تتسارع الاحداث حول ما اذا كانت ستتم الضربة الامريكية ضد سوريا ام سيتم الحل سلميا من خلال التوافق على ما اقترحه وزير الخارجية الامريكي جون كيري وموافقة كل من موسكو وسوريا على وضع الترسانة الكيماوية تحت رقابة دولية.

بالرغم من تشكيك جون كيري بقبول النظام السوري الموافقة على الاقتراحات التي قدمها بشأن الاسلحة الكيماوية، الا ان المقترح الروسي والموافقة السورية يعتبران خطوة مهمة على صعيد البدء في البحث عن حل سياسي يجنب سوريا والمنطقة حرب مدمرة، فكل الاطراف تعي ما معنى اشعال حرب في هذه المنطقة المهمة لان دول كثيرة ستتضرر منها، ولذلك كل الاطراف تبدي عدم رغبتها في هذه الحرب وتشعر بأنها محرجة ومرغمة عليها.

الجانب الامريكي الذي يعتبر من اكبر المتحمسين لتوجيه ضربة ضد سوريا ومن ورائه بعض الدول الغربية التي انتظرت ما تقرره الادارة الامريكية لان الدول الغربية بدون القرار الامريكي لا تستطيع فعل اي شيء لوحدها، ولكن الموقف الامريكي الذي بدا متذبذبا في البداية، الا انه بعد ذلك بدأ بالصرامة نتيجة الضغوط الدولية وخاصة الاسرائيلية التي تعتبر نفسها المعني الاكبر باقناع اوباما بضرب سوريا لتدمير الاسلحة الكيماوية التي تعتبرها خطرا عليها.

ان اوباما الذي تعهد بضرب سوريا وتوجهه لاقناع الكونغرس والشعب الامريكي في هذا الشأن يدل على ان قرار الحرب صعب جدا، واراد اشراكهم في اتخاذ هذا القرار المهم، اوباما شعر انه في ورطة ولا يريد توريط امريكا مجددا في اي حرب، الا انه على ما يبدو يفضل عدم اقدام الولايات المتحدة على ضرب سوريا، وخاصة اذا وجدت اي حلول سياسية مقبولة من الممكن التوصل اليها مع روسيا، لانه يدرك مخاطر اندلاع حرب في هذه المنطقة والتي يعارضها الكثير من الامريكيين الذين ما زالوا يعانون من نتائج الحرب على العراق وافغانستان وخاصة على الصعيد الاقتصادي.

بلا شك ان اوباما يقف في منتصف الطريق بين الضربة العسكرية والحل السياسي، فهو بالرغم من موافقة روسيا وسوريا بشأن مراقبة الترسانة الكيماوية السورية الا انه سيستمر بمطالبة الكونغرس والشعب الامريكي بالموافقة على قراره ضرب سوريا ليثبت انه في موقع قوي، وخاصة بعد دعم بعض الحلفاء الغربيين وبعض الدول العربية للضربة العسكرية، وبالتالي زيادة الضغوط وفرض الشروط على سوريا لتحقيق تنازلات كبيرة من الجانب السوري بدون شن اي حرب.

الجانب السوري الذي وجد نفسه في مواجهة الولايات المتحدة يفضل عدم حدوث اي ضربة عسكرية لتجنيب سوريا المزيد من الدمار واضعاف سوريا عسكريا، فسوريا تبحث مع الجانب الروسي عن حلول سياسية، وما الموافقة على فرض رقابة على الترسانة الكيماوية سوى دليل على تجنب الضربة العسكرية، ولكن الولايات المتحدة والمعارضة السورية يشككان بالموقف السوري الذي يهف حسب رأيهم الى كسب الوقت.

اما بالنسبة للموقف الروسي الذي يبحث عن حل سياسي منذ بداية الازمة يبدو مهتما ومن الممكن ان يلعب دورا مهما في اقناع الجانب السوري الموافقة على العرض الامريكي لتجنيب سوريا اي ضربة عسكرية لعدة اسباب ومن اهمها الشعور بالحرج من عدم الدفاع عن سوريا في حال شُن اي هجوم على سوريا، بقاء سفنه على السواحل السورية، وبقاء النظام الذي يعتبر مهما لروسيا ووجودها في المنطقة.

جميع الاطراف تبحث عن حل سياسي مناسب لأن الحرب ستكون كارثة على الجميع، ان تدمير الاسلحة الكيماوية بواسطة ضربة عسكرية أو عن طريق فرض مراقبة دولية عليها وتدميرها بعد ذلك، فإن المستفيد الاكبر من تحييد هذه الاسلحة بغض النظر عن طريق الحل السياسي ام العسكري هي اسرائيل، لان الاسلحة الكيماوية هي المشكلة وليس الضحايا السوريين الذي يقتلون وتدمر بيوتهم منذ سنتين ونصف.