&تحوّلت أزمة المهاجرين و النازحين على أثر الحروب و المجازر في بلدان الشرق الاوسط الى واحدة من الازمات السياسية الداخلية و الدولية الکبيرة و الى كارثة و مأساة إنسانية و إجتماعية. هذه الوضعية قد شملت كلا من سوريا، والعراق، واليمن وكذلك ليبيا و عدد من البلدان الاخرى.

يعيش 95% من اللاجئين السوريين في ترکيا و لبنان و الاردن و العراق و مصر. وفي الآونة الآخيرة إتجهت موجات اللاجئين نحو البلدان الاوربية. في البداية لم يکونوا مرحب بهم. وکانت النتيجة أن تعرض الکثيرون منهم للضرب و الاهانة و أصيب البعض منهم بجروح؛ كما أن 70 شخصاً منهم قضوا نحبهم داخل شاحنة في النمسا و مئات آخرين صاروا طعمة للأمواج في البحر الابيض المتوسط. لکن عندما أخذت أمواج البحر الجثة الهامدة للطفل الکوباني الصغير آلان و تم نقل صورة جسده في الأعلام وفي شبكات التواصل الاجتماعي، فإن الضمير الانساني أصيب بصدمة، وکأن هذا الطفل الصغير المظلوم کان يريد إيصال رسالة آلاف الاطفال السوريين المحرومين القتلى والمشردين وملايين المواطنين الآخرين من خلال جثته الهامدة للعالم کله.

الإحصائيات المتعلقة بأبعاد تشرّد الشعب السوري قد صار نموذجا فريداً من نوعه أمام أنظار العالم. أکثر من 4 ملايين إضطروا لمغادرة بلدهم و 9 ملايين آخرين في داخل سوريا ترکوا منازلهم و ممتلکاتهم. وبهذه الصورة فإن 50% من شعب هذا البلد اضطروا بترك بيوتهم الآمنة. وقد أعلنت منظمة الامم المتحدة بأن أکبر موجة نزوح وتشرد بشرية في العالم من بعد الحرب العالمية الثانية قد حصلت في سوريا.

كل هذه الحقائق واضحة للجميع. على الرغم من إن تکرار ذلك و التأکيد عليه ضروري. لکن الذي تم التغافل عنه و تجاهله وقليلا ما يتم الانتباه إليه، فهو المسٶول عن سبب هذه الازمة و أزمات مشابهة نظير النازحين العراقيين و اليمنيين وغيرهم؟ في الحقيقة إن السٶال الاساسي هو أنه بأية طريقة يمکن الحيلولة دون تکرار مثل هذه المآسي؟ وهل يجب أن يبقى العالم مراقبا لصيرورة مئات الالاف من شعب العراق و سوريا طعما للقنابل و المجازر في الحروب الطائفية، وبعد ما تولّدت أزمات بهذه الضخامة تهرع البلدان الاوربية لمساعدة النازحين؟

لاشك أن مبادرة أوربا بفتح أبوابها أمام النازحين السوريين، هو من الناحية الانسانية مرحب بها. السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية رحّبت بإستقبال أوربا للنازحين السوريين. الحقيقة هي أن الضمير الانساني في هذه الفاجعة قد تألم بشدة و جعلت الدول أمام مسٶولياتها و وضعت مختلف دول أوربا أمام مشکلة النازحين.

لکن من أجل معالجة هذه الحالة المأساوية يجب بالاضافة للعلاج المرحلي أن يتم معالجة الامر من جذوره. الحقيقة هي إن الشعب السوري قد إنتفض من أجل الديمقراطية و تحقيق حقوقه لکن حکومة بشار الاسد ومن خلال تأييد شامل من قبل نظام ولاية الفقيه في طهران حوّلت هذه التظاهرات السلمية الى بحور من الدماء. وبعد ذلك إضطر الشعب السوري المحروم و من أجل تحقيق أهدافه و الدفاع عن أبسط حقوقه المسلوبة اضطر للمقاومة و تشکيل الجيش الحر. لکن النظام الحاکم في طهران قد قام بتوظيف کافة إمکانياته القمعية ضد الشعب السوري و ارتکب المجازر بحقهم.

وعلى الرغم من إن الحکومة السورية تتمتع بحماية بعض الاطراف الدولية ولکن معظم الاطراف المعارضة في سوريا، وعلى مستوى المنطقة وعلى المستوى الدولي و کذلك في داخل ذات نظام ولاية

الفقيه، يعترفون بإن النظام الحاکم في طهران کان العائق دون سقوط نظام المجرم بشار الاسد و إستمرار الازمة السورية. هذه الحقيقة لم تعد اليوم خافية على أحد.

وقد قال مسٶولو نظام الملالي بإن سوريا هي المحافظة الخامسة و الثلاثين لإيران و صرّحوا إنهم مستعدون للتخلي عن محافظة خوزستان لکنهم لن يتخلوا عن سوريا. أولئك قالوا بإن خطوطهم الدفاعية في سواحل البحر الابيض و شدّدوا بإن سقوط دمشق سيعقبه سقوط طهران، و قال أمين المجلس الامن الوطني للنظام علي شمخاني لو لم نقاتل في دمشق و بغداد فإننا سنضطرّ للقتال في طهران و إصفهان وغيرهما من المدن الإيرانية. وبعد الاتفاق النووي صرح خامنئي بإننا سنواصل مساعداتنا و تأييدنا لـ «أصدقائنا» في المنطقة و الذي ليس له من أي معنى سوى مجازر ضد الشعوب المحرومة في سوريا و العراق و اليمن.

كما أن الدعم المالي الاستثنائي الذي قدمه نظام الملالي لسوريا قد وصلت لحد الان الى أکثر من مئة مليار دولار. وفي حالة واحدة من الحالات قد أمر خامنئي نوري المالکي بأن يدفع لبشار الاسد 10 مليار دولار. والحماية المالية بمثابة بعد جدي عن مسٶولية نظام ولاية الفقيه عن معظم الجرائم الحاصلة في سوريا.

عميد الحرس حسين همداني قائد الفيلق المسؤول عن حماية طهران العاصمة والذي كانت لديه تجربة قمع إنتفاضة عام 2009، تم إرساله كقائد لقمع الشعب السوري. قاسم سليماني أيضا له مسٶولية مباشرة عن هذه الحرب الاجرامية. الکثير من قادة المعارضة السورية قالوا بصراحة بإن قيادة الحرب في سوريا بيد الحرس الثوري. شخصيات المعارضة السورية و کذلك المسٶولين في البلدان العربية أعلنوا بإن سوريا تدار من جانب النظام الايراني و المرحوم سعود الفيصل قال بإن إيران إحتلت سوريا. هذه الحقيقة کررها العديد من المسٶولين رفيعي المستوى في البلدان العربية.

من الناحية العسکرية فإن قوات الحرس الثوري و قوات التعبئة من إيران يتوافدون على سوريا و الکثير من ساحات المعارك بيدهم بصورة مباشرة. أعداد المقتولين من الحرس و قوات التعبئة الذين يوارون الثرى في طهران و المدن الايرانية المختلفة الاخرى تأکيد على حقيقة الدور العسکري الايراني في سوريا. وأمر خامنئي بشكل خاص حسن نصرالله بأن يرسل قوات حزب الله إلى سوريا، حيث إرتکبوا مجازر واسعة بحق أبناء الشعب السوري. الميليشيات المرتبطين بالحرس الثوري و قوة القدس من أمثال لواء أبو الفضل العباس و کتائب حزب الله في العراق من الحوثيين من اليمن والمواطنين الأفغان الشيعة الفقراء في منطقة هزارە تحت اسم «لواء زينب»، وجيش"فاطميون" الباکستاني المكوّن من شيعة هذا البلد نماذج من قوات نظام ولاية الفقيه التي أرسلها النظام إلى سوريا لقتل هذا الشعب.

كما أن إيران كانت المصدر الاساسي للاسلحة المستخدمة في سوريا خلال هذه الاعوام، وکانت واحدة من الخلافات التي کانت دائرة بين الحکومة الامريکية مع المالکي حول سماح حكومة المالكي بتحليق الطائرات الايرانية الحاملة للاسلحة الى سوريا في الاجواء العراقية. وقوات القدس تؤمن الأسلحة للميليشيات. وأخيرا أصبحت البراميل المتفجرة هدية جديدة لنظام ولاية الفقيه لسوريا و التي صارت بمثابة کابوس للشعب السوري في مختلف المدن السورية.

ـفي ضوء هذه الحقائق، نعود مرة أخرى لمأساة النازحين السوريين. ليس هنالك من شك بإن المسٶول عن مقتل أکثر من 250 ألف من المواطنين السوريين الابرياء، والمسٶول عن هدم مدن سوريا الجميلة، ومسٶول نشوء وتنامي التنظيمات الارهابية نظير داعش و...وفي النهاية فإن المسٶول المحدد لکل ماجرى من نزوح لأبناء هذا البلد هو نظام ولاية الفقيه الحاکم في إيران. کل الاطراف من الحکومة السورية الى

المسٶولين في نظام الملالي و الى المسٶولين في المعارضة السورية و الاطراف الدولية أعلنت و تعلن بإنه لو لم تکن الاسلحة و القوات العسکرية لنظام الملالي فإن نظام بشار الاسد کان قد سقط لحد الان لعدة مرات. فلايبقى أي شك بإن المسٶول المباشر للمأساة الکبيرة للنازحين و المشردين السوريين هو أيضا نظام ولاية الفقيه الحاکم في إيران.

والنتيجة المنطقية هي أن هذه الأزمات و المآسي ستستمر طالما بقي نظام ولاية الفقيه في الحكم. الطريق الوحيد لاستئصال أساس و مصدر کل هذه الجرائم و المجازر أي نظام ولاية الفقيه يتجلى في إسقاط هذا النظام وإن ذلك خطوة ضرورية لإنهاء الآلام و المعاناة للشعب الايراني و مئات الملايين من العرب و المسلمين في الدول المختلفة. هذه حقيقة يجب أن تکون حاضرة و مجسدة في أعماق کل المواقف وفي ثنايا کل التحليلات و البحوث.