سواء كنت متفقا مع السياسة الامريكية والفرنسية في الشرق الأوسط والعراق ام لا، فسياسة البلدين بالنسبة للعراق تكاد تكون واحدة شرط خروج البلاد من تحت الهيمنة الإقليمية والإيرانية بالذات وحماية استقلال القرار العراقي والالتزام بالدستور الاتحادي فيما يتعلق بشعب كوردستان ثاني أكبر قومية في البلاد.
لما سبق تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي الانباء عن استعداد الولايات المتحدة الامريكية تقديم قرض وصف بانه (قرض القرن) بمئات المليارات وطويل الأمد للمساعدة في إعادة بناء العراق وما يحتاجه من بنى تحتية ضرورية، كما قدمت فرنسا عروضا مغرية بتوفير الكهرباء عن طريق الطاقة النووية وبما يكفي سد احتياجات العراق في كل المجالات
المساعدات والقروض هذه من شأنها خلال عقد من الزمن وضع العراق في موقع الدول النامية المتقدمة وتضع حدا للبؤس والفقر والامية والتخلف الحضاري كما توفر الظروف السليمة لمجتمع مدني يحترم القانون وحريات الانسان الأساسية وينهي عمليا سيطرة العصابات والمليشيات المسلحة التي تزرع الدمار والخوف والموت هنا وهناك.
من المؤكد انها فرصة تأريخية (رغم ما للقروض والديون وما عليها) لبناء عراق متصالح مع نفسه ومع محيطه الخارجي ويخدم مكوناته القومية والدينية وبما يعزز الهوية الوطنية الجامعة التي لم يعد لها وجود حاليا بسبب السياسات التي تمارسها القوى المرتبطة بالجارة إيران والقائمة على فكر الغاء الاخر المختلف.
اغلب الظن ان القوى الحاكمة المرتبطة بإيران لن تقبل بالقرض الأمريكي (الشيطان الأكبر) ولا بالمساعدات الفرنسية (الشيطان الأصغر) مالم تحصل على الضوء الأخضر من طهران، وطهران لا تمنح الضوء الأخضر دون ان تحقق ما تريده في المفاوضات المباشرة وغير المباشرة حول ملفها النووي ومشاكلها مع الغرب عموما وامريكا خصوصا وبشرط عدم التنازل عن العراق الذي تعتبره جزء من أراضيها التاريخية.
لما سبق فان المراهنة على الوجود الشكلي لبعض المحسوبين على الغرب وتأثيرهم وعلى إمكانية استفادة مراكز القوى في بغداد من العروض المقدمة لها شرط استقلالية القرار العراقي حديث خرافة ومن غير الممكن ان يخرج النظام من تحت العباءة الإيرانية ولا حتى التفكير في ذلك.
الحل الوحيد الممكن لإنقاذ بقية مكونات العراق يكمن في التدخل الدولي لفرض نوع من الكونفدرالية او التقسيم فالطبقة الحاكمة لن تقبل بأقل من السيطرة التامة ولا باي تسوية ذات شأن ومن شبه المستحيل بناء دولة مستقلة ونظام ديموقراطي يمكن تداول السلطة فيها سلميا فالسلطة الحاكمة تعتقد وتؤمن بانها كافحت طويلا وضحت بألاف القرابين طيلة 1400 عام لاستعادة السلطة ولن تسلمها قطعا كما صرح بذلك رئيس وزراء سابق (ما ننطيها – أي لن نعطيها).