السفر للتطوع في أوكرانيا لمواجهة الجيش الروسي!
بعد تفاقم الأزمة واشتداد حدة المعارك في اوكراينا، أطلق الرئيس الاوكرايني فولوديمير زيلينسكي نداءً عاجلاً إلى الجالية الأوكرانية للتطوع والعودة الفورية إلى ارض الوطن لمقاتلة القوات الروسية.

وفعلاً بدأت التوجه الفعلي لألاف الاوكراينيين المقيمين في جميع أنحاء العالم نحو الانخراط الميداني في القتال ضد القوات الروسية. حيث وصل نحو 80 ألف مهاجر أوكراني من بينهم مئات المقيمين في المملكة الدانماركية ،وبدعم مادي ومعنوي من قبل الحكومة الدانماركية إلى أوكرانيا لمقاتلة القوات الروسية .

ومن الجدير بالذكر ان مملكة الدانمارك من بين الدول المتحمسة جداً في شمال أوروبا لمواجهة ما يوصف بالاحتلال الروسي لاوكرانيا، حيث تساعد وتتساهل الدنمارك مع الاوكرانيين المقيمين على أراضيها للرجوع والدفاع عن بلدهم، بالضبط عكس ما فعلت الدانمارك مع شبان وشابات دانماركية من اصول كوردية ومنعتهم عندما ارادوا ان يلتحقوا بقوات البيشمركة ووحدات حماية الشعب YPG، وحدات حماية المرأة YPJ، والمجلس العسكري السرياني السوري ‎MFS، وقوات الصناديد، وقوات جيش الثوار، وقوات تابور الحرية العالمي، وجبهة ثوار الرقة، تلك القوات البطلة التي خاضت العديد من المعارك المصيرية ضد قوات داعش واخواتها في سوريا، عدد منها كانت تحت مظلة قوات التحالف الدولية، واستطاعوا خلال سنوات الخمس الاخيرة ان يقضوا على الدوعش في سوريا والعراق بشهادة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

تقف اليوم الحكومة الدانماركية مع المتطوعين الاوكراينيين المقيمين في المملكة، عكس موقفها السابق تجاه تطوع الدانماركيين من اصول كوردية لمقاتلة داعش في سوريا والعراق بحجة ان (قتال أوكرانيا ضد الغزو الروسي هو بمثابة دفاع عن أوروبا)!

وهنا نسأل: اليس قتال البيشمركة ووحدات حماية الشعب YPG ،وحدات حماية المرأة YPJ، والمجلس العسكري السرياني السوري ‎MFS، وقوات الصناديد، وقوات جيش الثوار، وقوات تابور الحرية العالمي، وجبهة ثوار الرقة ضد العزو الداعشي كان بمثابة دفاع عن اوروبا؟ ما الذي جعل العالم يستيقظ فجأة على دكتاتورية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي دمر الشعب السوري بقنابله المحرمة دولياً وساند ابشع دكتاتور في المنطقة؟

بدل تكريمها سحبوا منها جنسيتها الدانماركية:
في الأشهر الأخيرة من عام 2014، والذي يعرف بعام غزوة داعش، كانت الشابة الدنماركية جوانا بالاني مواليد 1993 وهي من اصول كوردية، كانت تتابع دراستها في قسم الفلسفة والعلوم السياسية في جامعة كوبنهاغن. وبعد ان سمعت عن الجرائم التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش الارهابي) بحق ابناء جلدتها وتحديداً النساء اللواتي وقعن ضحايا للاستعباد الجنسي وضدالأطفال والمدنيين العزل في العراق وسوريا، تركت كل شيء وراء ظهرها وتوجهت للعراق لمقاتلة داعش الارهابي .وانضمت المقاتلة بالاني إلى صفوف وحدات حماية الشعب الكوردية في سورية وقوات البيشمركة في العراق. وقامت بفعاليات عديدة قتالية وغير قتالية منها تدريب النساء على قتال داعش، معالجة الجرحى (ضحايا داعش الارهابي)، الحراسة ، الطبخ والخ من امور ميدانية اخرى.

لكن النتيجة جاءت بعكس ما توقعت تلك البطلة، فحينما عادت إلى بلدها عام 2015 عاملتها السلطات الدانماركية على أنها (إرهابية) بسبب سفرها إلى سوريا التي كانت تشهد حرباً ضد داعش الارهابي. حيث راسلتها الشرطة الجنائية الدانماركية بعد ثلاثة أيام من عودتها إلى الدنمارك لتخبرها بأن جواز سفرها لم يعد صالحا للسفر، وهي ذريعة قد تؤدي ببالاني بعد الملاحقات القانونية إلى سحب جنسيتها وتسفيرها.

وفي يوم محاكمتها صرحت بالاني للاعلام الدنماركي وقالت: (استغرب من تعامل الحكومة الدانماركية معي بهذه الطريقة وكانني ارهابية ! انا دافعت عن حقوق النساء والديموقراطية، دافعت عن القيم التي تعلمتها كفتاة دنماركية).

ومن الجدير بالذكر ان تنظيم داعش الارهابي خصص مكافأة مالية قدرها مليون دولار مقابل تصفية بالاني التي قاتلت في صفوف القوات الكوردية ضد وحوش داعش.

وهنا يتبيّن لنا بوضوح مدى فداحة القوانين الدانماركية والغربية سواء، وبخاصة فيما يعتمد على منهج الكيل بمكيالين تجاه قضايا متماثلة أَو متشابهة.

فلاديمير بوتن وبشار الاسد يحرقان ادلب وحلب :
تشن روسيا حملة عسكرية في سوريا منذ سبتمبر 2015، ما أتاح للدكتاتورالسوري بشار الأسد استعادة السيطرة على معظم البلاد في أعقاب حرب أهلية مدمرة ادت بحياة 10 آلاف مدني سوري راحوا ضحية قنابل الطائرات الروسية منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا في 2015. حيث استخدمت روسيا أسلحة مختلفة ومحرمة دولياً، مثل القنابل العنقودية، إضافة إلى القنابل الحارقة المحتوية على مادة (الثرمايت الحارقة )، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ومنظمة هيومان رايتس ووتش الدولية .

وحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، استُخدمت روسيا الأسلحة الحارقة 18 مرة على المناطق التي كانت تسيطرعليها المعارضة في مدينتي حلب وإدلب في 7 آب 2016.

ويتساءل المراقبون لماذا صمتت الدانمارك و الولايات المتحدة وحلفائها ولم يطالبوا الحكومة السورية وروسيا بالكف فوراً عن مهاجمة المناطق المدنية بالأسلحة الحارقة ؟ ولماذا لم تدين استخدام الاسلحة المحرمة دولياً التي كانت تسقطها الطائرات الروسية في المناطق المدنية بسوريا في انتهاك للبروتوكول الثالث من الاتفاقية المتعلق بحظر أو تقييد استعمال الأسلحة الحارقة ؟ لماذا لم تفتح الدانمارك ابوابها لضحايا الحرب في سوريا واليمن والعراق وافغانستان كما فعلت مع اوكرانيا؟

جرائم اردوغان:
اين كانت الدانمارك عندما استخدم اردوغان الفسفورالابيض في سوريا، وقامت قواته بأرتكاب انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي وجرائم حرب تتمثل في أخذ الرهائن، والمعاملة القاسية والتعذيب، والاغتصاب، والتغيير الديموغرافي ونقل السوريين المحتجزين من قبل ميليشياتها إلى الأراضي التركية، وأعمال عنف كثيرة اخرى تفوق الوصف قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل الجماعي والتغيير الديموغرافي والترحيل غير القانوني للأشخاص المحميين؟

نعم ان تعامل الدانمارك والدول الاوروبية بشكل عام مع اوكرانيا اثبت لنا من جديد ان هذه الدول التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان، وحقوق الاجئين، تكيل بمكايل عديدة، وتقوم على النفاق والخداع وتتبع نظامًا هرميًا بشعاً يعطي الأولوية للاجئين الأوروبيين، متناسين بان لا فرق بين ضحايا القنابل والصواريخ الروسية في سوريا و اوكرانيا، وان الاحتلال هو احتلال اينما يكن، وان والمقاومة هي مقاومة بغض النظرعن المكان والزمان، وان ليس هناك اي فرق بين ضحايا الحروب ولا بين طفل اوكرايني اشقر وطفل ايزيدي او سوري اولبناني او يمني او افغاني اسمر.

ليس هناك فرق بين اللاجئين الأوكراينيين وغيرهم:
اذا روسيا تحاول ان تغزوا اوكرانيا، فاردوغان ايضاً قام بغزو سوريا واستخدم الاسلحة المحرمة الدوليا والصواريخ الحارقة الفسفورية ضد المواطنين العزل ولا يزال مُصر على جرائمه البشعة.

اسأل مجدداً: لماذا يتم استقبال الاوكرانيبن في الدول الاوروبية بالاحضان والسوريين غير مرحبين بهم؟ هل دماء السوريين ماء ودماء الاوروبيين دم؟ هل التطوع وحق الدفاع ومقاتلة المحتل الروسي من قبل الجالية الاوكرانية في الدنمارك حلال، وحق التطوع والدفاع ومقاتلة التنظيمات الارهابية من قبل المتطوعين الدانماركيين من اصول كوردية حرام؟ لماذا لايعد تطوع اوكراينيين مقيمين في الدول الاوروبية للقتال في بلدهم ليس فقط عملاً إرهابياً، وانما يُعتبر موقفاً شجاعاً ومشرفاً، في المقابل ليس فقط يتم معاقبة المقاتلين الدانماركيين من اصول كوردية الذين شاركوا في مقاتلة داعش، وانما ينعتوا بالارهابيين كما حصل مع البطلة جوانا بالاني التي القنت وحوش داعش دروساً قاسياً ودافعت عن الانسانية والحرية؟

الدبلوماسية الاوروبية:
اصبح يتضح لنا جلياً ان الدول الاوروبية تحاول كعادتها الجلوس على مقعدين، فهي تسعى إلى التوصل إلى حل سياسي للنزاع في اوكرانيا، ومن الجانب الاخر إلى تقديم غطاء لحماية ودعم الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي اقتصاديا ً وسياسيا ً وعسكرياً، غير ان الاوكرانيين لم يستفيدوا من هذا الدعم بالشكل الصحيح، ولم يسخروا الجهد الداخلي على الاقل لحد هذه اللحظة للمساهمة في التوصل إلى الحل السياسي الذي يخدم جميع اطراف الصراع، ويمكنها من التوصل إلى مخرج من المأزق يحفط ماء الوجه للاوكرانيين والروس والولايات المتحدة والدول الاوروبية على حد سواء..

اخيراً..

اتضامن واقف كضحية حرب مع الاوكرانيين ومع كل ضحايا الحرب اينما يكونوا، واقول لا لازدواجية المعاييرالتي تنتهجها الدانمارك وبعض الدول الغربية تجاه اللاجئين.

لا للتصريحات العنصرية العلنية لبعض السياسيين والصحفيين من الدول الغربية التي تثيرالتمييز بين اللاجئين ..

لا للتمييز على أساس العرق أو الدين أو الأصل القومي.

لا للحرب، نعم للسلام