قبل أيام قليلة اتممت عامي الثلاثين، وقبل شهور قليلة كان موعد مرور 10 سنوات على عملي في إيلاف، ربما تكون الفترة هي الأطول لأحد المراسلين العاملين من مصر، بدأت في إيلاف أثناء الدراسة الجامعية وقتها كنت في بداية الفرقة الثالثة بكلية الاعلام جامعة القاهرة، لازالت اتذكر جميع تفاصيل بداية العمل، وتوجيهات التأكد من المصداقية وطريقة العمل على الاخبار والتواصل مع المصادر كان ذلك في نوفمبر 2009.

فتح اسم إيلاف أمامي الباب على مصراعيه، كانت الصحافة الالكترونية لا تزال محدودة في تلك الفترة، والمصادر السياسية والفنية تتابع إيلاف عن كثب، فترة اعتبرها من العصر الذهبي، الذي استفدت منه مهنياً ومالياً، فكانت إيلاف بوابة تواصلي مع مصادر وشخصيات كثيرة، بل والاقتراب منها بل وطلبهم أحياناً أن تنفرد إيلاف بأخبار عنهم أولاً.

تعلمت في إيلاف الكثير، بداية من عدم التعجل في التعامل مع الاخبار والمعلومات مهما كانت أهميتها، ومروراً بالتأكد من الأخبار ومصداقيتها، وصولاً إلى الاحتفاظ بتسجيلات المكالمات للمصادر خاصة الشخصيات المعروفة بالتراجع عن تصريحاتها، وهو ما تعرضت له اكثر من مرة سواء من إعلامي شهير تراجع عن تصريحه في ندوة بالجامعة بعد اثارة الجدل، وفنانة بارزة نفت الاساءة لمخرج مسلسلها بعد تصالحهما المؤقت لاستكمال العمل.

من اليوم الأول كانت التعليمات واضحة، لا مجال لاختلاق الأخبار أو نشر شائعات، لا نقبل بها، أي مشكلة لابد أن يكون بها جميع الاطراف، السعي للانفراد لا يعني نشر أخبار كاذبة، صحيح أننا نعمل على الاخبار لكن الأهم أن نقدم نحن الخبر الذي يعمل عليه غيرنا، لنكون الفعل وليس رد الفعل.

في إيلاف كانت الفرصة التي اشعر بأنني نجحت في استغلالها، عشرات الشخصيات تحدثت عن ذكريات مع إيلاف بكثير من المواقف، إعلامي شهير أخبرني انها كانت مصدره لمعرفة ما يحدث في العالم العربي أثناء عمله في لندن، نفس الموقف من اعلامية اقامت فترة في الولايات المتحدة.

حكايات وشخصيات عديدة منحتني ايلاف فرصة التواصل معهم، ثقتهم في إيلاف واسمها كانت جزءاً من الثقة التي اكتسبتها منهم سريعاً، في وقت كان من الصعب أن تحصل على ثقة مصادر وأنت تعمل في صحيفة عربية كمراسل من القاهرة.

طبيعة العمل في إيلاف جعلتني مهتم باكتساب مهارات جديدة على المستوى التقني، سواء في استخدام الكمبيوتر أو تعلم مهارات تقنية تفيد في تجهيز المواد للنشر، تعلمت الاستيقاظ المبكر ومتابعة الاخبار على مدار الساعة، العمل تحت ضغط والتعامل مع الشائعات، اعداد الملفات وتجهيز الموضوعات الإخبارية والموضوعات النوعية في آن واحد.

في العام الأول للعمل لم يكن هناك مساحة للتواصل سوى الكترونياً في الغالب، حتى كان اللقاء الأول مع مي الياس مسؤولة قسم الفن خلال زيارتها لمصر، كان اللقاء مثمر للغاية، شعرت بأنني أمام مديرة مختلفة على جميع المستويات، صحيح أن خلال السنوات العشر لم تتجاوز لقاءاتنا أصابع اليدين إلا أن كل مرة كانت تحمل اضافة لي، تصور ورؤية وطموح في العمل لا يمكن وصفه.

في المقابل جمعني لقاء وحيد مع مديرة التحرير سمر عبد الملك، لم يدم اللقاء طويلاً، والمراسلات بيننا لم تكن كثيرة لكن في حرصها على التفاصيل ودقتها وأحياناً مراجعة مصدر المعلومة لموضوع بسيط في قسم الفن من وسط باقي اقسام إيلاف ما يعطي انطباع بقراءتها لكل كلمة يتم كتابتها عبر إيلاف بل وردودها على مدار الساعة لأي استفسارات بل وتحمل الأخطاء غير المقصودة في أحيان كثيرة.

قضيت ثلث عمري في إيلاف، فترة هي الأطول من بين جميع المؤسسات الإعلامية التي عملت بها حتى اليوم، صحيح أنني لازالت اعتبر نفسي في بداياتي، لكن تبقي تجربتي في إيلاف أحد أهم التجارب التي اشعر بأنها اضافت لي وأصبحت جزء من شخصيتي، خاصة وأن هذه الفترة بطولها جعلتني شاهداً على كثير من التحولات التي حدثت سواء للوسائل الإعلامية أو للمصادر الصحافية.