في البدء كانت الكلمة السحرية quot;اتصال contacte quot; التي تخفي سر الحياة والتطور

إن الخوف من الفراغ والخوف من المجهول هو الذي يمنع البشرية من الاعتقاد والتصديق أن البشر ليسوا وحيدون في هذا الكون المرئي إلا أن ذلك لم يمنع العلماء من التساؤل والبحث عن الحضارات والمخلوقات الفضائية التي يفترضون وجودها في أرجاء الكون المرئي الشاسعة، وكلنا يتذكر صرخة الفيلسوف بليز باسكال Blaise Pascale التي أطلقها سنة 1670 إن الصمت الأزلي لتلك الفضاءات اللامتناهية يرعبني. وفي سنة 1950، وأثناء جلسة غداء جمعت عدد من علماء الفيزياء في المختبر العسكري في لوس آلاموس laboratoire militaire de Los Alamos، صرح العالم أنريكو فيرمي Enrico Fermi بصوت عالي بما يجول في ذهنه سراً منذ مدة طويلة وقال :quot; ما أتفه هذه الحياة التي نعتقد أنها فريدة من نوعها، أعتقد أن هناك العديد من الحضارات الفضائية يمكن أن توجد حولنا، وكان ينبغي على إحداها على الأقل أن تتواجد أصلاً بيننا، ومع ذلك لا أرى أحداً منهم، فأين هم إذاً؟ انتشرت هذه الجملة كالنار في الهشيم بين أوساط المشاركين في القسم التنظيري لقاعدة لو آلاموس وكان أول من رد عليها هو العالم ليو سيزيلارد Leo Szilard قائلاً :quot; ألا تعرف أنهم يعيشون بيننا ويسمون أنفسهم الهنغاريين، وهو لم يقصد الإهانة أو التقليل من شأن الهنغاريين وإنما المزح ليس إلا، حيث كان يوجد ضمن المجموعة ثلاثة علماء فيزياء هنغاريين مشهورين ومرموقين يعملون في هذا الصرح العلمي العسكري الأمريكي المرموق وهم: أوجين فاينر Eugegrave;ne Wigner، إدوارد تيللير Edward Teller، جون فون نيومان John von Neumann، وكان يطلق عليهم تحبباً تسمية المريخيون Les Martiens. وكان ليو سيزيلارد Leo Szilard هو أول من اقترح حلاً لما اشتهر فيما بعد بمفارقة فيرمي paradoxe de Fermi، وقد أعقبه كثيرون في ردودهم على تلك المفارقة العلمية، ومن بينهم من ينكر وجود حياة فضائية في الكون خارج الأرض vie extraterrestre، أو يرفض تقبل إعتقاد أنهم يمكن أن يكونوا متطورين ومتقدمين علينا علمياً وتكنولوجياً ويمتلكون أجهزة متطورة جداً ووسائل انتقال باستطاعتها نقلهم بين الكواكب والنجوم. والبعض الآخر يشكك بإمكانية تلك الحضارات أصلاً، حتى إن ثبت وجودها، في الترحال بين النجوم نظراً لشساعة المسافات القائمة بين النجوم والمجرات والتي تتطلب سنوات عديدة، تتراوح بين بضعة عشرات إلى بضعة آلاف أو ملايين، وحتى مليارات من السنين، حتى لو افترضنا أن مركباتهم الفضائية تسير بسرعة قريبة من سرعة الضوء، وكذلك بسبب تعدد المخاطر أمام مثل تلك الرحلات في الفضاء الخارجي، والبعض الآخر يعتقد بأننا لا نستحق مثل هذا العناء لكي تخاطر مثل تلك المخلوقات الفضائية بحياتها من أجل الاتصال بنا، وقلة قليلة من العلماء من حاول وما يزال يحاول العثور على آثار ودلائل عن تلك الحضارات والكائنات الفضائية سواء على الأرض أو في المجموعة الشمسية. المسألة ليست علمية فيزيائية فقط وإنما فلسفية وأخلاقية ودينية ثيولوجية وميتافيزيقية. والآن وقبل أن نتوغل بعيداً في الموضوع نتوقف قليلاً لنوضح ظروف تبلور هذه المفارقة العلمية التي ارتبطت باسم فيرمي مع إنه لم يكن أول من أطلقها. في أعقاب موجة الأطباق الطائرة OVNIS في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عدد آخر من مناطق العالم، في أواخر أربعينيات القرن الماضي، وتركيز وسائل الإعلام على تلك الظاهرة، تساءل عدد من العلماء بجدية عما إذا كان هناك تفسير علمي لها. وفي سنة 1950، إبان زيارة للمختبر العسكري الأمريكية في لو آلاموس كما ذكرنا أعلاه، تواجد عالم الفيزياء الإيطالي الأصل والحائز على جائزة نوبل للفيزياء سنة 1938 أنريكو فيرمي Enrico Fermi تلبية للدعوة الموجهة له. وفي خضم النقاش الذي دار بينه وبين زملائه من العلماء المتواجدين في هذا المختبر العسكري، شكك البعض في الأصل الفضائي لتلك الأجسام المحلقة مجهولة الهوية وسرعان ما تحول النقاش إلى موضوع إحتمالية وجود حضارات كونية أو فضائية بإمكانها القيام برحلات ما بين نجمية voyages intersideacute;raux وفي خضم النقاش المحتد صرخ فيرمي : ولكن أي هم؟ لا يوجد أي أثر في الحسابات التي أجراها فيرمي بغية التوصل إلى معادلته الشهيرة بهذا الصدد لتلك الأقوام. وكان فيرمي قد قام بعدد كبير من الحسابات بشأن العدد المحتمل للحضارات العاقلة والمتطورة في مجرتنا والتي لو ثبت وجودها لكان من المفترض أنها زارتنا عدة مرات في الماضي منذ فجر البشرية، آخذاً بالاعتبار أن شمسنا ولدت قبل أربع مليارات ونصف المليار سنة وعمر مجرتنا أكثر من سبعة مليارات سنة وهذا يعني أن أمام الحياة الوقت الكافي لكي تظهر في أماكن أخرى في المجرة وتتطور وتصبح ذكية ومتقدمة علمياً بما فيه الكفاية لكي تزور الأرض ولعدة مرات، بل وتمكن فيرمي من حساب المدة اللازمة لحضارة فضائية ما، من بين العدد الهائل المحتمل، لكي تحقق التقدم التكنولوجي اللازم الذي يؤهلها لإنجاز مثل هذه الرحلات مابين النجوم والكواكب voyages interstellaires، ومن ثم ما يتيح لها الانتشار داخل مجرة درب التبانة la voie lacteacute;e ورصد العديد من أشكال الحياة العاقلة والمتطور كالتي توجد على سطح الأرض. وتحدد تقديرات فيرمي بأن المدة المطلوبة تنحصر بين بضعة ملايين وبضعة عشرات من الملايين من السنين وهي مدة قصيرة إذا ما قورنت بعمر المجرة الطويل الذي يحسب بالمليارات من السنوات. وبالتالي من المؤكد أنه لو كانت هناك إحدى تلك الحضارات قد نشأت في مكان ما من المجرة لكان بإمكانها الوصول إلينا والاتصال بنا في حين أن واقع الحال يقول بعكس ذلك اي يقول بوجود مفارقة، فهناك غياب تام لآثار مؤكدة لمثل تلك الزيارة، كما يقول فيرمي. وبعد ذلك حدثت انعطافة في مسألة الاتصالات المحتملة مع الكائنات الفضائية المتطورة والعاقلة أو الذكية ففي مقال نشره العالمان الفيزيائيان غييسب كاكوني Giuseppe Coconi و فيل موريسون Phil Morrison سنة 1959 في مجلة الطبيعة Nature اقترحا اللجوء إلى الموجات الراديوية Ondes Radio لأنها توفر أفضل السبل لحضارة فضائية متقدمة بمستوى تقدمنا العلمي تكنولوجياً للاتصال بمثيلاتها عبر غازات وأغبرة وأجسام المجرة. وفي سنة 1961 نظم العالم الشاب آنذاك فرانك دراك Frank Drake أول مؤتمر صحافي كرس للحديث عن الاتصالات مع المخلوقات الفضائية العاقلة وذلك في فرجينيا الواقعة غرب الولايات المتحدة الأمريكية إثر حسابات قام بها سابقاً عن إحتمالية حصول مثل هذه الاتصالات على غرار حسابات الاحتمالية التي قام بها فيرمي مما أتاح له نشر معادلته الشهيرة التي اقترنت بإسمه وعرفت بإسم معادلة دراك eacute;quation de Drak والتي تعطي العدد المحتمل للحضارات الفضائية داخل مجرتنا التي يمكنها التواصل فيما بينها واشتملت المعادلة على معطيات تمثل عدد النجوم التي تشكلت داخل المجرة، وعدد النجوم التي تحتوي على كواكب وأنظمة شمسية على غرار مجموعتنا الشمسية، وعدد الكواكب في تلك الأنظمة الشمسية التي تقع على مسافة محددة من شموسها تساوي المسافة التي تفصلنا عن شمسنا والتي تقع في المنطقة القابلة للحياة فهي ليست حارة جداً ولا باردة جداً وتكون صلدة أو صخرية ولهها غلاف جوي، وعدد الكواكب المحتملة التي نشأت فوقها حياة ذكية وعاقلة وحضارات بلغت على الأقل مستوى حضارتنا علمياً وتكنولوجياً، والمدة الزمنية لحياة تلك الحضارات. وبما أننا نجهل القيم الحقيقية لأغلب تلك المعطيات الرمزية التي تضمنتها المعادلة، ما عدا العنصرين الأولين، اي عدد النجوم التقريبي في المجرة وعدد النجوم التي تحتوي على كواكب، وذلك بفضل عمليات الرصد والمشاهدة التي أنجزتها التلسكوبات الفضائية كوب COBE وأم وامب M WAMP وبلانك Planck مابين سنوات التسعينات في القرن الماضي وأواسط العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. بالطبع لا يمكننا القول أن معادلة دراك تعطينا تكهنات دقيقة إلا أنهت سمحت بهيكلة وضبط النقاش الدائر بهذا الصدد في حدوده العلمية لفترة طويلة من الزمن وجعلت من المسموح به للعلماء البحث في إمكانية نشوء حياة في الفضاء الخارجي في المجموعات الشمسية في مجرتنا أو حتى في باقي مجرات كوننا المرئي. ظلت صرخة فيرمي تتردد خلال عقود أين هم إذاً؟ إلا أن العالم الفلكي الشهير الراحل كارل ساغان Carl Sagan الذي كان طرفاً في النقاشات في لوس آلاموس كتب متذكراً تلك المناسبة في مقال نشره في مجلة علم الكواكب والفضاء planetary and Space Science سنة 1963 قال فيها أن فيرمي أعرب بوضوح عن اعتقاده على نحو جدي باحتمال زيارة الحضارات الكونية العاقلة والمتقدمة التي يعتقد بوجودها كلياً، ولكن في حقب غائرة في القدم من تاريخ الأرض، اي قبل عصرنا الحديث بكثير. وترددت صرخة فيرمي في كتاب نشر سنة 1966 تحت عنوان الحياة الذكية أو العاقلة في الكون La vie intelligente dans lrsquo;Univers بقلم العالمين كارل ساغان وعالم الفلك والفيزياء الروسي يوسف شكلوفسكي Iossif Shklovskii، والذي يعتبر أفضل ما كتب حول هذا الموضوع، ولم يعلق المؤلفان على تساؤل فيرمي إلا أنهما ذكرا بتفصيل ممتع كثير من الدلائل العقلية على صحة احتمال زيارة الحضارات الفضائية المحتملة للأرض. فساغان يعي أهمية وتبعات مثل هذا التساؤل العلمي لكنه متيقن كعالم رصين أن الحياة منتشرة بكثرة في الكون المرئي كنتيجة طبيعية لتطور المادة ويشاطره في ذلك زميله الروسي الذي يعتقد بذلك ايضاً لإيمانه بصحة النظرية المادية الديالكتيكية mategrave;rialisme dialectique ولا يستبعد حصول اتصال بطريقة ما، مباشرة أو غير مباشرة، بسكان الأرض في حقب مختلفة من تاريخ البشرية. كما لفت عالم الفلك الروسي سيرغي كابلان Sergeiuml; Kaplan الأنظار إليه عندما نشر مقالاً سنة 1969 قال فيه:quot; لم تتح لنا تجاربنا المختبرية دحض فكرة الاتصال بالرغم من غياب الروعة الكونية التي تحدث عنها شكلوفسكي، ولا بد من التأمل في تساؤل فيرمي ومفارقته. وفي سنة 1975 نشر المهندس الانجليزي دافيد فيوينغ David Viewing مستلهماً مفارقة فيرمي في عبارة شاعت منذ ذلك الوقت:quot; بعد كل ما قيل، وما ركزت عليه المفارقة الشهيرة لفيرمي، فإن كل منطقنا، وكل معارضتنا لتساوي المركزية anti-iso centrisme، تؤكد لنا بأننا لسنا وحيدين من نوعنا في الكون، وإن الآخرين، يجب أن يكونوا هنا، ولكن أين هم؟ فنحن لا نراهم.quot; والجدير ذكره أن كارل ساغان، أحد أهم أنصار تعدد الحضارات في الكون، هو الذي أطلق على تساؤل فيرمي مصطلح مفارقة فيرمي le paradoxe de Fermi وذلك بعد مرور ربع قرن من تفوه فيرمي به..
تجدر الإشارة إلى أن فيرمي لم يكن أول من صاغ مثل هذا التساؤل. كان أول من أطلقه هو برنار لو بوفييه دي فونتنيل Bernard Le Bovier de Fontenelle في كتابه quot; محادثات حول تعدد العوالم Entretiens sur la pluraliteacute; des mondes الذي نشره سنة 1686 وكان عبارة عن محاورة بين المؤلف وماركيزة من المجتمع الارستقراطي الفرنسي المتنور. فعندما قال لهاquot;: أعتقد بأن كائنات ذكية عاقلة تعيش على كواكب أخرى كالقمرquot; ردت عليه معترضةquot;: لو كان هذا هو وافع الحال لكان من الممكن أن يزور سكان القمر الأرض منذ وقت طويل فأين هم؟quot; فرد عليهاquot;: أن الوقت اللازم لامتلاك القدرة على القيام برحلات فضائية ربما لم يحن بعد خاصة إذا تجاوز الوقت 6000 سنة وهو العمر المقدر للكون في ذلك الوقت في عصر دي فونتنيل لذا من المفهوم أنهم لم يقوموا بزيارتنا بعد، فسكان القمر يعيشيون نفس ظروفنا لأن تاريخهم بدأ في نفس الوقت مع تاريخنا فكما إننا غير قادرون على زيارتهم فهم في نفس الحالة غير قادرون على زيارتناquot;. في حين أن مفارقة فيرمي تتعلق بحضارات نشأت على نجوم أقدم بكثير من شمسنا بملايين أو مليارات السنين. الأب الثاني لتلك المفارقة الشهيرة هو عالم الفلك الروسي قسطنطين تسيولكوفسكي Konstantin Tsiolkovsky الذي اشتهر بنظرياته حول الرحلات الفضائية وتأملاته حول مكانة الإنسان في الكون وبعبارته الشهيرة والخالدة :quot; إن الأرض هي مهد الإنسانية لكننا لا نمضي حياتنا كلها داخل المهدquot; لذلك فهو متيقن من أن الحياة والوعي والذكاء متواجدون بكثرة في الكون وإن مصيرهم هو الانتشار حتماً بمجرد سيطرتهم على مصادر الطاقة في نظامهم الشمسي وفي النجوم المحيطة بهم في مجرتهم. ولقد نشر تسيولكوفسكي سنة 1934، قبل عام من وفاته، كتاب بعنوانquot; الكواكب مسكونة بكائنات حية ذكيةquot;les planegrave;tes sont habiteacute;es par des ecirc;tres vivants intelligents وقال في كتابه أنه يعتقد جازماً بأن تلك الكائنات موجودة وإنها سبق أن زارت الأرض أو على الأقل أرسلت إشارات تشير على وجودها وما علينا سوى البحث عن تلك الاشارات والعثور عليها ومحاول الاتصال بهم حسب إمكانياتنا التقنية.quot; فهل سبق أن زارتنا كائنات فضائية وعَجَلت في نمو حضارتنا حقاً ومتى ؟ وهل نحنُ نتاج كائناتٍ ذكية من عوالم أخرى اختارت النوع الأكثر تقدماً ووعياً في سلسلة الكائنات الأرضية وطعمتها بجيناتها لتسريع نمو الذكاء والوعي والقدرة على التفكير لديها لكي تحقق قفزات تطورية وعقلية وتحقق تقدماً علمياً وحضارياً في أسرع وقت ممكن في إطار عجلة التطور الطبيعية ؟ أي أننا كنا مجرد حقل تجارب بالنسبة لتلك الأقوام التي قدمت من خارج الأرض حسبما تشير لنا كل الشواهد الأرضية الغامضة. فمن يُتابع بتأني تأريخ المجتمعات والحضارات الأرضية القديمة ويدرس بصورة دقيقة آثارها، سيلاحظ على الدوام بروز مجتمعات وحضارات ذكية ومتقدمة بصورة مُذهلة على من حولها من مجتمعات أخرى جامدة وخامدة ومتأخرة، تواجدت بالقرب منها لكنها ظلت بدائية. والسؤال هو كيف ومتى ومن أين جاءت تلك الحضارات الذكية الأرضية التي انطلقت فجأة وتألقت، وكيف إختفت فجأة ولماذا؟.
هل كانت تلك الحضارات الأرضية حقاً حصيلة تطور أرضي بشري إرتقائي من تلقاء نفسها كما تفترض القاعدة والعلوم والمنطق ونظرية التطور والانتخاب الطبيعي الداروينية، أم كانت نتيجة وقطاف مساعدات ولقاح من قبل حضارات متقدمة جداً لكائنات من خارج الكرة الأرضية ؟ هناك آلاف البحوث والدراسات والتفسيرات والتقارير التي تُثبت بصورة دامغة أحياناً بأن كائنات ذكية من كواكب وعوالم أخرى قد زارت أرضنا وتركت إثباتات تؤكد تواجدها في أمكنة وأزمان مختلفة عبر التأريخ. فمنذ بدايات الوعي عند الإنسان القديم ظهرت آلاف الأساطير والخرافات والمعتقدات والأديان والحكايات عن آلهة من كل نوع ولون وشكل نزلت من السماء وإتصلت بالبشر بصورةٍ أو بأخرى ووردت حكايات كثيرة عنها في النصوص الدينية المقدسة وفي كتب الأساطير لدى الأديان الأرضية كالبوذية والهندوسية والمايا وغيرها.
فكرة الآلهة إبتدأت عند الأقوام البدائية القديمة منذ فجر التأريخ، ولا تزال المغارات والكهوف تحمل صورها وأشكالها بوضوح، ويعتقد بعض العلماء أن قسم من الأسباب ربما تتعلق بزيارات من قبل رجال فضاء قادمين من كواكب أخرى، وتم التعامل معهم ndash; بشرياً - على أنهم آلهة هبطت من السماء.
كذلك تحكي الكثير من روايات الأقدمين عن الرحيل الأخير الحزين والمبلل بالدموع لتلك الآلهة المتألةة والحزينة الباكية التي باتت مضطرة للرحيل والمغادرة إلى كواكبها التي قدمت منها، والتي لا أحد عرف أسباب رحيلها المُفاجيء، فكل ما تركته الأقوام القديمة من معلومات تصف آلهتها عبارة عن quot;:رجل أبيض ملتحي، هو في أغلب الأحيان زعيم الزوار الفضائيين، الذين علموهم الكثير مما يجهلون، لكنه يرحل دائماً في نهاية المطاف لوحده أو مع مساعديه وهو يبكي ويقول لشعبه الأرضي : سأعود في المستقبل البعيد، ولا تثقوا بمن سيجيئ بعدي، وكأنه يتوقع زيارات لأقوام أو كائنات فضائية أخرى غيره قد تتعامل مع الفئات البشرية التي تعامل هو معها واتخته إلهاً لها. وعلى غرار ذلك ظهر في جنوب أميركا أشخاص خارقين عاملتهم تلك الشعوب كآلهة، مثل فيراكوشا، كتزاكواتيل، كوكولكان، وغيرهم الكثير في كل حضارات العالم القديم المتفرقة والمتباعدة جغرافياً، وأغلب تلك الحضارات والأقوام قالت بأن آلهتها نزلت من السماء وعادت لها بطريقة من الطرق كل ذلك حرض مئات وألاف المؤرخين والباحثين وعلماء الحفريات والجيولوجين والمنقبين والمغامرين كي يندفعوا منذ بضعة مئات من السنين لرصد وجمع وتحليل وتفسير كل ما له علاقة بهذه المواضيع للوصول لكثير من الحلول والأجوبة لأسئلة كثيرة متنوعة لا زالت تشغل ذهن البشر وعقولهم وأغلبها ينصهر في النهاية بالسؤال القديم : من أين أتينا، وإلى أين سنذهب ؟، ولكنرغم ذلك بقيت الكثير من هذه الأمور أسراراً وألغازاً مستعصية لحد اليوم.
من بين القلائل جداً ممن كرس حياته للعثور على دليل علمي مقبول يوضح لنا خلق الإنسان وبداية الحياة وفك أسرار عجائب الدنيا السبع واتصال البشر بالحضارات الفضائية المتقدمة، هو زكريا سيتكين Zecharia Sitchin، وهو كاتب وباحث من أصل روسي ولد سنة 1922 وتوفي في 9 أكتوبر 2010 وقد جاءت أفكاره ونظرياته لتجمع بين الرؤية التجديدية لفكرة بشرية الآلهة neacute;o-eacute;vheacute;meacute;risme وفكرة التصميم الذكي من نوع حضاري فضائي على يد حضارات كونية جاءت من الفضاء البعيد dessein intelligent de type extraterrestre، وهي أطروحة تجاهلها كثير من العلماء لأنهم نعتوها بالميتافيزيقية والتخيلات الوهمية، وبأنها ليست علمية بحتة ونفر منها عدد كبير من علماء الحفريات والجيولوجيا لأنها تنسف تفسيراتهم للآثار البشرية القائمة إلى يومنا هذا ويعود تاريخها إلى آلاف السنين، ومن بين آثار تغلفها الألغاز والأسرار كالإهرامات وبقايا حضارة شعب المايا وغيرها. ولقد نشر زكريا سيتكين عدة كتب لاقت نجاحاً تجارياً واسعاً عرض فيها نظريته التي أثارت الكثير من السجالات والاعتراضات والتي تستند إلى ترجماته وتفسيراته أو تاويلاته واجتهاداته الخاصة للألواح الطينية المسمارية tablettes cuneacute;iformes التي يعود تاريخها إلى مرحلة زمنية سبقت العصر البابلي preacute;-babyloniennes والتي دونت قصة أصل البشرية l'origine de l'Humaniteacute; حيث تشير تلك النصوص والرقم الطينية حسب ترجمة سيتكين، إلى أن عملية الخلق للإنسان الأول تمت على يد مخلوقات فضائية تدعى الأنوناكي Annunakis الذين عبدهم البشر آنذاك وصاروا آلهة سومرية diviniteacute;s sumeacute;riennes والتي يقول عنها زكريا سيتكين أنها جاءت من الفضاء البعيد des extraterrestres ووصلت إلى الأرض في عصور ما قبل التاريخ Preacute;histoire في منطقة حوض ما بين النهرين ميزوبوتاميا La Meacute;sopotamie حيث شيدت هناك أول مستعمرة أرضية من قبل زوار الفضاء أولئك الذين تحولوا في عقول البشر إلى آلهة. لقد أجرى الآنوناكي تجارب بيولوجية جينية، صارت تعرف اليوم بالهندسة الوراثية، على عينات من الكائنات البدائية وعلى وجه الدقة نوع معين من القرود التي انتصبت على قدميها l' homo erectus ومزوجها مع جيناتهم الخاصة leurs propres gegrave;nes وبذلك خلقوا أول إنسان واعي وذكي يفكر l' homo sapiens وكان الهدف من ذلك استخدامهم كعبيد في عمليات استخراج المواد الأولية التي يحتاجها الآنوناكي من أجل تغيير المناخ وتعزيز وحماية الغلاف الجوي لكوكبهم نيبيرو Nibiru الذي كان يتعرض للخطر الإشعاعي المدمر. ولقد تبين علمياً أن البشر يتشاطرون بالجينات بما نسبته 98% مع قرود الشمبانزي chimpanzeacute; وبنسبة أكبر مع القرود الأعلى المعروفة بإسم l'homo erectus المشكلة تكمن بعدم عثور علماء البيولوجيا والهندسة الوراثية أي علماء الجينات savants de gegrave;nes على آثار لتلك الجينات الفضائية التي طعمت بها الكائنات الأرضية البدائية أي اسلافنا من البشر الأوائل والتي يفترض أنها تعد بالآلاف فهناك عشرات الآلاف من الجينات البشرية geacute;nome humaine والمعروف أن الفرق بين القرد والإنسان يتمثل بآلاف الجينات رغم التشابه والتقارب بينهما. بيد أن العلم يقول أنه حتى مع عدد قليل جداً من الجينات المختلفة فإن الطباع الوراثية les pheacute;notypes الناتجة عن عملية التطعيم يمكن أن تعيد تشكيل النوع الذي أجريت عليه التجارب مما يترك مجالاً كافياً من المصداقية لهذه الأطروحة حسب مستوى معلوماتنا العلمية الحالية في مجال الاستنساخ والهندسة الوراثية وعلم الجينات.
وفي كتابه الممتع quot; الكوكب الثاني عشر la 12e planegrave;te quot; ترجم زكريا سيتيكن أسطورة قديمة ancienne leacute;gende عن ملحمة الخلق L'Eacute;popeacute;e de la Creacute;ation عثر عليها في آثار مكتبة آشور بانيبال les ruines de la bibliothegrave;que d'Assourbanipal في نينوى Ninive، الرموز المنقوشة، ليس على إنها تعبير عن معارك سماوية رمزية بين الآلهة، بل على أنها حقائق ومعلومات فلكية حقيقية faits astronomiques reacute;els، فكل آله يمثل حسب سيتكين كوكب، ومن ثم لحظ كوكباً مجهولاً سماه تيامات Tiamat. وأوضح أن تصادماً حدث بين كوكب تيامات وكوكب نيبيرو والذي عرف عن السومريين بإسم مردوك أو مردوخ Mardouk هو الذي أنجب كوكب الأرض وما حوله، أي حزام من النيازك والمذنبات ceinture d'asteacute;roiuml;de. إن مدار نيبيرو البيضوي أو الإهليليجي orbite elliptique يجعله لا يمر بالقرب من الأرض إلا كل 3600 سنة، مما يسبب في كل مرة باضطرابات تكون أحياناً مدمرة كالفيضانات الجبارة والعواصف الضخمة التي تلتهم مساحات شاسعة من كوكب الأرض. كان العالم الآثاري دافيد آيك David Icke قد اعتبر الآنوناكي مخلوقات من أصل الزواحف Annunakis d'origine reptilienne في كتابه المعنون الأخوة البابلية la fraterniteacute; babylonienne لكن سيتكين عارضه بشدة ولم يعتبر الآنوناكي منحدرين من الزواحف مثلما عارض أطروحة أنطون باركس Anton Parks في كتابه سر النجوم الداكنة أو المعتمة Le secret des eacute;toiles sombres والذي اعتبر هو الآخر الآنوناكي ذو اصل زواحفي، لأن ستيكين يعتبرهم مثل البشر في الهيئة ويختلفون عنهم في القامة ومنهم جاء العمالقة. كل العلوم الحديثة تقول بأن الميثولوجيا بدأت مع السومريين قبل المصريين والرومان والإغريق والأنكا والمايا والهند... الخ، ولكن لا يزال العلماء يجهلون من أين جاء الشعب السومري الذي ظهر فجأة في بلاد ما بين النهرين قبل حوالي ستة آلاف سنة، ويقول بعض العلماء إن هذا الشعب جاء مهاجراً من أماكن ليست ببعيدة عن بلاد ما بين النهرين !!!، ولكن الذي يُناقض هذه الفكرة أن لغة السومريين لا تُشابه أية لغة أخرى في الشرق أو في كل العالم !!، أما ما يدعيه بعض العلماء عن جذوره وعائديتهِ فهي مجرد إفتراضات وإجتهادات شخصية لم يستطع إثباتها أحد !!.
برز الشعب السومري بحضارته الشامخة المُذهلة وبطريقة مُباغتة لا تحمل أي تطور إرتقائي متواصل مع الشعوب التي سبقته جغرافياً وتأريخياً أمثال المرحلة الثانية وهي عصر تل العبيد، والذي سبقته المرحلة الأولى وهي عصر quot;حلفquot; والتي كان موقعها على نهر البليخ في تل زيدان، كما ورد في كتابات العالم العراقي طه باقر.
ونجد أن حضارة شعب سومر تقدم للعالم أول لغة مكتوبة ( المسمارية )، ومدارس ونظام تدريس، وحسابات النظام الستيني في العدد، وخرائط وأطواق بناء هندسي معماري، وحسابات فلكية دقيقة، وكانوا أول من أوجد بناء القبة والصروح الفخمة كالزقورات في أور وأوروك ولكش، وقضاة ونظام للقضاء، وعلوم الرياضيات والطب وعلم المعادن والرسم والنحت والأساطير والملاحم وإكتشاف العجلة وإستخدام المحراث وتدجين الحيوانات والزراعة ونظام الري وحتى صناعة لعب الأطفال، وغيرها الكثير.
وفي سنة 1850.م، وجد البحاثة وعالم الجيولوجيا أُوستن هنري بعض الرُقم والألواح الطينية السومرية قرب مدينة الموصل في العراق، وكانت واحدة من تلك الألواح تتكلم عن آلهة سومرية بإسم ( أنونااكي - Annunnaki ) كانت تعيش بين السومريين، وتقول اللوحة بان الأنوناكي قدموا من كوكب عملاق بعيد إسمه ( نبيرو ndash; Nabiru ) والذي لم يكتشف علماء الأرض وجوده إلا قبل سنوات، وحددوا موقعه خلف كوكب ( بلوتو)، وأسموه ( كوكب x ndash; planet x ). كيف أستطاع السومريين رصد ومعرفة موقع هذا الكوكب البعيد ؟ في حين أن أول منظار أرضي كان قد إخترعه العالم الإيطالي غاليلو غاليله، بعد مضي آلاف السنين من رصد السومريين لهذا الكوكب ؟

في المتحف الألماني يوجد ختم أسطواني سومري ( Selender seal ) وفي طبعة هذا الختم تظهر ثلاثة مخلوقات بشرية، أثنين واقفين والثالث جالس ويبدو كإله أو ملك أو كاهن، وعند حساب طوله لو إفترضنا أنه سيقف على قدميه فسنعرف أنه يُقارب العشرة أمتار، أي أنه وعلى أقل إحتمال أطول بمقدار الثلث من الرجلين الأخرين، وهذا يُعيد للأذهان تفاصيل حكايات وأساطير ومعلومات دينية كثيرة كانت تتكلم عن أقوام عملاقة عاشت وتواجدت هنا وهناك في الزمن القديم وهذا الحدث واضح في الفيلم الوثائقي الممكرس للموضوع الذي عرض في قناة بي بيس ي البريطانية وموجود على صفحتي في الفيسبوك. كذلك يظهر في طبعة الختم الأسطواني، وبالضبط فوق الرجلين الواقفين، صورة واضحة جداً لنظامنا الشمسي، تظهر فيها الشمس في الوسط والكواكب الأخرى حولها وعددها ( 11 ) كوكباً، وهذه حقيقة لم يتوصل لها علماء الغرب إلا قبل 300 سنة، كذلك يظهر كوكب ( بلوتو ) الذي لم نكتشفه إلا في سنة 1930، والذي تم إسقاطه من قائمة الكواكب قبل عدة أشهر بقرار من إتحاد الفلكيين العالمي في براغ، بسبب عدم إحتوائه على مواصفات الكوكب.
وبصورة مدهشة يظهر في الختم الإسطواني كوكب ( نبيرو ) الذي ذكره السومريون في الواحهم، وبصورة دقيقة يقول لنا السومريون بأن هذا الكوكب يقترب من الأرض كل 3600 سنة، وكما نعرف جميعاً فأن هذا الكوكب سيكون قريباً من الأرض في أواخر سنة 2012، حيث يقول بعض العلماء بأنه إذا اصطدم هذا الكوكب أو الكويكب مع الأرض فسوف تحدث أكبر كارثة أرضية في التأريخ، أو ربما ستكون نهاية الأرض وما عليها من مظاهر الحياة، لكن الحسابات الفلكية تستبعد وقوع الاصطدام و لو كان سكان هذا الكوكب أقدم مِنا حضارةً بآلاف السنين، فلابد أن يكونوا على درجة عالية جداً من التكنلوجيا والعلوم التي ستجنبهم وتُجنبنا هذه الكارثة الفضائية.
كذلك تقول معلومات السومريين بأن الأنوناكي قدموا للأرض قبل 000. 450 الف سنة، وهبطوا في المنطقة المحصورة بين دجلة والفرات والمعروفة تأريخياً بإسم أرض شنعار أو الميسوبوتاميا، وإنهم كَوَنوا خلية إجتماعية سموها عدن edin قد تكون هي نفسها التي ذكرها سفر التكوين ( genegrave;ses ) لاحقاً وسماها جنة عدن وإدعى العبرانيون بأن الله خلق في أرضها آدم، ومن ثم خلق من ضلعه حواء، وكما هو معروف لكل من يؤمن بالعلم والعقل والمنطق، فأن ( أغلب ) قصص التوراة La Bible ndash; العهد القديم ndash; مسروقة ومقتبسة مع بعض التحوير من حكايات وأساطير وملاحم السومريين وأقوام بلاد ما بين النهرين، ومنها قصة طوفان نوع المقتبسة حرفياً من ملحمة كلكامش، وقصة هبوط الإيلوهيم من السماء، والتي استغلها الصحافي الفرنسي كلود فوريون وشيد طائفة دينية بإسم الرائيليين حيث ادعى أنهم التقوا به وأودعوه رسالة للبشرية وإنهم هم الذين خلقوا البشر بواسطة علم الاستنساخ la clonqge. كما يقول السومريون أيضاً بأن الأنوناكي هم الذين خلقوا البشر من طين، وعلى صورتهم وأعطوهم من نورهم، وإن أسباب قدومهم للأرض كانت من أجل إستخراج الذهب ومعادن أخرى ثمينة ونقلها لكوكبهم البعيد، وأنهم كانوا يُديرون مناجم للذهب كثيرة جداً وفي المنطقة المعروفة اليوم بإسم زمبابوي. فهل هناك أي إحتمال في أن نكون جميعاً من خلق أقوامٍ نائية وبعيدة في كواكب ربما ترصدنا وتُراقبنا عن كثب كما نراقب نحنُ أي مزرعة نباتية أو حيوانية لنا صغيرة هذا ما سنحاول مناقشته في المقال القادم. يتبع


[email protected]