لم يكن يخطر ببال أحد أن يتجسّد سيناريو سينمائي تكرّر في عدة أفلام، على أرض الواقع. أن ينتشر الوباء بهذه السرعة ويتنزع رتبة "جائحة" ويفعل بالعالم ما يفعله الآن. لكن الدروس التي أتى بها هذا الفيروس عميمة وعميقة وهامة، فقد كان بمثابة "اختبار مفاجئ" للطلبة .. فهناك منهم الكسول الذي يمتعض لأنه يحتاج لأيام للتحضير .. والمثابر النشيط المستعد دائماً.

في الحياة العامة الاستعداد الدائم هو انعكاس لحالة يومية من العمل الجاد والمثابرة والتجديد والاكتساب والتعلّم من التجارب الذاتية وتجارب الآخرين، من يجيدون الاستعداد للمتغيرات لا يخسرون الوقت الثمين في الذهول والصدمة والتفكير .. بل يكونون مستعدون لأسوأ السيناريوهات ولديهم تصوّرات مسبقة عن حالات الطوارئ والكوارث والأزمات.

إن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت سبّاقة في تأسيس بنية تحتية تقنية مرنة متعدّدة الاستخدامات، والتي ساعدت في التحوّل السريع للتعامل عن بعد في العديد من المؤسسات والممارسات الحكومية والخاصة المختلفة. لكن التقنيات وحدها لا تكفي ! هناك عقليات لم تتجاوز الماضي ولم تُفلح في عملية تقبّل أن المستقبل سيكون مختلفاً تماماً ! هم خارج عجلة الحياة العامة يقضون وقتهم على هامش المستجدات والمتغيرات، جاهزيتهم مقتصرة على تكرار الأمر نفسه مراراً بنفس الطريقة دون أي تغيير أو تطوير.

عشرات الدروس قدّمتها الدول والمجتمعات التي تعاملت مبكراً مع الأزمة فكانت خسائرها محدودة، وتلك التي تهاونت وتساهلت وتباطأت في اتخاذ إجراءاتها فدفعت الثمن غالياً جداً. من يريد أن يكون له دور في المستقبل يجب أن يعلم أن المتغيرات ستلعب أهم الأدوار في تشكيل ملامحه وليست الثوابت! فعلى صعيد العمل والتعليم عند بعد فهو الخيار الاستراتيجي للمستقبل كونه يوفر الكثير من الوقت والجهد والكلفة ويقلل المخاطر ويعزز التلاحم الأسري والاجتماعي وعشرات الفوائد الأخرى.

بالنسبة للطلبة فأمور التعليم عن بعد تسير بشكل جيد، أما بالنسبة للموظفين والعاملين فلازالت هناك عقبات محددة أهمها العقليات المغلقة التي لا تفهم معنى "الاختبارات المفاجئة"!