بمناسبة اليوم 12 يوليو اليوم العالمي ضد رجم النساء.. وبمناسبة التعليقات التي وردت إلى مقالتي السابقة تحت عنوان quot;quot;حاجة المجتمعات العربية إلى قوانين مدنية تطالب بها الشعوب يؤكد صحوتهاquot;quot;.. أشكر كل من ساهم فيها حتى ولو بتجريحي..فمع قلة القراء العرب.. وقلة إستعداهم للمشاركة فتعليقاتهم تؤكد أنني لمست عصبا.. دفعهم للصراخ في محاولة مستميتة لإسكاتي..
كتابتي لا يحركها كره لأي دين.. ولكني وكما أكدت في بداية مقالي quot;quot;أنني أتخوّف من كل متعصبي ومتطرفي الأديان quot;quot;.. ما كتبته هو الخوف من ديكتاتوريتهم التي ستهدم أركان المجتمعات العربية التي أصبحت ترتجف خوفا من كلمتي حرام وحلال ناسية بأن من بين أسماء الله الحسنى. المحبة والمغفرة التسامح.. ولكن الأهم أنه عز وجل ليس بديكتاتوريا.
رسالتي التي أردت إيصالها للقارىء هي أنه يبدو بأن الإنسان العربي تخلّص من ديكتاتور.. ليواجه بدكتاتورية أشد عنفا وتعنيفا وقمعا للحريات.. لأن هذه الديكتاتورية تتكلم بإسم الدين.. وبإسم الإله.. وتؤمن بان لديها تفويضا إلهيا يعطيها الحرية التامه في قمع كل ما لا يعتقدوا أنه في صالح الدين.. وهي مبنية على تقييم شخصي وليس إلهي.. نظرا لتقرير الإمام جلال الدين السيوطي بأن هناك ستين ألف فهم لكل آية في القرآن الكريم.
وفاة الشاب احمد حسن عيد.. ليست بحادثة فردية.. والقتلة لم يكونوا أفرادا عاديين.. بل هم على علاقة وثيقة (كما اعترف أحد المتهمون ) بشيوخ السويس.إضافة أنه وطبقا للعديد من الصحف بأن هناك العديد من الجرائم التي تحدث في مصر وفي غيرها من دول الربيع العربي كلها تمت على أيدي ملتحين ولا بسين جلابيب..وبالتالي حتى وإن لم يكن هناك وجود لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فإنه يؤكد بتنامي ظاهرة العصبية الدينية العمياء التي قد تصبح هي السائدة إن لم تتصدى لها الشعوب العربية نفسها..
إن عدم وقوف أي من سيارات الأجرة لنقل الشاب إلى المستشفى يؤكد إختفاء الضمير الفردي. والخوف من ان يتورط أحد منهم مع مثل هذه العصابات التي تدّعي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..وبالتالي إختفاء أي من المظاهر المجتمعية الصحية كما اوردها أحد المعلقين.. مظاهر الخير والإيثار والمروءة والشهامة!!!!!!!
القوانين المدنية لا تعني أنها تخالف روح الأديان في حرصها على الإنسان المخلوق المكرّم عند الإله.. وبالتالي فإن تكريم هذا الإنسان يعلو بالضرورة ووفقا لأخلاقيات الدين على أي قوانين تتعارض مع مصلحتة.. ومصلحة المجتمع الذي يعيش فيه.. بدون تأويلات دينية للقوانين وبدون نفاق ولا تحايل.. المثال التالي قد يوضح للقراء قصدي وما هدفت إليه...
في حوار مع احد الأشخاص الذي أكن له إحتراما كبيرا.. وأحترم تقواه.. عن ان أحكام الشريعة تتماشى مع حقوق الإنسان ومع الديمقراطية وأنها تصلح لكل زمان ومكان.. لأنها قوانين إلهية أدري بمصلحة البشر.. إجابتي له.. إذا كنت تؤمن حقا بهذا.. فلماذا تتحايل على قوانين الإرث كما جاءت في الشريعة وذلك ببيع ممتلكاتك لبناتك مسبقا وقبل وفاتك.. وهو الذي لم يرزق إلا بالبنات.. وله عائلة كبيرة من أخوة وأخوات؟؟؟
أعرف تماما بأن هناك العديد ممن يفعلون الشيء نفسه لأن العلاقة الطبيعية الأبوية تتفوق على كل العلاقات الأخرى حتى وإن كانت اخوية... ويعتبر هذا الفعل مقبولا مجتمعيا.. ولكنه أيضا تحايلا مقبولا مجتمعيا؟؟؟
أما الأحكام التشريعية فيما يخص بوجود غير مسلم في بلاد المسلمين.. فكلنا تعلمنا انها مبنية على فقه الذمة المستند إلى العهدة العمرية.. والتي تؤكد نصوصها على إختلاف حقوق وواجبات كل فصائل المجتمع.. فلا يتساوى فيها الحر مع العبد.. ولا الحرة مع الأمة.. ولا الذكر والأنثى.. أي إنعدام العدالة وهو ما لا يؤسس لمجتمع سوي يتشارك كل أفرادة في جعله تربة صالحة لمستقبل أطفالهم.. بل يؤسس للكره والبغض بين جميع أفرادة المختلفين سواء دينيا.. أم جندريا.. إن فكرة عدم جواز تقديم التعازي لغير المسلمين ولا مشاركتهم احزانهم.. تعمّق وتجذّر لفصل عنصري في المجتمع لا يقل ضراوة عن الفصل العنصري الذي نرفضه كليا في الإحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع.. لأنه وفي الحالتين تؤكد عدم المساواة في المواطنة بل إنعدامها.. والذي ولربما كان ممكنا وجائزا ومتماشيا مع ما كان موجودا آنذاك قبل 1400 سنة.. ولكنه معيب في حق أي دين في هذا العصر.. لأن المساواة أصل العدالة الإجتماعية وهذه العدالة لا يمكن أن تتعارض مع الإرادة الإلهية..
أما موضوع المرأة وحقوقها.. فأنا أعترف بأن الديانة الإسلامية تفوّقت على اليهودية والمسيحية آنذاك حين أعطت للمرأة الحق في الطلاق.. والحق في نصف حق الرجل في الميراث.. وهو ما كان مفقودا في كلتا الديانتين.. ولكنها انتقصت منها كإنسانة لها مشاعر وأحساسيس حين قننت ضرب المرأة وجعلته مسرحا لتأويلات بشرية في كيفية الضرب وطول العصا.. حين سمحت بتعدد الزوجات وبملك اليمين.. وبقصورها في كل فترات حياتها وحاجتها لولي حتى وإن كان أصغر أبناؤها.. حين تركنا الباب مفتوحا في موضوع الرجم.. فبينما لم يذكر في القرآن الكريم.. تؤكد أقوال الخليفة عمر بأنه كانت هناك آية للرجم وأن الرسول عمل بالرجم ورجمنا خلفه؟؟؟؟
بينما نعلم وفي القرن الحادي والعشرين بانه أقسى وأحط أنواع العقوبات وأنه يتنافى كليا مع المشاعر الإنسانية الطبيعيه للبشر.. ولكن يبدو بأن الحاجه إلى معونات الدول الأخرى خففته في أفغانستان مؤخرا حين أعطت زوج المشتبه بزناها بندقية لقتلها أمام حشد من المتفرجين ومن كاميرات العالم!!!
السؤال هنا.. وحيث أننا أمة واحدة جنسيتها ومواطنتها الدين فقط.. متى سيحتذى به في دول الربيع العربي..
أما حق إختيار الزوج الذي ذكره أحد المعلقين فهو حق قاصر على طبقة معينة من المجتمعات العربية لا تتجاوز نسبة 20%.. لأن البقية الباقية لا تملك أي من الخيارات وتخضع لإختيار ولي الأمر في كل مراحل عمرها.. وتزوج بدون إذن لمن قد يكون في عمر أبيها!!!
يتساءل أحد القراء.. بأن الإسلام ليس زواجا فقط.. وأنه نظام كامل للحياة..
في القرن الحادي والعشرين.. وبعد أن خرجت أوروبا من القرون المظلمه.. وتخلت عن سلطة رجال الدين.. تدخل المنطقة العربية كلها في ظلمات فتاوي رجال الدين.. وتقديسهم والتشبه بهم والتغاضي عن أفعالهم المشينه والتي تعطي الرخصة لبقية أفراد المجتمع بأن يقتدوا بهم.. تماما كما يحدث الآن مع تقديس القرضاوي والتغاضي عن زواجاته.. خاصة زواجته الأخيره من فتاة تصغره بأكثر من أربعين سنة وهو الرجل الثمانيني؟؟؟؟
خطابهم الديني المشوه للدين ولأخلاقيات الدين.. جعل شعوب المنطقة العربية يمتلئون إمتلاء فارغا بالنفس.. إضافة إلى أنهم إعتقدوا بل وآمنوا بأن حلول كل مشكلات العصر موجوده في الكتاب.. سواء العلمية.. أو التكنولوجية.. وحتى الطبية.. فأصبحنا نعتمد على كل تاويلاتهم وتفسيراتهم فيه بدلا من التوجه إلى العلم.. أو إعمال العقل!!!!
إن ميزانية البحوث العلمية في كل المنطقة العربية هي الأقل في العالم حتى في الدول الغنية.
نعم.. تنامي فكرة التدين.. وهو في أكثر احواله تديّن مزيف ساهمت في خنق الحرية الفكرية وحرية الإبداع.. وكل الحريات.. نعم خنقت أصوات المفكرين خوفا من فتاوي التكفير وعزلتهم عن مجتمعهم.. ودعتهم للبحث عن مكان آمن خارج بلادهم برغم وحشة وقسوة الغربه..
ظاهرة العصبيات الدينية وتنامي هذه الظاهرة في كل العالم وفي المنطقة العربية بالتحديد خطر يهدد السلم العالمي.. ويهدد جميع أبناؤنا سواء في الشرق والغرب.. والحل في منتهى البساطة.. فصل الدين عن الدولة... وليس تحايلا على العصر وعلى حقوق الإنسان العربي في العدالة والمواطنة والمساواة؟؟؟؟
quot;quot; الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع والأزهر الشريف هو المرجعية النهائية لتفسرها، ولأتباع المسيحية واليهودية الحق فى الاحتكام لشرائعهم الخاصة فى أحوالهم الشخصية وممارسة شئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحيةquot;quot;.
أحلام أكرم - مديرة منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية
التعليقات