مهما سعى النظام الديني الحاکم في إيران للمطاولة و المراوغة و إستغلال الفرص و الثغرات من أجل البقاء فترة أطول، فإنه لاريب في طريقه الى إخلاء الساحة في إيران، وان الاتجاه العام للأمور المتعلقة بالمشهد الايراني تؤکد هذه الحقيقة.

الإعتراف بمطاولة و مراوغة النظام الايراني، لايعني بالمرة أن المجتمع الدوليquot;ولاسيما الدول الغربيةquot;، کانت عاجزة او غير متمکنة من مسايرة هذا النظام، لکنهاquot;أي هذه الدولquot;، کانت تنتظر إختمار الظروف و مجئ الوقت المناسب للتحرك الجدي ضده، ولاسيما وانه کان يراهن دائما على الورقة الاقليميةquot;قبل أحداث الربيع العربيquot;، و إمکانيته في التأثير على الامن و الاستقرار في المنطقة، لکن التغييرات الاخيرة التي حدثت في دول المنطقة و على وجه الخصوص في تونس و ليبيا و مصر، قد سارت کلها بسياق يکاد أن يکون متضادا او متنافرا على أقل تقدير من النظام الايراني، وبعد أن کان هناك ثمة توجس من إمتلاك هذا النظام لموطئ او حتى مواطئ أقدام في تلك الدول، جاءت هذه الاحداث لتؤکد بأن النظام الايراني قد کان يغني خارج سرب التغيير في المنطقة تماما.

الثورة السورية و منذ إندلاعها کان هناك ثمة تضارب و تعارض واضح جدا بينها و بين النظام الايراني وصل الى حد المواجهة العسکرية و السياسية و الاعلامية بين الطرفين، وصارت الثورة السورية و الموقف السلبي لرجال الدين الحاکمين في إيران منها أساس و فيصل لتحديد المواقف من طهران من جانب مصر و ليبيا و تونس بصورة خاصة، بل وان هذا لموقف السلبي و المشبوه للنظام الايراني قد إنعکس أيضا على داخل إيران إذ يبدو الشعب الايراني متبرما و متضايقا من هذا الموقف غير السليم و النظيف على حد سواء، والعبرة الاهم و الاکثر خطورة و حساسية في المشهد السوري الحالي، هي أن النظام الايراني و بعد أن کان يهدد بإشغال و توريط دول المنطقة و العالم بمشاکل و ازمات سياسية و أمنية طاحنة، صار هو بنفسه متورطا في الملف السوري و غارقا فيها الى أذنيه وحتى يمکن أن نشبه بين التورط الامريکي في الوحل الفيتنامي و السوفيتي في أفغانستان، بالتورط الحالي للملالي في الوحل السوري، مع فارق مهم إذ أن الامريکان و السوفيت دولتان عظمتان تمکنتا من إمتصاص الانعکاسات السلبية لورطتيهما في ذينکما البلدين، في الوقت الذي لايمتلك فيه النظام الايراني هکذا ميزة وهو مايعني توقع أن تکون هناك آثار بالغة السلبية على الاوضاع في إيران قد لاتقف عند الحدود العادية و المألوفة.
مايشاع و يزعم بأن الربيع العربي مجرد مؤامرة و مخطط غربي يهدف الى إعادة تقسيم المنطقة و سايکس بيکو جديدة، هو زعم قد صدر عن النظامين السوري و الايراني قبل غيرهم و منهما و من خلال الابواق و المصادر التابعة لهما تم الادلاء به للآخرين کي يجترونه و يعيدونه بسماجة ليست بعدها من سماجة، ولاسيما وان إجترار هذا الزعم و تکراره بصورة ملفتة للنظر قد صار بعد إندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا، خصوصا بعد أن أدرك ملالي إيران معنى و مضمون سقوط النظام السوري و ماسيخلف ذلك السقوط الکبير من آثار إستثنائية بإمکانها أن تصبح بداية الهدوء الذي سيسبق العاصفة في إيران.

الحديث عن التغيير في إيران و عن ربيع إيراني سيکون بمثابةquot;النهاية السعيدةquot;لثورات الربيع العربي، أمر تم التأکيد عليه و الاشارة إليه منذ أحداث تونس و مصر و ليبيا، وهو أمر إنتبهت إليه مختلف الاوساط السياسية الاقليمية و الدولية و شرعت تبحث فيه و تقلبه من مختلف الجوانب، خصوصا فيما يتعلق بشکل و مضمون الثورة الايرانية الجديدة و ملامح و سمات البديل الجديد القادم الى دست الحکم في طهران، والذي ساعد و يساعد على جعل فرضية التغيير في إيران على خلفية أحداث الربيع العربي حقيقة، هو ان الموقف السياسي للأنظمة التي أعقبت احداث الربيع العربي قد جاء عفويا و تلقائيا يکاد أن ينطق بلسان الشارع الشعبي في تلك الدول، ولهذا الامر أکثر من دلالة و معنى.

[email protected]