رغم عدم حصوله على غالبية الأصوات&أعلن الرئيس الإسرائيلي، تكليف بنيامين نتنياهو، بتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، فيما يبدو تحاهلاً للنتائج التي أظهرت تفوق "كاحول- لافان" برئاسة غانتس بمقعد واحد على حزب "الليكود" برئاسة نتنياهو، ويبدو أن توصية 55 من أعضاء الكنيست، بتكليف نتنياهو بمهمة تشكيل الحكومة مقابل 54 أوصوا بتكليف غانتس حسم الامر مع توقع عدم تمكن نتنياهو من تشكيل حكومة تحظى بثقة 61 عضواً على الأقل من أعضاء الكنيست، ولكن المهمة ستكون أصعب بكثير على غانتس، بسبب صغر كتلة الوسط مقارنة مع كتلة اليمين

فلسطينياً لم يكشف الفلسطينيون عن انحيازهم لأي من الفريقين غير أنه ليس صعباً ملاحظة أن ذلك نابع من اختلاف المصالح الضيقة وأولويات اللحظة، فالسلطة لم تنتظر ظهور النتائج الرسمية، فأعلن وزير خارجيتها عن الاستعداد للتفاوض مع أي رئيس حكومة لإسرائيل، بينما يلاحظ أن حماس غزة تميل لصالح نتنياهو، باعتبار الأخير صاحب نظرية تغيير المعادلات في مواجهة حماس، حتى وإن تطلب الأمر شن عملية عسكرية واسعة للإطاحة بالحركة وسلطتها، أما نتنياهو فقد تبنى مقاربة تبقي سيف الحصار والعقوبات مسلطاً على عنق غزة، وان مفاتيح البوابات والمعابر في جيبه، وسيستخدمها للعقاب والثواب تبعاً لمستويات انضباط الحركة والتزامها بالتفاهمات، إضافة إلى تشجيعه بقاء حماس في غزة، كمشجب لتعليق رفضه حل الدولتين، ومصادرة حق الفلسطينيين في تقرير المصير، والترويج لنظريته القائلة بغياب الشريك الفلسطيني.
محور العرب الداعمون لحماس الذي اعتاد العمل مع نتنياهو لتعويم حماس في غزة، ونجح في إيصال مختلف أشكال الدعم المالي لها، بالتنسيق الأمني والسياسي مع نتنياهو وهو أمر قد يتأثر في حال مجيء غانتس، وقد يتطلب الأمر خوض مفاوضات أكثر صعوبة معه، للوصول إلى النتيجة ذاتها، وقد يفسر ذلك خروج ممثلي التجمع عن إجماع القائمة العربية المشتركة، ورفضوا ترشيح غانتس، وهي خطوة أعطت نتنياهو الأولوية في تشكيل الحكومة، وليس سرا أن موقف التجمع جاء معبرا عن اتجاه هبوب الريح في غزة وعدد من العواصم، بينما أوضحت الأحزاب العربية الثلاثة الأخرى (الجبهة، التغيير والاسلاميون) رغبتها بمعاقبة نتنياهو وشيطنته والتحريض عليه والدعوة لنبذه والأخطر من كل هذا أن بعض الفلسطينيين يكاد يتورط في اقتراح إعادة بناء برنامج جديد للحركة الوطنية الفلسطينية، مفصّل على مقاس التباينات التكتيكية بين غانتس ونتنياهو، وهوما سيسهم في تفتيت المشروع الوطني الفلسطيني والانخفاض بمطالبه وسقوفه، بما لا يتعدى تسهل الحركة على المعابر أو إيصال المال لغزة، أو استرداد أموال المقاصة.

بالطبع معروف أن حزب التجمع كباقي الأحزاب الفلسطينية مسجل كحزب إسرائيلي، ونوابه يؤدون يمين الولاء لإسرائيل كمواطنين إسرائيليين وكنواب منتخبين، فهو يعمل ضمن هذه الظروف المتاحة، وعبر أدواتها، وتحت سقف قوانينها، في إطار مناوراتها وألاعيبها السياسية، وهو يشارك في الانتخابات البرلمانية خلافاً لبعض الأحزاب الفلسطينية التي تُقاطع هذا الشكل الديمقراطي من النضال، لأنه يمنح الشرعية والقبول الفلسطيني لرواية الإسرائيلية وأطماعها،ولذلك فان استنكافه عن ترشيح غانتس وحجب أصواته الثلاثة عنه، أعطى الفرصة لنتنياهو لتشكيل الحكومة، رغم إدراك قادة التجمع أنهم بهذا الموقف يُسهموا بمد شبكة الانقاذ لعودة نتنياهو وإدارته من موقع قوة، ومن موقع المرشح لتشكيل الحكومة، ومن هذا الموقع يملك تقديم الوعود في منح الامتيازات للآخرين وتلبية طلباتهم حينما يعود رئيساً للوزراء، وبديهي أن بقاء حزب التجمع متمسكاً بموقف حلفائه وشركائه في القائمة المشتركة، مع التحفظ على الموقف وإعلان أن موافقته على التوصية نحو غانتس تعود للحفاظ على الموقف البرلماني الموحد، حتى لا ينقسم الموقف في أول اختبار برلماني.ِِ

وبعد، فان كل المؤشرات تقول إن نتنياهو لن يتمكن من تشكيل الحكومة، وهنا ستجد الدولة العبرية نفسها أمام خيار إعادة الانتخابات ، ولكن السؤال إلى متى ستظل تعيد الانتخابات؟