يعيش النظام الايراني حالة من التخبط السياسي و الاعلامي و الاقتصادي تلفت النظر أکثر من أي وقت آخر، حيث أن التناقضات و التضاربات و الاخطاء الفاحشة، باتت من الملامح و السمات الملازمة للنظام طوال الاشهر الاخيرة بصورة خاصة.

المشاکل و الازمات المتباينة التي تعصف بالنظام و تنخر قواعده الاساسية التي يقوم عليها بنيانه و هيکله، باتت عميقة و مترسخة بصورة لم تعد تنفع معها جرعات التهدئة و التخدير التي يحقنها النظام في تلك القواعد على أمل بعث الحياة و القوة و العزم فيها، وان تراجع اداء النظام على الاصعدة السياسية و الاقتصادية و الاعلامية و إزدياد حملات التعرض له و التشکيك بسياساته و مختلف الامور المتعلقة به و ظهور علامات الضعف و التراخي على مائدات محادثاته، تؤکد بأن مرحلة جديدة حاسمة في إنتظار هذا النظام، مرحلة من شأنها أن تؤسس لمنعطف تأريخي جديد في المنطقة.

لقد شهدت الاعوام الثلاثة المنصرمة، استخدام النظام الايراني لأقصى درجات نفوذه في لبنان و العراق، عندما تدخل و على أکثر من صعيد في هذين البلدين، ولاسيما في تشکيل حکومتين في البلدين و کذلك التدخل في الشأن القضائي و إصدار أحاکم قضائية ذات طابع سياسي بحت ضد او لصالح شخصيات معارضة او مؤيدة له، کما تدخل أيضا في الشأن الاعلامي أيضا عندما فرض حضورا إعلاميا ذو طابعquot;أمنيquot; أيضا في کلا البلدين.

أغلب الظن، أن ملالي طهران قد تصوروا بأنهم و عندما ينتهجون هکذا سياسية على تلك الاصعدة ساردة الذکر، فإن نتائج باهرة ستکون بإنتظارهم و ان الاطراف و الاحزاب و الشخصيات السياسية المعارضة لهم في ذينکما البلدين، سوف ينکفئوا على أنفسهم و يترکوا الساحة برحابتها للنظام الايراني، لکن شيئا من کل ذلك لم يحدث بل وان ماحدث و يحدث لحد الان هو على العکس تماما، وهذا ماأطار بصواب الملالي و يکاد أن يفقدهم رشدهم، ولاسيما عندما يجدون عدم إکتراث زعيم القائمة العراقية أياد علاوي و رئيس اقليم کردستان مسعود البرزاني بکل ضغوطات و التهديدات الضمنية ضدهما و استمرارهما في نهجهما السياسي المتشدد ضد رئيس الوزراء نوري المالکي، بل وان التخبطات الاعلامية الاخيرة للنظام قد حفلت بنوع من التعرض لشخصيات و أحزاب عراقية عربية و کردية على حد سواء و تحديدا ضد شخصيات محسوبة على القائمة العراقية و الحزب الديمقراطي الکردستاني.

اجواء الربيع العربي التي طغت على العديد من دول المنطقةquot;ذات الشمولية منها على وجه التحديدquot;، وإزدياد المراهنات و التوقعات بأن مربط الفرس في هذا الربيع هو النظام الايراني نفسه، وبعد أن دکت عواصف و رعود الربيع العربي نظام بشار الاسد المتحالف مع الملالي، فإن هيبة و مکانة النظام لدى دول و شعوب المنطقة و العالم قد تراجعت کثيرا، وطفقت الحسابات تجري بصورة تضع نفوذ و تأثير و دور الملالي في المنطقة على الرف تماما، ولعل الدور الترکي بهذا الخصوص و کذلك السعودي و المصري الى حد ما، وکذلك تحرك الاطراف السياسية العراقية و اللبنانية المناوئة للدور و النفوذ الايراني في بلديهما، تؤکد بأن النظام الايراني قد بلغ من الکبرquot;عتياquot; ولم تعد هيبته کسابق عهده خصوصا وان تخبطاته السياسية و الاقتصادية و الاعلامية الاخيرة تجسد بشکل او بآخر ملامح الخرف التي باتت تطغي عليه رويدا رويدً!

[email protected]