إلى نساء العالم عموما ونساء سورية خصوصا..بعيدهن..
-1-
خروج اطفال درعا حيث سقط حسني مبارك يوم الجمعة11 شباط2011 والسبت كان يوم عطلة رسمي في سورية والأحد ١٣/ ٢ خرج تلاميذ درعا وهتفوا بإسقاط النظام وكتبوا ذلك على جدران مدرسة البنين في درعا البلد وكسروا كولبة للشرطة كانت قريبة للمدرسة وعلى اثرها اعتقل الاطفال، بعد ملاحقتهم ومعرفتهم بتاريخ 27.02.2011...
هذه الواقعة في الواقع السبب الأكثر مباشرة لانطلاق الثورة السورية، لأنها تطورت ككرة الثلج بعد أن رفض النظام اطلاق سراحهم وقام بتقليع اظافرهم وقتل الشهيد حمزة الخطيب الذي تحول إلى عنوانا للثورة السورية، من جهة أخرى أن هذه الواقعة تدل على تفاعل الشارع السوري أيضا مع حدث الربيع العربي، لأن تلاميذ درعا استنسخوا شعارات الثورة المصرية والتونسية، وطرق التعبير عن هذه الشعارات، هؤلاء لم يعلمهم احد ذلك بل التلفزيون عموما...وكما هو معروف أن التلفزيون السوري كان يهلل لسقوط نظام حسني مبارك..كذلك ابواق العصابة الحاكمة في كل من لبنان وسورية، وكذلك قناة العالم الايرانية..العالم توحد مع مصر وتونس وثورتهما والتف حول الربيع العربي، وكذلك الحال في اليمن وليبيا، وتدخلت إيران بطريقة سافرة لتعطي طابعا إيرانيا للثورة في البحرين، ربما نتفهم لجوء المعارضة البحرينية لإيران، لكن طريقة إيران في إدارة طرائق نفوذها تعتمد خطابا طائفيا، وعندما وصلنا إلى سورية انقسم العالم، بين مؤيد لنظام العصابة المجرمة، وبين معارض لها لكنه على مسافة من العار في دعم الثورة السورية، منذ البدايات..كان كعب اخيل الثورة على المستوى الدولي تحالف ثلاثي واضح إسرائيل تمنع الغرب من الدعم الواضح والصريح والضغط من أجل استصدار قرار دولي بالتدخل من أجل حماية المدنيين، وروسيا في موقفها داخل مجلس الأمن واستخدامها الفيتو عدة مرات، وإيران التي شكلت الشريان الحيوي المالي والعسكري لهذا النظام القاتل..وجامعة عربية هزيلة وضعيفة ومتواطئة، وامينها العام نبيل العربي ليس سوى واجهة لهذا التواطؤ وناطقا رسميا به، طبعا مع التمييز مثلا بين موقف الاشقاء في السعودية وقطر وليبيا الداعم للثورة مثلا وبين موقف جزائر العسكر الفاسد ولبنان حزب الله وميشيل عون والبطرك الراعي الكذاب الداعم للعصابة المجرمة، والعراق حكومة المالكي والذي غير موقفه نتيجة ضغط بعض القوى العراقية والموقف الامريكي، مع ذلك لاتزال حكومة المالكي تقدم تسهيلات لوجستية لجيش القمع الأسدي. الموقف الغربي كان ولايزال بارمومتره ومؤشره الحقيقي هو الموقف الاسرائيلي، لهذا تركيا مارست أكثر سياسة انتهازية في الدول المحسوبة على داعمي الثورة..الموقف العربي تبين بما لايدعم مجالا للشك انه عاجز عن الخروج من دائرة أن يكون ناطقا باسم التوازنات الدولية والاقليمية، ولم يستطع أن يكون ناطقا باسم شعوب الربيع العربي. ولم يكن فاعلا في هذه التوازنات، فإقليميا إسرائيل وإيران وتركيا أقوى من الحضور العربي في التوازنات والسياسة الدولية. ولهذا اسبابه الموضوعية والذاتية..ليس مجال بحثها الآن. لهذا مر هذا العام، والمجتمع الدولي في النهاية وفي حصيلة تحركه تجاه الثورة السورية يعطي الفرصة تلو الأخرى، للعصابة المجرمة، وليست تصريحات كوفي عنان المبعوث الدولي الجديد باحسن حالا من تصريحات نبيل العربي أو الفريق الدابي سابقا..مشكلة المجتمع الدولي- إسرائيليا هي أن النظام القاتل هو حليفهم الاساس، لكنه نظام اعجز من أن يقدم بنيويا افقا سياسيا جديدا يساعد هذا المجتمع الدولي على الوقوف معه علنا..تظاهرات شعبنا وتضحياته هي التي تجعل هذا المجتمع يضع برقع الحياء على وجهه.. وبتضحيات شعبنا واستمرار تظاهراته السلمية والانشقاقات في صفوف العسكر والنظام، هي التي ستجبر في النهاية المجتمع الدولي على اتخاذ قراره الذي في العمق لايريده، وهو توجيه ضربة تحذيرية لاأكثر لجيش الطغمة الأسدية..
أما كعب آخيل على مستوى الثورة في الداخل كانت قوى المعارضة التقليدية، التي انقسمت بين مؤيد للثورة، بشكل كامل وبين مؤيد للثورة مع العودة للنظام، وهذه تؤيدها هيئة التنسيق الوطنية للتغيير بزعامة حسن عبد العظيم وهيثم مناع وعبد العزيز الخير وصالح مسلم ومجموعاتهم وهؤلاء، كان لهم شرف الدور في محاولة تشويه صورة الثورة، وصورة المعارضة واجتمعوا على بند واحد هو أن يبقى النظام سيد القوة والقتل في سورية تحت شعار لا للتدخل الخارجي، هؤلاء لايزالون حتى اللحظة تعتبرهم بعض الدول أنهم معارضة، ويطالبون المجتمع الدولي الآن بالضغط على المجلس الوطني السوري وعلى الشارع من أجل أن يقبل الجلوس مع بشار الأسد..ونقطة ضعفهم أن النظام يستخدم اطروحاتهم في مزيد من القتل لشعبنا لا أكثر ولا أقل...ويعتبرهم أبواقه أنهم هم المعارضة الشريفة.. فكيف لابواق تدافع عن نظام مجرم أن تتحدث عن معارضة شريفة؟؟!!!
ثم جاء القسم الآخر من المعارضة التقليدية ورموزها المستقل منهم والحزبي ليضع نفسه في موقع القيادة للانتفاضة وتشكل المجلس الوطني من مجموعة من الخبرات سرعان ما تم الالتفاف عليها واعادة تشكيله وفق مبدأ المحاصصة والتوافقية..وخطأ المجلس وأنا ساهمت به كغيري ودعمته، أننا احضرنا شخصيات في قيادة المجلس تبين أنها حصان طروادة للموقف العربي المتخاذل من جهة ولموقف هيئة التنسيق من جهة أخرى..لهذا خاض المجلس صراعا ولايزال مع هذه الاسماء من أجل تثبيت موقف المجلس رسميا في الداخل والخارج ولدى دول العالم..وتبين أن بعضهم يمارس الشطارة وهو يمارس الكذب طبعا، يخرج في الاعلام ويلمح لطلب التدخل الدولي على سبيل المثال، وفي احاديثه الجدية مع الدول يرفض التدخل العسكري..وتطعمت هذه المعارضة باسماء جديدة كان كثر منهم حتى وقت قريب، يلمع صورة بشار الأسد في الخارج..وقلنا ثورة والثورة تجب ما قبلها، لكن تبين أن في كثير من الحالات أن ما قبلها يبقى حاضرا خلالها وربما بعدها..فكانت المعارضة هذه هي أحد نقاط ضعف الثورة واصبح لدينا لعبة تبادل أدوار بينها وبين المجتمع الدولي المتخاذل، هم يقولون نحن لانطالب رسميا بالتدخل العسكري لحماية المدنيين لأن الدول لاتريد سماع مثل هذه المطالبة، والدول هذه تقول المعارضة غير موحدة وهي لاتريد التدخل العسكري..واتكأ الطرفان على بعضهما في تمرير عام كامل من خذلان الثورة على هذا المستوى..النقاط الأخرى التي شكلت كعب آخيل أيضا، طائفية النظام وجيشه الأساسي الذي يقوم بالاجرام والقتل بدم بارد والنهب..وموقف فاعلي الأقليات، اضافة إلى موقف المشايخ الدينيين من أهل السنة وبعض تجارهم الذين رباهم النظام كما ربى فاعلي الأقليات وادخلهم في جنان مصالحه..
ما ميز الثورة السورية هو خلوها تقريبا من الكتلة الصامتة كما هي الحال في الثورات الأخرى، وانقسم الشارع السوري أكثريته الساحقة ثورة وحرية، والباقي مع النظام خوفا أو مصلحة...النظام استند خلال تلك الفترة على موقف ثلاث دول في اصراره على القتل: هي إسرائيل وروسيا وإيران...والمعارضة التي وقفت وتقف ضد التدخل مرتاحة وتتحرك لأنها أيضا مستندة على مواقف الدول ذاتها..يتبع...