تطرح تصورات سلبية متباينة بشأن مرحلة ما بعد الربيع العربي، والتصور الاهم المطروح هو أن الاسلام الراديکالي سيعود عبر صناديق الاقتراع و سيغير من الاوضاع بدرجة لايمکن التکهن بنتائجه و آفاقه النهائية.
صعود الاسلاميين الملفت للنظر في مصر و تونس و تألقهم في ليبيا، و الحديث الذي يدور بشأن الدور الکبير الذي يضطلعون به في سوريا، يعطي ثمة نکهة و طابع غير عادي لما سيلعبونه من دور على مسرح الاحداث في بلدانهم، بل وان هناك من يذهب أبعد من ذلك عندما يطرح مسألةquot;حتميةquot;عودة الخلافة الاسلامية کأمر واقع للمنطقة ولاسيما وان المد الاسلامي قد بات مثل الظاهرة في معظم بلدان المنطقة حتى تلك التي لم يصلها الربيع العربي کالمغرب مثلا.
صعود التيار الاسلامي و بروزه في بلدان المنطقة و خصوصا تلك التي إجتاحها الربيع العربي، هو بقناعتنا ظاهرة طبيعية و صحية خصوصا عندما نراها ذات طابع و نهج وطني إستقلالي غير خاضع لنفوذ النظام الايراني و تٶمن بمبادئ الحرية و الديمقراطية و الرأي الآخر، وهيquot;بعد أن إکتوت بنار الدکتاتورية و الاستبدادquot;، ترفض إنتهاج السبل و الطرق التي تقود الى الدکتاتورية و إقصاء الآخر بل وانها و بعد أن کانت شاهدة عيان على کل ماجرى بالمنطقة من جراء التعسف و الاستبداد و التألق و البريق الذي إکتسبه التيار الاسلامي الاصلاحي في ترکيا، باتت تفکر و بصورة جدية بالعمل بمنطق و روح العصر و عدم القفز على الواقع او تخطيه.
التيارات الاسلامية في المنطقة و التي لعبت دورا مشهودا في احداث الربيع العربي، لم ينجح ملالي قم و طهران في جرهم تحت عباءتهم المظلمة، وهم و على الرغم من مساعيهم الحثيثة لإيجاد نوع من الصلة و التواصل معهم، إلا ان تلك التيارات عملت و بذکاء و حذاقة ملفتة للنظر على تجاهل کل أنواع الرسائل و النداءات القادمة من طهران و کانت حذرة أکثر بعدم قيامها بإرسال وفود او ممثلين لها الى طهران، وهو ما دفع بمختلف الاوساط السياسية العلمانية و اليسارية و القومية الى الثقة بهذه التيارات و التفاٶل بمستقبل العمل معها.
عوامل الخلل و الانحراف و التطرف و الارهاب التي رافقت صعود نظام ولاية الفقيه في إيران و تزامن ذلك مع بروز دور إستثنائي لمنظمة القاعدة الارهابية في المنطقة و العالم و الدور السلبي الکبير الذي لعبه هذان التياران في إعطاء صورة و إنطباع سئ عن الاسلام، وان التفاهم و التنسيق الذي قام و لايزال بين الطرفين قد کان له تأثير بالغ السلبية على إزدياد التوتر و عدم الاستقرار، وهذه الحقيقة أدرکتها التيارات الاسلامية المعتدلة في المنطقة و التي کانت تنظر دوما بعين التوجس و الريبة الى الدور غير الايجابي الذي يلعبه النظام الايراني في جر إيران و المنطقة الى شفا جرف هار، ولأجل ذلك فإنها قد وعت الدرس تماما وادرکت بأن من صلب واجباتها الاساسية إعادة الوجه المشرق و الاصيل للإسلام و إبراز دوره کدين يأمر بالتعاون و التواصل و التسامح و الاخوة الانسانية.
النظام الايراني الذي يترنح اليوم و يترقب العالم بأسره لحظة سقوطه التي باتت وشيکة، صار نظاما مفلسا من کل النواحي و قد أفتضح أمره تماما خصوصا بعد الدور السلبي و الشرير الذي لعبه في الوقوف الى جانب نظام بشار الاسد، وان دول و شعوب المنطقة بأسرها باتت تعلم الدور المشبوه لهذا النظام و ان صعود تيارات معتدلة تنتهج نهجا اسلاميا أصيلا و معاصرا يمکن إعتباره بمثابة صفعة قوية جدا بوجه ذلك النظام المتطرف وان سقوط هذا النظام بات أمر أکثر من ضروري ذلك انه سيجعل المنطقة و العالم خالي من الارهاب و التطرف.


[email protected]