حينما كتبت مقالتي الموسومة (هل سينتقم الاسرائيليون من دولة قطر ) كنت أتوقع بحكم المعرفة المسبقة بعقلية البعض من المتأزمين من القراء و المتابعين بأنني سأتعرض لهجمات مكثفة صاعقة و ماحقة ولربما تكفيرية وستتوالى علي تهم العمالة والإرتزاق و التملق و النفاق مع تطوع البعض بتوقع المبالغ و ( الشرهات ) التي تنهال علي من حكومة قطر!

وتلك طبعا هي حصيلة العقلية التي تربى عليها بعض النفر من أولئك الذين لايقيمون المواقف وجهات النظر إلا من خلال مصالح مادية معينة ووسائل إرتزاق رخيصة، لقد وصل الأمر بأولئك لإشاعة الإتهامات العلنية غير الموثقة بدليل، بل و تطوع البعض بذكر عدد أرقام الريالات و الدولارات المقبوضة كثمن للمقال!!

وفي ذلك تجني كبير على الكاتب وعلى أبسط مستلزمات عرض وجهات النظر بعيدا عن أسلوب الفجاجة والإرتزاق و تسويق الإتهامات وتحويل الأفكار من مناقشة المعلومات و الحيثيات الفكرية للمقال أو البحث والتوجه الفج و المريض لمهاجمة الكاتب شخصيا وملاحقته على أفكاره و نصب محاكم تفتيش فاشية ومريضة للأفكار و الضمائر و التوجهات!! وتلك لعمري مصيبة حقيقية في طبيعة التفكير و المناقشة، بكل تأكيد فإن لدولة قطر الصعيرة و الفاعلة أعداء كثيرون، و منتقدون أكثر، وبما أسس لدى البعض عقدة مرضية إسمها العقدة القطرية و التي تلاحقهم حتى في المنام وتعكر عليهم أحلامهم الوردية، القطريون في سياساتهم المعلنة لايمارسون الزنى الفكري و لا النفاق السلوكي و لا يعتمدون حتى التقية السياسية، فهم يعلنون ما يفكرون أو يتصرفون به، وهم في طريقة تعاملهم السياسي مع جميع الملفات في حالة وضوح شامل و مطلق، فهم مثلا لايسبون و يشتمون الغرب و الإمبريالية في النهار ثم ينامون على فراشها الوثير في المساء!!

داود البصري

وهم أيضا لايرفعون شعارات الصمود و التصدي و الممانعة وبقية ( الالعاب) المعروفة، بل يعتمدون العمل السياسي المباشر ويباشرون إتصالاتهم حتى مع أعدائهم بعلنية وشفافية، نعم لاتمتلك دولة قطر ديمقراطية على النمط الغربي ولا تمتلك مجالسا برلمانية أو شوروية للنصب و الإحتيال و النصب على الذقون وممارسة السرقة و الإستفادة من الملفات و المزايا، ولكنها تمتلك بالمقابل ووفقا لظروف المجتمع القطري سلطة حيوية متصلة بالناس تمكنت في فترة زمنية وجيزة ولا تقاس أبدا بتاريخ الشعوب من بناء دولة ناجحة جدا تمكنت من إختراق المحظور من الملفات، بل ونجحت في جعل إسم ( قطر ) المنسي كتعويذة عالمية يشار لها بالبنان، ويكفي النجاح الهائل مثلا لمؤسسة الخطوط الجوية القطرية التي وصلت لأبعد وأصغر نقطة في العالم وتمكنت من فرض هويتها وإزاحة شركات طيران دولية عريقة وقذفها خارج سوق المنافسة الدولية كدليل حي و متجسد على نجاح التجربة القطرية في بناء الدولة العصرية الناجحة وجعلها كنموذج حي للقدرة على إنجاز و تحقيق الملفات الصعبة والتي يحسبها البعض من العاجزين مستحيلة، وعلى صعيد تنمية ورفاهية المواطن القطري فإن الشاتمين لدولة قطر يتجاهلون دورها وإنجازاتها المدهشة في نقل المواطن القطري لحالة من الرفاهية يحسده عليها شعوب العالم، والمثير للسخرية أن جل الشاتمين لدولة قطر و المستصغرين لشأنها ينتمون لمجتمعات غنية ولكن فشل دولها قد حول شعوبها لحالة مأساوية وحيث يموت المواطن قبل الوصول للمستشفى الذي يعيش أوضاعا مزرية، وحيث تلد مواطنات بعض الدول في سيارات التاكسي! وحيث الهروب لشباب تلك الدول في قوارب الموت بحثا عن عمل كنادل أو أجير في دول الشمال!

لا أدري حقيقة لماذا يغمط بعض الناس حقوق الآخرين ويغمضون عيونهم عن إيجابيات التجربة القطرية ليدخلون في سلسل الشتائم وتوزيع الأحقاد وإشاعة التخرصات الرخيصة، الحكومة القطرية بقيادة سمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني لم تطرح أبدا نفسها كمحرر للشعوب أو زعيمة لأحد بل أنها تساهم قدر إستطاعتها مع أشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي في دعم تيارات الحرية في العالم العربي الهادفة للتخلص من اللصوص والطغاة، وإشاعة الإتهامات مسألة سهلة للغاية وتلويث الأجواء بالإشاعات المسمومة عملية لا تتطلب الكثير من الجهد بل تتطلب حجما هائلا من الخبث المريض، السياسة القطرية بكل تأكيد لا تكترث لبذاءات وأراجيف حزب أعداء النجاح وهي لا تحتاج لمرتزقة للدفاع عنها، فالنجاح و التألق يفرض نفسه وبحدة، ويهمني التأكيد شخصيا بأن الإتهامات الرخيصة والمرفوضة المثارة ضد كل من يكتب بوحي من ضميره أو تعبيرا عن رؤيته الخاصة لن تحجب الحقائق أو تفرض قدرا معينا من الإرهاب التشهيري الفكري ضد كل يقول الحقيقة، فلاعلاقة لي من أي نوع مع أي جهة قطرية حكومية أو خاصة، ودولة قطر إن أرادت تمتلك القدرة التامة على تجييش شركات الإعلام و العلاقات الخاصة وهي بالتالي لا تحتاج لخدمة أفراد، لكن الدور القطري المتزايد المدعوم بملفات نجاح ميدانية واسعة قد خلق أعداءا إفتراضيين ووهميين يشيعون الأراجيف ويباشرون قذف الشرفاء برشقات من صواريخ الحقد والجهل، قطر اليوم ليست هي قطر ما قبل 1995؟، وقطر اليوم تخوض في مجالات دولية متعددة وبدرجة نجاح ملفتة للنظر لتسجل نجاحا عربيا مهما خصوصا في النقطة التي تجاهلها الكثيرون رغم كونها عماد التنمية والتغيير وهي السياسة التعليمية الإنفتاحية التي صرفت عليها مبالغ خيالية ولكنها ستحقق بالمقابل دفعات هائلة من التقدم والتطوير، قطر برغم كل عومل الخلاف أو اللقاء و التوافق تسير على الخط الصحيح ونحو الهدف المباشر وبنتائج ميدانية رائعة وبأقل قدر ممكن من الوقت وهو مايثير أعصاب شبيحة و نبيحة أنظمة الفشل و التخلف.. وكان الله في عون الأحرار.

[email protected]