لم يمض أسبوعين على لقاء الرئيس "رجب طيبب اردوغان" برئيس إقليم كردستان "نيجيرفان بارزاني" 4/2/2022 في تركيا لبحث تزويد تركيا بالغاز الطبيعي الكردي ان صح التعبير، حتى سارعت المحكمة العليا العراقية بإصدار قرار فوري بإلغاء قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كوردستان الصادر عن برلمان الإقليم عام 2007 باعتباره مخالف لمواد الدستور ولكن لماذا الان؟ ولماذا انتظر القضاة كل هذه الفترة (15عاما)، ولم يتذكروا هذه المخالفة الكبيرة الا في هذا الوقت بالذات؟ هل كانوا نائمين ام ينتظرون الأوامر؟

هذه الأسئلة وغيرها طرحها المعارضون لهذا القرار في الإقليم ومن حقهم ان يعترضوا ويشجبوا القرار ويصفوه بالمجحف والمسيس. كان المفروض ان تتحرك المحكمة فور صدور القانون من البرلمان الكردي لاصدار قرار بعدم دستورية القانون، لا ان ترصد الاحداث وتواكب زيارة بارزاني الى تركيا وتراقب نتائج اجتماعه باردوغان ومن ثم تحللها وتفسرها وفق المصالح! هذا ليس من اختصاص المحكمة بل من اختصاص المراقبين الصحفيين والخصوم السياسيين المتربصين!

وهذا بالضبط ما فعلته المحكمة بإصدار قرارها ضد قانون النفط والغاز في الإقليم، يبدو ان "مقتدى الصدر" قد ادرك الحقيقة فحذر أنصاره منها في تغريدة له وطالبهم "بتفعيل الدور الرقابي للبرلمان بأسلوب حازم يمنع التدخلات الحزبية او القضائية المسيسة".

لا شك ان هذه القرارات المسيسة تأتي ضمن حملة شرسة تشنها القوى السياسية والميليشياوية الشيعية المتنفذة داخل الاطار التنسيقي الخاسر في الانتخابات المبكرة التي جرت في (10 أكتوبر2021) عندما ايقن ان التحالف الثلاثي المكون من "الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والتيار الصدري وحزب التقدم برئاسة رئيس البرلمان محمدالحلبوسي" قد اقترب من التحكم بزمام الأمور في العراق والهيمنة على مفاصل الدولة وتشكيل حكومة إصلاحية تعيد الأمور الى نصابها الصحيح، ولكن لم يقف الاطار التنسيقي مكتوف الايدي بل ما زال يحاول إعاقة التحالف الثلاثي من الوصول الى الحكم والسعي لتفكيكه باي طريقة حتى وان لجأوا الى المحكمة لاصدار قرارات باثر رجعي كما فعلوا مع قانون الغاز في الإقليم وان كان (الأساس في تطبيق القانون هو تفعيله انطلاقاً من النقطة الزمنية التي نعيشها حالياً والمضي قُدُماً لا أن نرجع للماضي لنُطبق القانون الحالي عليه، وهذا ما تم الاتفاق عليه لمفهوم "عدم رجعية القانون") وقد يلجأون الى القوة بشكل واسع ويهدموا المعبد على رأس الجميع اذا لزم الامر كما صرح بذلك اكثر من عضو في هذا الاطار، والصراع بين الطرفين ليس على مشكلة في الحكم ولا يتعلق بمسألة سياسية عابرة او بخرق اتفاقية معينة او بتطبيق الدستور من عدمه، الصراع وجودي اما انتم واما نحن!

وهم يعلمون تماما ان عملية الإصلاح السياسي التي يقودها مقتدى الصدر تجرفهم واحدا واحدا وتكشف فسادهم واجرامهم وتحاكمهم على القديم والجديد! من قتل الناشطون التشرينيون الأبرياء؟ أين ذهبت أموال النفط الطائلة التي تعد بالمليارات الدولارات في خزينة الدولة؟ وكيف استلم العبادي من المالكي خزينة خاوية كما صرح هو بذلك بعد ان كان فيها 145 مليار دولار؟ وأين اختفت أموال الخزينة التي استلمها الكاظمي من عادل عبدالمهدي وهو يردد نفس كلام العبادي (استلمت خزينة خاوية!) ولماذا يعيش 40% من الشعب العراقي تحت خط الفقر في بلد يعتبر من اغنى دول المنطقة!

المالكي اعتاد ان يمارس سياسة ؛ اثارة ازمة لمواجهة أزمة أخرى! كلما واجه ازمة عميقة تعمد الى اشعال ازمة أخرى العن منها، ودائما كان يجد في الكرد الطرف الأضعف والاسهل لاثارة الرأي العام حوله وهم في الواجهة في كل مناسبة، عندما سحب جيشه الجرار من الموصل هربا من تنظيم"داعش" بالصورة المخزية التي رأيناها عام 2014، اشعل ازمة مع الكرد في نفس العام لكي يخفي بعض جوانب الصورة ومن ثم فرض عليهم حصارا شاملا واذاقهم مر الهوان!

والان، هو يقود الاطار التنسيقي بنفس الروحية العدائية من خلال تحريك المحكمة ضد الكرد (الحيطة المائلة!)، فهو لا يجرؤ على مواجهة "الصدر" صراحة لانه سيقلب الدنيا على رأسه، ولكن يرسل اليه رسالة من خلال الكرد مفادها؛ اياك ان تتحدانا وتقف ضدنا، وكما احيينا قضية قانون النفط والغاز الكردي الذي مضى عليه 15عاما، نستطيع أيضا ان نفتح ملف قتلك لعبدالمجيد الخوئي عام 2003، ونثير المحكمة ضدك، فحذار من اللعب بالنار!