نجحت المرأة اللبنانية في مظاهرات الإحتجاجات التي بدأت منذ أكتوبر 2019.. وإندلعت لتكشف عورات النظام السياسي في لبنان والفساد المستشري في أروقة الحكومة اللبنانية. ولكنها خطفت الأنظار عالميا حين توحدت طلبات الناشطات في المطالبة بقوانين تتخطى حدود الطائفية التي تُطبق قوانيها المختلفة لتُبقي على ضعف المرأة وعدم إعطائها الفرص المساوية بما يُعمّق من عدم المساواة وإنعدام العدالة . إضافة إلى إنعدام المواطنة.. ففي دولة لايزيد تعدادها عن ستة ملايين وثمانمائة وخمس وعشرون ألفا وأربعمائة وخمسة وأربعون شخصا (6,825,445 ) يُشكل الذكور نسبة 50.34 % مقابل 49.66% للإناث... من المخجل أن تخضع نسائها لتأويلات ذكور 19 طائفة مختلفة كل منهم تحكم عليها بما يتناسب مع شريعتها.. في الطلاق والزواج والميراث ووووووو لتُبقي على الفوارق المجتمعية والدينية والطبقية ( نساء هذه الطبقات لا يخضعن لأي قوانين ).. بينما يخضع الجميع للقوانين الحكومية الواحدة في التجارة والأعمال وفي كل الأمور الأخرى ؟
ولكن وبعد وصول جائحة كورونا وإنقطاع هذه الإحتجاجات نظرا للحظر خرجت المرأة اللبنانية مرة أخرى تُنادي بحقها وحق أبنائها في الشبع وعدم الجوع .. بما يؤكد من نضالها على كل الجبهات وإن تغاضت مؤقتا ونظرا للظروف المعيشية عن المطالبة بحقوقها الإنسانية من عدالة ومساواة.

ما دعاني لكتابة هذه السطور الآن وفي هذه الظروف الحرجة التي يمر بها العالم.. أنني أود أن اُذكر هذا العالم الشرقي والغربي بضرورة الإستفادة من جائحة كورونا اللعينة التي أكدت ترابط العالم ومساواة سكانة بأن حقوق المرأة هي الطريق للأمان المُستقبلي لهذا العالم لأنها تؤسس للبنية التحتية الصلبة لثقافة عدم العنف كوثقافة السلام ... والتي هي في صلب قيم كل الأديان..

في ظل توقيع الحكومة اللبنانية في 1-مايو 2020 على طلب مساعدة من صندوق النقد الدولي في خطة إنقاذ تتألف من 53 صفحة.. والتي تُعتبر لحظة حاسمة لبقاء الدولة اللبنانية حتى لو كان ذلك على حساب الثقة في البنوك؟؟

لست بمقالتي هذه بصدد الدفاع عن الحكومة أو الدخول في متاهة سرقات الأموال وتهريبها للخارج على حساب شعوب تكدح للقمة عيش. ولكنني هنا بصدد المناداة لكل الناشطات في حقوق المراة.. بإستغلال هذه الفرصة ومساءلة الحكومة عن عدد الصفحات التي كتبتها لتؤكد العمل على تعهدها حين وقّعت على الإتفاقية الدولية سيداو لحقوق المرأة.. هل وضعت ضمن خطة الإصلاح تقنين الزواج المدني في قوانينها لما يوفره من دخل بدل هروب مواطنيها لعقده في قبرص.... هل ستقوم بتغيير قانون العقوبات الذي تختلف احكامه بين المرأة والرجل في نفس الجريمة.. هل ستقوم بتعديل قانون الضمان الإجتماعي والذي تقوم بموجبة بإقتطاع نفس النسبة من الراتب للطرفين بينما تبقى تقديمات الضمان غير متساوية بينهما؟

خطة الإصلاح التي تقدمت بها الحكومة لتجميل صورتها وتسويق نفسها على أنها المُخلص الأكبر يجب أن تأخذ في الحسبان هذه الإصلاحات في قوانينها ودستورها بنفس الأهمية لجدولها في إستعادة الأصول المسروقة والمُهربة للخارج، أم أن كلاهما سيطير مع الهواء كالعادة؟

في ذات الوقت على جمعيات العمل المدني التوجه مباشرة إلى البنك الدولي لحثه على الإشتراط في منح هذه القروض والمنح على الحكومة اللبنانية وضع خطة متكاملة بجدول زمني للتنمية المجتمعية تأخذ على سلم اولوياتها تمكين المرأة للوصول للمناصب السياسية.. مشابهة لخطة الإنقاذ التي تقدم بها الإتحاد الأوروبي للملكة الأردنية الهاشمية في نوفمبر 2019 خلال زيارته للمملكة بقيادة ألمانيا. حين تقدم بعرض يُشابه خطة مارشال الإقتصادية التي أعادت بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وإنهيارها الإقتصادي؟ وأكد في هذه الخطة على ضرورة إنعكاسها على الشارع والطبقات الفقيرة وتمكين المرأة.

أكدته في زيارة وفد اللجنة الفرعية حول امن المستقبل لوزارة التنمية الإجتماعية .. والتي بحثوا فيها مع الوزيرة حقوق المرأة... والسبل التي تساعد على تمكينها..

هذه هي الثورة التي تحتاجها كل الدول العربية .. لإنصاف المرأة. والتي أصبحت معاناتها موضع تندُر في العالم كلها إحقاق حقوق المرأة أهم الخطوات للديمقراطية وللعدالة الإجتماعية.. فهل هناك من يسمع ؟