برنامج quot; أكو فد واحد quot; والقمة العربية

لا مقدس في العراق الجديد

لااعتقد ان هناك شعب في كل الكرة الارضية بحاجة الى الضحك والسعادة والرفاهية مثل الشعب العراقي، لان هذا الشعب مر عليه خلال اربعة عقود كل انواع الكوارث الاجتماعية الجماعية والشخصية من الحروب الى الحصار الى الحكم الديكتاتوري الاقصائي الذي سلم البلد الى القوات الاجنبية ولاذ بالحفر بعد ان خرب الحرث والنسل . فكان العراق الجديد بعد نيسان 2003 وكان المخاض الصعب والاستهداف الاقليمي الدموي للتجربة العراقية الجديدة حتى تحولت شوارعنا واسواقنا ومدارسنا والاهم من ذلك كله الانسان العراقي الذي تحول الى هدف للذبح والقتل المدعوم من غالبية الاعلام العربي فكان الحزن العراقي مركب وبشكل فريد حيث استكثر علينا غالبية العرب ان نرى الفرح او نشعر به بعد سقوط صنمهم القومجي الورقي، فكان حزن اضافي يضاف الى احزان العراقيين المزمنة منذ عقود طويلة .

وفي ظل استقرار الاوضاع في العراق بعد تضحيات ابنائه وعزمهم البطولي وبعد ان اخذت السماء ثارات بعض دمائهم المستحقة على بعض الانظمة العربية الساقطة او التي تنتظر دورها في السقوط، كان لابد من البحث عن الابتسامة والضحكة والفرح فكانت من ضمن المحاولات الناجحة برنامج quot; اكو فد واحد quot; على قناة السومرية الفضائية وهو برنامج رغم تقليده لبرامج عالمية ولبنانية اخرى لكنه يبقى علامة فارقة ومميزة في الاعلام العراقي الجديد وهي محاولة حميدة وجيدة في الاتجاه العام كفكرة لاسعاد الشعب العراقي وبث روح الفكاهة ولو لحين . وفي ظل الواقع الاجتماعي العراقي الجديد الذي لايخلوا من ترسبات الماضي الديكتاتوري الاقصائي الاسود فان محاولة مميزة مثل هذا البرنامج تبدو كسيف ذو حدين بحاجة الى عقل مميز للتحكم فيه والاعداد له وايضا بحاجة الى استجابة شعبية ومهنية لاتحاول رسم خطوط حمراء واخرى مقدسة بوجه هذا البرنامج فمثلا اذا تم التطرق في نكتة او اقتباس او ماشابه الى معلم او دكتور او محامي او فلاح او عامل او فنان او حتى الى سياسي فلااعتقد ان تلك خطوط حمراء يجب التوقف عندها لان تلك مقدسات وهمية يجب اسقاطها في العراق الجديد خاصة اذا كانت النكتة او الحكاية المعنية في البرنامج لاتسهدف المهنة نفسها او تنتقص من اهميتها الاجتماعية والمعنوية والمهنية، اما التطرق الى السياسي في عراق اليوم فيجب الاصرار على تناوله في هذا البرنامج حتى لايكون عندنا الالاف من المقدسات السياسية الوهمية الكاذبة، فتلك طامة كبرى ان تم ترسيخ هذا المفهوم الكارثي فالسياسي ليس افضل من كل الفئات المهنية او الاجتماعية الاخرى .

اما الجانب الذي لايقل خطورة في هذا البرنامج فيمكن تحديده اولا في التناول المفرط لمفردة quot; استاذ quot; الذي يستخدمها مقدمي هذ البرنامج او المشاركين فيه بحق أنفسهم !! فيقول احدهم مثلا التقيت الناس في الشارع وقالوا لي quot; استاذ ... quot;!! هذا نوع من التضخيم للذات والنرجسية المفرطة وهي أسس خاطئة لاتقل خطورة عن الخوف الواضح في عدم تناول عمال السياسة في عراق اليوم في حلقات هذه البرنامج . والجانب الاخر وهو الاخطر على الاطلاق ان معدي ومقدمي هذا البرنامج وبعض المشاركين فيه في بعض الاحيان لايقدرون خطورة الشاشة على جيل كامل من المراهقين والشباب العراقي الذي فقد بوصلته الاجتماعية والثقافية واصبح في غالبيته يعاني من خواء غير مسبوق نتيجة الحروب والحصار ونتائجها الكارثية لذلك استخدام مفردات متدنية مثل quot; الزمال والمطي والشخاخ وابن القندرة والنعال وابن الكلب واسمط ابوك والغازات بل وحتى مفرادت ومحتويات التواليت quot; هذه كوارث ومصائب وهي مساهمة نشيطة في تهديم جيل عراقي كامل بحاجة الى دعم ثقافي وانساني وعلمي من كل الجهات الرسمية والشعبية والاعلامية والثقافية والفنية وبحاجة الى خطط علمية مشتركة للنهوض بغالبية هذا الجيل المغبون والمظلوم .

اما كل ماعدا ذلك فالبرنامج بحاجة الى دعم وتشجيع فعلي لانه محاولة عملية لبث الفرح والسعادة في العراق، لذلك واجب علينا جميعا المساعدة في ازالة العوائق وهذه المقدسات الوهمية التي تقف بشكل واضح كعائق كبير امام الكثير من مجالات نجاح هذا البرنامج المميز، ولكن يجب ان يكون مقابل ذلك التزام واضح من معدي ومقدمي هذا البرنامج والمشتركين فيه بالحفاظ على حدود الحياء العراقي المعروف وايضا المساهمة الفعلية في بناء الاجيال العراقية وليس تهدميها بمعاول ومفردات الفكاهة الهجينة على مجتمعنا . مع انتظار وأمل ان تخصص حلقة للقمة العربية المزعم عقدها في بغداد، لان بغداد سوف ينال التشرف بزيارتها بعض الرموز العربية التي تستحق ان تكون quot; اكو فد واحد quot;.