة نظر كوزمولوجية كونية cosmologique نجد أنه لا توجد مسألة أعمق من معرفة ما سبق الانفجار العظيم، أي تلك الحالة الأصلية eacute;tat initiale من الحرارة والضغط والكثافة اللانهائية infinies لكننا ومع الأسف لم نقترب من إيجاد حلول لهذه المعضلة وربما لن نعثر على أي حل لها إلى الأبدquot;. وبعد مرور ما يقرب النصف قرن على هذا الكلام ما زلنا في نفس الموقف ولم يتحقق أي تقدم علمي ملموس يذكر في هذا المجال سوى فكرة الــ KMS التي اقترحها التوأمان الفرنسيان من أصل روسي إيغور وغريشكا بوغدانوف Igor et Bogdanov في أطروحتيهما لنيل الدكتوراه في الفيزياء والرياضيات والتي عالجت حالة التوازن الحراري للأنظمة الكوانتية eacute;quilibre thermique du systegrave;mes quantiques أما إسم النظرية الـ KSM فهو مأخوذ من الحروف الأولى لثلاثة علماء كانوا من أوائل من بحث في الظروف والشروط التي سبقت البيغ بانغ الانفجار العظيم وهم كوبوKubo و مارتان Martin وشوينغرSchwinger. لا بد من التذكير مرة أخرى بأن الفيزياء الحديثة تستند في نظرياتها على عدد من الثوابت الجوهرية constantes fondamentales وإن أحد هذه الثوابت هو ثابت بلانك constante de Planck وهو الذي يقيم نوعاً من الحدود بين الظواهر الكلاسيكية والظواهر الكمومية أو الكوانتية. وبجانبه ثابت آخر هو الثابت الثقالي constante gravitationnelle الذي يقيس أو يحدد قوة الجذب في الثقالة أو الجاذبية force drsquo;attraction، وبالطبع هناك الثابت الأشهر ألا وهو ثابت سرعة الضوء vitesse de la lumiegrave;re علما بأن هناك من يقول اليوم بعدة سرعات للضوء وهو الثابت الذي يحدد الحدود بين نظريات غاليلو نيوتن Galileacute;e ndash; Newton ونظريات مينكوفسكي آينشتين Minkowskie-Einstein. ولو ربطنا بين هذه الثوابت فإنها ستشكل ما نسميه بالطول الكوانتي أو الكمومي longueur quantique وهو قيمة رياضية تشكل جداراً بين المكان الكلاسيكي espace classique و المكان الكوانتي أو الكمومي espace quantique وكذلك تشكل فاصلاً بين الزمن الواقعي temps reacute;el والزمن الخيالي أو المتخيل temps imaginaire.

المكان الكلاسيكي هو المكان الذي نعرفه ونعيش فيه أما المكان الكوانتي أو الكمومي فهو الذي لا يمكن أن نراه أبداً ناهيك أن نعيش فيه ولا يمكن لأحد أن يدرك أبعاده إلا بالحدس والحسابات الرياضية التجريدية ولو حاولنا تخيله فيمكننا أن نصفه برغوة أو مجاج eacute;cume يغلي وفي غاية الاضطراب والفوضى والتشوش infiniment chaotique حيث تلتقي بقع من المكان الافتراضي وتفترق بلا انقطاع، وهو مكان تغيب فيه مفاهيم وأبعاد الطول والعرض والارتفاع والشكل حيث تغدو مفاهيماً ليس لها معنى محدد إضافة إلى أن نقاط الربط بين المناطق المتباعدة فيه رغم وجودها في عالم اللامتناهي في الصغر تحدث عبر جسور ponts أو ثقوب دودية trous de ver وهي تتشكل وتختفي بسرعة مذهلة، وإن مختلف التكوينات والتراكيب أو التشكيلات المختلفة متجاورة diffeacute;rentes configurations coexistent تتعايش آنياً ولحظياً simultaneacute;ment، وبلغة الرياضيات ينبغي وصف هذا المكان الكوانتي أو الكمومي بأدوات الهندسة اللاتبادلية أو اللاتعاكسية geacute;omeacute;trie non commutative التي تستند على أرضية أرسطية أو قوة كامنة إحتمالية potentialiteacute;s aristoteacute;liciennes تتطلع للوجود الحقيقي tendance agrave; exister بديلاً عن حقائق مرصودة des faits observables وهذه المسائل تمس الأسرار الأكثر جوهرية وإدهاشاً في كوننا المرئي لا سيما الواقع الذي نعيش في داخله، أي اكتشاف مفاتيح ستتيح لنا يوماً ما الولوج إلى تلك الأسرار التي ستمنح الحرية للبشرية جمعاء في الوقت الحاضر أي في بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين بالرغم من أن المشكلة الأساسية ما تزال قائمة ألا وهي استحالة التوحيد بين اللامتناهي في الصغر quot; العالم الكمومي أو الكوانتي monde quantiquequot; و العالم اللامتناهي في الكبر quot; العالم النسبوي monde relativistequot; وهو الكون المرئي بمجموعه والحال تقدم نظرية الكون الحي والمطلق التي سنتطرق لها بالتفصيل لاحقاً أرضية ممكنة للتوحيد باعتبار أن هذين العالمين يشكلان معاً مجرد جسيم مادون ذري بالنسبة لمكونات وأبعاد هذا الكون الحي والمطلق والدائم التطور والخلق، والذي ليس له بداية ولا نهاية ولا حدود، ومكوناته مادية وغير مادية، أو من مواد مجهولة الماهية بالنسبة للبشر، رغم أن هذه اللوحة تندرج في نطاق الميتافيزيقيا وليس في مجال الطرح العلمي في الوقت الحاضر لنعد إلى آخر فكرة حديثة في الفيزياء الحديثة التي أطلقنا عليها نظرية الـ KSM حيث كانت هناك محاولات أولية مستلهمة من أفكار قديمة لعالمين فيزيائيين هما ثيودور كالوزا Theacute;odor Kaluza و كلاين Klein عندما نجحا في توحيد القوة الكهرومغناطيسية force eacute;lectromagneacute;tique مع النسبية la relativiteacute; مما قادهما إلى أبعاد أخرى للزمكان غير آبيلية des autres dimensions drsquo;eacute;space-temps non abeacute;liennes الآبيلية هي صفة دالات أدخلها العالم الرياضي آبيل في التحليلات والمعادلات الرياضية الخاصة حيث عرفت بإسم مجموعة آبيلية الرياضية أو بالمجموعة التبادلية وهي أبعاد خفية وغير مرئية invisibles، وأضافا ذلك لنظريات الـ الجوج theacute;ories de gauge ويجدر بنا القول أن كالوزا تمكن منذ سنة 1921 من التوحيد بين النسبية والكهرومغناطيسية بإضافة بعد إضافي آخر dimension suppleacute;mentaire للمكان سماه البعد الخامس cinquiegrave;me dimension. وفي سنة 1981 نشر العالم الفيزيائي والرياضي الذائع الصيت إدوارد ويتن Edward Witten، وهو أحد أهم أساتذة نظرية الأوتارtheacute;orie des cordes، نشر مقاله التأسيسي الذي استلهم فيه الأفكار القديمة لكالوزا. على أمل أنه، فيما يتجاوز أو يتعدى الأبعاد الأربعة المعروفة وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن للزمكان الاينشتيني ستبدو النظريات الكوانتية أقل تناقضاً وأكثر طواعية.واليوم، وبعد أن فشلت أغلب المحاولات والنظريات بما فيها نظرية الأوتار الفائقة theacute;orie des super cordes والنظرية م theacute;orie M بات من الضروري إدخال تعديلات وإجراء تطويرات جوهرية على النظرية الكوانتية theacute;orie quantique لتحفيز وتطوير وحل مشكلات الديناميك الكوانتيproblegrave;mes de dynamique quantique.

[email protected]