&أشعر بالاستفذاذ وأحيانا بالاشمئزاز واحيانا بهما معا والسبب مقولة حوار الاديان التى يتاجر بها الكثيرون للتعمية على كم المخزون الهائل من التعصب والكراهية والعنصرية المختبئة فى القلوب ضد كل من هو مختلف، والحقيقة أن بشرا عميت أبصارهم وسدت بصائرهم عن الحقيقة الساطعة سطوع الشمس وهى سنة الاختلاف والتنوع والتتابع والتتالى التى سمح بها الخالق وأرادها ويصر عليها (ان جاز التعبير ) منذ بدء الخليقة، وهو العليم بانها ضرورة لاعمار الكون واستمرار الحياه على هذا الكوكب، ولو شاء لوحد الاديان والالوان والامزجة والاذواق والاجناس والثقافات، وهو بعلمه المطلق يدرك أن ذلك يتعارض مع القصد الالهى السامى من خلق البشر، والقصد الالهى السامى هو تكريم الانسان بمنحه الارادة الحرة دون سائر المخلوقات، والارادة الحرة لاتتاتى الا فى وجود التنوع والاختلاف وتعدد الخيارات حتى يدفع الناس بعضهم بعض لاعمار الكون، الا أن بشرا مدلسين صنعتهم الالتفاف على المشيئة الالهية اغتصبوا وكالة الخالق غصبا ليصبحوا وسطاء وسماسرة بين البشر وخالقهم، يحتكرون توزيع الكفر والايمان بالعمولة ويبيعون الفتاوى وصكوك الغفران للبسطاء المطحونين بالسمسرة.

والحوار فى حد ذاته هو وسيلة احياء وتفعيل الرابطة الانسانية بين البشر على اختلاف مشاربهم، فالمشترك الانسانى أسمى من كل الاختلافات دين او مذهب او لون او عرق او جنس، وفى حوادث احتجاز الرهائن والتهديد بقتلهم ينصح باطالة أمد المفاوضات حتى يتم تفعيل الرابط الانسانى بين الرهائن ومحتجزيهم فتنشأ علاقة انسانية يصبح معها العنف والايذاء اجراء صعب، وكلما طالت مدد احتجاز الرهائن كلما كانت فرص النجاه كبيرة، أما هذه المقولة المزيفة عن حوار أو تقريب بين الاديان أو المذاهب أو الثقافات أو أو الخ، فهى كذبة كبيرة يطلقونها للتعمية عن نشاطهم وتمويلهم ودعمهم للمتطرفين المتعصبين، ثم كيف يتحاور بشر مع غيرهم وهم لايتحاورون مع أنفسهم،فيجب أن يتحاور الانسان مع ذاته أولا ليعرفها ويتصالح معها كى يتحاور مع الآخرين ليعرفهم ويتصالح معهم ويقبلهم مختلفين، فالعيش المشترك هو سنه حتمية قررها الخالق، فقد خلقنا لنعرف بعضنا بعضا لالنقتل بعضنا بعضا، وهم يبتدعون مثل هذه المقولات للتدليس على اتباعهم لتسمية الاشياء بغير أسمائها،حيث لايقبلون الغير المختلف، وهنا يحق التساؤل كيف يمكن التقريب بين الاسلام كمعتقد وبين المسيحية كمعتقد فهل يتنازل المسلمون عن نبوة محمد مثلا؟أم يتنازل المسيحيون عن أحد أقانيم الثالوث ليتقابلوا فى منتصف الطريق؟ وهل يتنازل الشيعة عن أحقية على وأبنائه فى الخلافة أم يتنازل السنة عن أحقية عمر ومعاويه؟ وهل يطلى الاسود وجهه بمساحيق تفتيح البشرة للتقريب بين الالوان (على غرار التقريب بين المذاهب ) ليصبح انسان رمادى مثلا (على غرار مايكل جاكسون ) ليقبله الابيض عضوا فى مجتمعه، أم نتضرع الى الخالق كى يعدل خطوط الانتاج المتعددة الالوان لتقتصر على لون واحد يرضى العنصريين.&

ولم يكن الاختلاف والتعدد أبدا عامل هدم أو اضعاف لحضارات أو ثقافات أو عقائد، بل العكس هو الصحيح فهو عامل تكامل وثراء وازدهار فلم تنقرض المسيحية عندما اختلف تابعيها وتعددت مذاهبهم،ولم تنهار الهند وبها مئة لغه، ولم تنهار امريكا وبها مئة عرق، اذن لماذا لا يقبل الناس بعضهم مختلفين؟ ولماذا لايثقون فى حكمة خالقهم ومقصده السامى فى هذا الاختلاف والتعدد؟مع أنهم يدركون تمام الادراك أنه يشرق شمسه عليهم جميعا مؤمنون وملحدون دون استثناء، ومظلته ورحمته تظلل وتشمل كل من حاز على لقب انسان، بل الاكثر من هذا تظلل وتشمل كل الكائنات على سطح هذا الكوكب.اذن الكذبة المدلسين الذين يدعون الايمان به والخضوع لمشيئته هم فى الحقيقة منكريه ومتمردين عليه، فالايمان به يعنى قبول العيش المشترك مع كل بشر أيا ما كان معتقده أو لونه او مذهبة أو جنسه، مادام الجميع خاضعين لقانون واحد يعتمد المواطنة أساس وحيد للتعامل، ويعتمد العقيدة علاقة خاصة بين الانسان وخالقه،ولم يكتف العنصريون باسلوب رفض الاخر المختلف وعزله وكراهيته، بل طوروا أساليبهم وانتزعوا الحق الالهى فى الحساب فى اليوم الاخير فقتلوا وأبادوا وهجروا وطبقوا اسلوب استاذهم ومعلمهم النازى العنصرى الاول وزادوا عليه بلى أعناق نصوص عقائد وفسروها على هواهم ليجعلوها سند مقدس لجرائمهم التى يندى لها جبين الانسانية.

أيها القتلة الكارهون العنصريون النازيون الجدد يحسب لاستاذكم العنصرى الاكبر أنه لم يختبئ خلف النصوص،بل كان صريحا مع نفسه معلنا رأيه على الملأ : الجنس الآرى سيد الأعراق، أما أنتم ولأنكم محترفى التقية الخبيثة فقد اختبأتم خلف العقيدة واتخذتموها نسقا للدفاع عن عنصريتكم البغيضة فأهنتم العقيدة وأهنتم الانسانية، لقد كان معلمكم رحيما فأباد الناس بوسيلة رحيمة وسجلت أفران الغاز باسمه أما نحر الأعناق وحرق الأحياء والاغتصاب وقطع الاطراف والتهجير القسرى واسترقاق السبايا فهى وسائلكم ستظل مسجلة بأسمائكم والنتيجة الحتمية تدفعها شعوبكم كل طلعة شمس، ملايين البشر فى الخيام تشوى أجسادهم حرارة الشمس فى الصيف وينخر عظامهم صقيع الشتاء وتمتهن كرامتهم وتنكشف عوراتهم فى الخيام المهترئة وطوابير استجداء حفنة دقيق كل صباح.

نعم نتحاور لكن ليس لتقديم تنازلات لارضاء العنصريين النازيين الجدد، لكن نتحاور لاحياء الرابطة الانسانية، نتحاور لكشف كل من ساهم ومول وشجع أفرادا كانوا أم أنظمة أو حكام وكشفهم بالاسماء لتقديمهم للعدالة، فلا خلاص لهذه المنطقة الا بمحاسبة وعقاب هؤلاء على جرائمهم، فلم تنهض المانيا وايطاليا واليابان الا بالقصاص من كل النازيين والفاشيست ومن دعموهم وشجعوهم أو حتى تعاطفوا مع طروحاتهم، ولن تنهض هذه البقعة المويوءة من هذا المستنقع الآسن الا باجتثاث هؤلاء القتلة وكشف المخطط الدنئ الذى نقذوه تحت ستار الدين، المخطط الذى بدأ تنفيذه فى مثل هذا اليوم من حوالى نصف قرن، يوم الهزيمة الكبرى الهزيمة التى استغلها المتطرفون فسمموا عقول الشباب بمقولة العقاب الالهى، وحتى عندما أحرز المصريون قدر من النصر على الاعداء قالوا أن الملائكة هى التى حاربت وانتصرت، ومنذ ذلك الحين استلقى الناس فى المستنقع الاسن على ظهورهم فما يحدث فى هذه البقعة الموبوءة هو عقاب الهى ليس لهم حيلة فى دفعة، وأى نهضة أو فوز أو انتصار فهو من صنع جيش الملائكة الذى يحارب عنهم فهم أمة الله المختارة وماعداهم قردة وخنازير تستحق الابادة لكن نتحاور معهم ذرا للرماد فى العيون.