لا يفل الحديد إلا الحديد مثل مصري معروف أجد انه واجب التطبيق الآن... فلن يخرج مصر من ازمتها الحالية ويضعها في حالة التوازن الدولي والإقليمي والوطني لتتحرك بعد ذلك بخطى ثابتة نحو دولة المواطنة والرخاء إلا بميلاد قوة جديدة تتعاكس تماما مع سياسات جماعة الأخوان المسلمين التي وضعت الدين قبل الوطن على قائمة اهدافها .. نعم مصر بحاجة إلى قوة وطنية حديثة تتعاكس مع سياسات التيارات السلفية التي دخلت حديثا إلى حلبة السياسة مستخدمة أسلحة دينية تقليدية يخشى بسببها من استنزاف موارد مصر العظيمة شعبا وأرضا...

فبعد سيطرة (بالفعل الفاعل أو المفعول به) التيارات الدينية مثل جماعة الأخوان المسلمين والجماعات السلفية على البرلمان المصري بمجلسيه وتخوف الكثيرين من تحول مصر إلى باكستان أو افغانستان أو لا قدر الله إلى صومالستان ولدت فكرة تكوين جماعة الأخوان المسيحيين وتبنتها كثير من القوى القبطية وبعض الشخصيات المسيحية الوطنية المستنيرة.

بيد اني اقترح ان تسمى جماعة الأخوان الأقباط بدلا من جماعة الأخوان المسيحيين لتتسع لدخول كل المصريين مسلمين ومسيحيين باعتبارهم جميعا مصريين اقباط أصحاب هذا البلد الجميل.

والحقيقة أن هذه الجماعة قد تكونت بالفعل في الوجدان المصري المسيحي قبل الثورة وبعدها وجذبت إليها الليبراليين والاشتراكيين والعلمانيين وكل المصريين الذين يعتمدون مبدأ فصل الدين عن الدولة. والمتابع الدقيق لمجريات الأمور في مصر بعد تشكيل مجلسي الشعب والشورى ومراقبة اعمالهم عن كثب يلاحظ أن قوة جماعة الإخوان الأقباط بدأت تتزايد في المقدار والأهداف مع تزايد اعداد المنتمين اليها عقليا من جميع الاتجاهات الفكرية والسياسية باعتبارها الجماعة الوطنية الاولى في مصر التي تستطيع تجميع وتكامل كل قوى المجتمع المصري. فإذا نجحت هذه القوة الوليدة في مهمتها فربما استطاعت أيضا أن تصحح مفاهيم بعض القوى الدينية التي تعتمد مشاريعها على المرجعيات الدينية وتستثمر مجال الدعوة الدينية لجذب البسطاء إلى فضاءها السياسي والاجتماعي لتحقيق مكاسب تتفق مع ايدلوجياتها الخاصة.

نعم بات من الملح والضروري ان تظهر جماعة الإخوان الأقباط على وجهة السرعة. ومن المتوقع بعد إشهارها ان تضم ملايين في غضون شهور معدودة باعتبارها جماعة وطنية مصرية خالصة ليس لها هدف أسمى من مصر فهي لا تبحث عن مصالحها الخاصة ولكن مصلحة مصر وكل المصريين لا تفرق بينهم على أي أسس دينية أو عرقية ومن الممكن أن يرأسها مصري مسلم على عكس الجماعات الدينية التى لا تسمح بذلك.

فجماعة الأخوان الأقباط لن تكون مهمتها الدعوة إلى المسيحية أو الإسلام أو لأي دين آخر لأنها جماعة وطنية غير دينية فالدعوة الدينية مهمة رجال الدين في دور العبادة ... هذه الجماعة سوف تصحح كل أخطاء الجماعات التي خلطت الدين بالسياسة فأفسدت الاثنين، كما أفسدت المناخ الاجتماعي والثقافي الداعم للتطور والرخاء ... جماعة الإخوان الأقباط تسعى جاهدة لكي تكون مصر دولة مدنية عظمى يفتخر فيها المصري بمصريته وينعم فيها الجميع بالحرية والكرامة والعدل .. دولة متقدمة علميا واقتصاديا واجتماعيا تجذب هجرة الاوروبيين اليها وليس العكس.

وسوف يدعم هذه الجماعة غير الدينية كل الشرفاء من المسلمين قبل المسيحيين من رجال اعمال وشخصيات عامة وأساتذة جامعات وحقوقيون. نعم سيدعمونها بالمال والوقت والجهد وسوف يدعمها أيضا كل أقباط بلاد المهجر من مسلمين ومسيحيين بالمال والمواقف السياسية المؤيدة لسياساتها وسوف تدعمها كل برلمانات العالم الحر لأنها لن تكون معيقا للحضارة الحديثة بل مطورة لها ومصححة لأخطائها.

لكن أكبر تحدي يواجه جماعة الإخوان الأقباط هو قدرتها على الحصول على تعضيد قداسة البابا شنودة الثالث وفضيلة الإمام شيخ الجامع الأزهر ورجال الثورة الأصلية من القساوسة والشيوخ الشرفاء ذوي الكاريزما والشعبية الكبيرة بحيث تستطيع الجماعة تكوين حزب سياسي يكون قادرا على تحريك قاطرة العمل السياسي الشاق في هذه المرحلة خصوصا وأن البسطاء من عموم المصريين يحتاجون إلى تطمينات وتبريكات بأن هذه الجماعة سوف تحفظ لهم هويتهم الدينية وتحفظ لهم حقوقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وأنها جماعة لا تدعو للإلحاد أو الفسق والفجور كما يحلو لأعداء الدولة المدنية أن يروجوا الادعاءات الكاذبة..

على أي أية حال في علم الرياضيات نعلم أن معادلة واحدة في مجهولين لن يكون لها حلاً وحيداً بل عدد لا نهائي من الحلول وهو ما يعنى حالة الفوضى الناتجة عن صعوبة اختيار حل وحيد من بين ملايين الحلول ولذا فإن أهمية وجود جماعة الإخوان الأقباط ضروري لتكوين نظام من معادلتين في مجهولين ليعطي حلاً وحيدا ينشأ الدولة الحرة الحديثة القادرة على الحركة والتغيير مع الزمن في اتجاه التقدم والرخاء. حمى الله مصر شعبا وأرضا.


[email protected]