نقرأ اليوم ان برلمانيا أردنيا يشهر سلاحه على الهواء مباشرة ضد أحد أنصار بشار الأسد وقرأنا أيضا قبل عدة ايام في المواقع الأليكترونية الأردنية مؤخرا بيانا وقعه 675 شخصية أردنية تعبر عن تأييدها لنظام المجازر السوري والسفاح بشار الأسد. هذا ليس غريبا حيث أن هناك مجموعة من بقايا اليسار والبعث الأردني ومن الذين غسلت ادمغتهم بشعارات المقاومة التي لا تقاوم والممانعة التي لا تمانع والتحرير التى لم تحرر شبرا مربعا واحدا من الجولان لا تزال تصدق شعارات الكذب والدجل. فمنذ هروب الجيش السوري من الجولان قبل اربعة عقود ونيف لم يطلق الجيش السوري رصاصة واحدة على تلك الجبهة.

وهبوط طائرة ميغ 21 السورية الخميس 21 حزيران في احد المطارات العسكرية في شمال الأردن ومنح السلطات الأردنية اللجؤ للطيار سلط الضؤ على العلاقة الأردنية السورية المتوترة.

وقد نسي وتناسى هؤلاء ان الجيش السوري قتل من الفلسطينيين في السبعينات والثمانينات اكثر مما قتلت اسرائيل من الفلسطينيين منذ 1967. أقول لهؤلاء انهم مخطئون ويقفوا مع الظلم والقمع وضد الشعب السوري ولاسباب ايديولوجية بعثية وغوغائية لا تستند على أي منطق انساني.

لا يستطيع الأردن الاستمرار في دور المتفرج المحايد بينما يتعرض الشعب السوري لمذابح منهجية من قبل نظام غير اخلاقي لا يأبه للانسان بل يعتمد شعارات الكذب والدجل ليضحك على الساذجين والبسطاء.

العلاقة الأردنية السورية ليست ممتازة ولم تكن ممتازة فالتآمر السوري ضد الأردن موثق ومعروف ويعود لعقود من الزمان. تهديدات سوريا للأردن لم تتوقف وليست جديدة ورغم النفي والتنصل الا أن آصف شوكت نائب رئيس الأركان السوري للشؤون الاستخباراتية وجه تهديدا في اكتوبر تشرين اول 2011 بتوجيه ضربة عسكرية للأردن وفي اواسط مارس آذار 2012 وأمام الموفد الدولي كوفي عنان هدد بشار الأسد الأردن والسعودية.

رغم انه لا قيمة استراتيجية لهذه التهديدات الا انها تشير الى عداء وحقد دفين ضد الأردن وضد السعودية وقطر وكل هذا يأتي من نظام عاجز ومتواطيء ازاء احتلال الجولان حيث لم يطلق نظام دمشق البعثي رصاصة واحدة منذ اوائل السبعينات واعتدنا على سماع النغمة المملة التي تأتي بعد كل انتهاك اسرائيلي لسوريا quot;سيأتي الرد المناسب في الوقت المناسبquot; ويعني ذلك اطمئني يا اسرائيل لا نستطيع ان نفعل شيئا.

التهديدات السورية لا تخيف الأردن ويستطيع الأردن رد الصاع بصاعين فالجيش الأردني جيش مهني محترف ومدرب تدريبا عاليا وليس جيشا طائفيا وليس مجندا اجباريا مثل الجيش السوري الذي يستعرض بطولاته وعنترياته فقط ضد الاطفال والنساء والمتظاهرين. وبعكس سوريا، الأردن بلد متماسك سياسيا واجتماعيا خلف قيادة هاشمية حكيمة تحترم المواطن ولا تقتل المتظاهرين ورغم حجمه الصغير وموارده المحدودة الا انه يتمتع بقوة عسكرية فاعلة قادرة على صد اي مغامرة سورية كما حدث في ايلول عام 1970.
ولكن على الأردن التخلي عن سياسة الحذر المفرط والحياد السلبي وان يعلن للمللأ وقوفه الى جانب الشعب السوري. فقد طفح الكيل والمراهنة على حصان بشار الأسد الخاسر سيأتي بالمزيد من المآسي للشعب السوري. هذا النظام الاجرامي فقد الشرعية في عيون شعبه وفي عيون العالم ولا يخفى على أحد باستثناء روسيا وايران ان نظام دمشق يلعب دور المخرب والبلطجي في المنطقة. من لا يصدق هذا الكلام عليه ان يسأل اللبنانيين والفلسطينيين. وسقوط النظام بات أمرا مفروغا منه ولم يعد مسألة هل سيسقط بل متى سيسقط؟ سوريا ليست دولة صديقة بل دولة عصابات لا يمكن الائتمان لها او الثقة بها وهذا ينطبق على كل حلفاءها واتباعها وكل من له ارتباطات مع هذا النظام.

في هذه اللحظات التاريخية الهامة على الأردن ان يقف مع الشعب السوري ضد الدكتاتورية بدون تحفظ وتردد. المشهد الدولي والاقليمي يستدعيا ان يأخذ الأردن موقفا واضحا وحاسما. نعرف ان روسيا والصين تقفا مع الدكتاتورية ضد الشعب السوري. ونعرف ايضا انه باستثناء الجزائر وايران واسرائيل ولبنان فان الغالبية العظمى من دول العالم أخذت موقفا مضادا لنظام المجازر والمذابح. ويجب التنويه ان الموقف اللبناني فرض عليها من طهران. ويبدو ان العراق سحب دعمه لبشار حسب الكلمة التي القاها وزير خارجية العراق في مؤتمر القاهرة الأخير. أما اسرائيل ستبقى راضية عن نظام يضمن احتلال الجولان ولا يطالب بها ولا يأخذ اي خطوات لاسترجاع الجولان لأن البقاء في السلطة والسيطرة على الثروات بالنسبة للنظام أهم من الجولان رغم شعارات الكذب والدجل والممانعة. واعترف بذلك رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد في ايار 2011 عندما قال لصحيفة النيويورك تايمز ان امن اسرائيل يرتبط بأمن سوريا.

معظم دول العالم تقف ضد النظام السوري حيث ادانت أكثر من 137 دولة نظام دمشق في الجمعية العمومية اواسط شهر فبراير 2012.

في 14 نوفمبر تشرين الثاني 2011 قال جلالة الملك عبد الله الثاني للصحفيين في لندن انه لو كان مكان بشار لتنازل عن السلطة. ونقلت النيويورك تايمز الخبر بعنوان بارز يقول quot;ملك الأردن اول زعيم عربي يقول لبشار الأسد عليك بالتنحي. غالبية الشعب الأردني يدين نظام دمشق بدون تحفظ والاستثناء هو عدد من اليساريين الاعتذاريين الذين لا يزالوا يصفقوا ويطبلوا لنظام دمشق الممانع والصامد والرافض ويعتبروا الثورة الشعبية مؤامرة صهيونية امبريالية وهؤلاء أنفسهم لا يزالوا يترحموا على صدام والزرقاوي والقذافي. وهم انفسهم يطالبون بالاصلاح والتغيير في الأردن ولكنهم لا يريدوا للشعب السوري ان يطالب بالاصلاح والتغيير. هذه فئة قليلة منافقة فقدت مصداقيتها وأدمغتها مغسولة بصابون شعارات البعث القومية الجوفاء.


وكخطوة مبدئية يجب طرد السفير السوري البلطجي بهجت سليمان من عمان وسحب السفير الأردني من دمشق.

والخطوة التاليه هي العمل بالتنسيق مع دول صديقة مثل السعودية وقطر وتركيا على ايقاف المجازر من خلال تأسيس مناطق آمنة او عازلة أو ما يسمى No Kill Zones مناطق ممنوع القتل فيها والتي اقترحتها Anne-Marie Slaughter آن ماري سلوتر استاذة السياسة والعلاقات الدولية في جامعة برنستون في مقالها في صحيفة النيويورك تايمز بتاريخ 23 شباط فبراير 2012. والجدير بالذكر ان هيلاري كلينتون عينت آن ماري سلوتر كمديرة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية. هذا الاقتراح يستدعي تأسيس مناطق آمنة على الحدود اللبنانية والتركية والأردنية لا يسمح فيها للنظام السوري بالقصف او اطلاق النار. ومن هذه المناطق يتم تأسيس ممرات آمنة لكي تتمكن منظمات الصليب الاحمر والاغاثة الدولية من ايصال المساعدات للمحاصرين والمنكوبين.

المطلوب تزويد الجيش السوري الحر باسلحة مضادة للدبابات وصواريخ محمولة على الكتف مضادة للمروحيات العسكرية والطائرات. وكذلك معدات لرصد وكشف مواقع القناصين وتحييد قدرتهم على القتل..

استخدام قوات خاصة من الأردن والسعودية وربما وربما بمساعدة قطرية وتركية وحتى فرنسية وبريطانية لتقديم الدعم اللوجستي للجيش السوري الحر لتمكينه من القيام بعمليات نوعية ضد اهداف عسكرية والأهم من ذلك جمع معلومات استخباراتية عن تحركات الجيش النظامي السوري ومخططاته ورصد تحركات الدبابات والاسلحة الثقيلة وتضييق الخناق على القناصة وحصرهم في اماكن لا يستطيعوا الهروب منها.
الهدف ليس الانتقام والقتل العشوائي بل انقاذ الناس وتقديم المساعدات للجرحى والمنكوبين.
وبعد احراز تقدم ملحوظ ضد الجيش السوري النظامي بالامكان توسيع المناطق الآمنة وممرات الاغاثة.
هذا أقل ما يمكن عمله لمساعدة الشعب السوري في اسقاط نظام المجازر وتعذيب الاطفال. لم يعد احد يصدق الشعار المستهلك ان سوريا ليست ليبيا كعذر للتقاعس والوقوف كالمتفرج بينما يذبح الناس بالمئات يوميا. في الواقع ان سوريا تحتاج الى تدخل عسكري حاسم وسريع بسبب موقعها الاستراتيجي ولأن البديل سيكون حرب ابادة وزعزعة للمنطقة بأكملها ونشوب حرب اهلية هي اكثر خطورة من حملة عسكرية حاسمة لاسقاط النظام.
يتعين على الأردن ان يقف الى جانب الشعب والحق ضد القمع والظلم. والتاريخ لا يغفر للتقاعس والأعذار.
لا أطالب من الأردن أن يتحمل العبء الأكبر والمسؤولية لوحده ولكن كمؤيد للأردن منذ فترة طويلة اعتقد جازما ان مصلحة الأردن على المدى البعيد تستدعي التدخل الحاسم وبالتنسيق مع قطر والسعودية وقوى دولية واقليمية لتغيير مجرى التاريخ للأفضل ولانقاذ شعب عربي شقيق من عصابات همجية لديها الاستعداد ان تبيد معظم الشعب للتمسك بالسلطة للأبد.

اعلامي عربي

لندن