كتبت حريرحسين كامل المجيد وهي حفيدة المجرم صدام حسين عن قصف مدينة حلبجة في مذكراتها (حفيدة صدام) ص 138 تقول: (الإنصاف والحق يقودانني هنا للتأكد على أنه على الرغم من أنني ى اكن أي حب لعم والدي علي حسن المجيد لتسببه بما حدث في ما بعد لوالدي إلا أنني أعلم ومن خلال الأحاديث الخاصة للأسرة بأنه بريء من القصة التي تسببت بألصاق لقب (علي الكيمياوي) به: وهي تهمة قصف مدينة حلبجة العراقية بالكيمياويات. فأُثناء الحرب العراقية الإيرانية كما يقول علي حسن المجيد قام بنشر إشاعة عن أنه سيقوم بضرب المدينة بالكيمياوي وكان الهدف من الإشاعة هو أن يضطر الموجودون فيها من النساء والاطفال والأسر لمغادرتها لكي لا يتضرروا، لانه كان ينوي أن يقصفها بقوة وشراسة. وتقرر أن يقصف المدينة بأكياس من الطحين الخاص بالحصص التموينية لإعطاء انظباع بوجود انفجارات كيميائية. وبعد أن بدأ القصف فوجئ مثل غيره بأن المدينة قد قصفت بالكيمياوي فعلاً. ويفسر علي المجيد الأمر بأن إيران استغلت خدعته لكسب الأكراد إلى جانبها في الحرب.. والدليل على ذلك هو انسحاب الحرس الإيراني من الحدود في اليلة نفسها (أن تكون على خلاف مع أي شخص لا يبرر أن تقوم بتشوية سمعته، وانا هنا اتحدث عن أحداث تاريخية حصلت) (انتهى الاقتباس)

الاعتراف سيِّد الأدلَّة:
ان المعلومات التي تناولها حرير بنت رغد صدام وحسين كامل في مذكراتها بما يخص قصف حلبجة في عام الانفال هي معلومات عارية عن الصحة ومزورة ومزيفة للحقيقة ولا صحة لها ومنها دفاعها عن علي الكيمياوي ومحاولتها العقيمة لتبرئته والصاق التهمة بالجانب الإيراني.

ولكوننا عشنا تلك الفترة وكنا في مسرح الجريمة وعايشنا هذه الفصول الدموية والملطخة بالسموم الصدامية بادق التفاصيل كشهود عيان على عصرالجريمة البعثية، إضافة إلى إعترافات المتهمين والوثائق الصادرة بأمر جدّ حريرالمجيد المجرم صدام حسين وعم والدها المجرم علي الكيمياوي وتورطهما بالإبادة الجماعية في عام الانفال، ومن هذا المنطلق من واجبنا ان نصحح لها معلوماتها ونقول لها وبالأدلة الملموسة والوثائق الصادرة عن نظام جدّها المعدوم:

1 ـ قبل ضرب حلبجة بالاسلحة الكيمياوية، قام النظام العراقي في عام 1978 وبأمر من المجرم صدام حسين وعلي الكيمياوي بضرب مناطق وقرى مسالمة في عمق الاراضي العراقية منها: باليسان، شيخ وسان، سماقولي، قرداخ ، كرميان، كلي زيوه في بهدينان ومناطق أمنة اخرى غير الحدودية.. (وانا هنا اتحدث واوثق هذه الجرائم كشاهد حي على تلك الضربات الكيمياوية الصدامية بحق القرى الكوردستانية، حيث كنت في مسرح الجريمة، ورأيت الموت بأم عيني، ورأيت الذي لا يمكن نسيانه ابداً، كنا مهددين حقا بالموت ومحاصرين بقوات الجيش والقوات الخاصة و بـ (الجحوش المرتزقة) الذين باعوا ضمائرهم واصبحوا عبيدا لنظام لم يعرف سوى القتل والدمار، شهدت ماساة شعب باكمله ولن انسى اولئك الاطفال الذين ماتوا في الطريق عطشاً وجوعاً وخوفاً، لن انسى الاطفال الذين تركتهم عوائلهم التي لم يبق بيدها حيلة او امل).

وهنا اقول لحريرالمجيد ولكل من يريد ان يخلط الاوراق ويشوه الحقيقة: ان كل الوثائق والتسجيلات الصوتية واعترافات المتهمين حول ضرب حلبجة والمناطق المنكوبة الاخرى بالاسلحة الكيمياوية (العتاد الخاص) مسجلة وموثقة وبالإمكان سحبه من أرشيف المحكمة العراقية الجنائية العليا للاطلاع عليها.

2 ـ هناك العشرات بل المئات من الوثائق الدامغة التي صُدرت من رئاسة الجمهورية وبتوقيع المجرم صدام حسين ولجنة تنظيم الشمال ومكتب تنظيم الشمال والقيادات العسكرية الاخرى توكد تورط النظام العراقي باستخدام الاسلحة الكيمياوية (العتاد الخاص) في حلبجة والمناطق الاخرى.

3 ـ علي حسن المجيد او بالاحرى علي المبيد، بصفته كان أمين سر مكتب تنظيم الشمال لحزب البعث العربي الاشتراكي، كان يتمتع بسلطة كاملة على جميع مؤسسات الدولة في المنطقة الكوردية خلال الفترة من آذار 1987 إلى نيسان 1989، بما في ذلك الفيلقان الأول والخامس من الجيش، ودائرة الأمن العام، والاستخبارات العسكرية و(الافواج الحفيفة ـ سرايا الدفاع الوطني ـ الجحوش)(حسب الوثائق الصادرة من النظام العراقي البائد).وكان من بين أوامرعلي الكيمياوي أمرٌ صدر في 20 حزيران 1987 لقادة الجيش العراقي بأن يقوموا بعمليات قصف عشوائية، لقتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص الموجودين في المناطق المحظورة. أسفرت عمليات الأنفال عن قتل نحو 100 ألف من غير المقاتلين (حسب اعتراف الكيمياوي علي عند لقائه بالوفد الكوردي المفاوض في بغداد في بداية التسعينات)، واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد غير المقاتلين في العشرات من المواقع، والتدمير شبه الكامل لممتلكات أهالي القرى، بما في ذلك البنى الأساسية الزراعية وغيرها في جميع أنحاء المناطق الكوردية الريفية. وتظهر الوثائق التي تم الحصول عليها من جهاز الاستخبارات العراقي أن أعمال القتل الجماعي وحالات الاختفاء والتهجير القسري، وغيرها من الجرائم، قد نُفِّذت بدرجة عالية من الاتساق والسيطرة المركزية تحت الإشراف المباشر لـ(علي حسن المبيد).

4 ـ علي الكيماوي يصف جرائمه بنفسه ..
هناك تسجيلاً صوتياً لاجتماع كبار المسؤولين العراقيين عام 1988، توعد فيه المجيد باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد اهالي كوردستان، متفوهاً بهذه العبارات: (سوف أقتلهم جميعاً بالأسلحة الكيميائية! من عساه أن يعترض؟ المجتمع الدولي؟ فليذهبوا للجحيم، المجتمع الدولي ومن ينصت إليه! لن أهاجمهم بالمواد الكيميائية يوماً واحداً فحسب، بل سأواصل الهجوم عليهم بالمواد الكيميائية لمدة خمسة عشر يوماً)(من وثائق المحكمة الجنائية العراقية العليا في قضية الانفال وحلبجة)

5 ـ اكد المجرم الرئيسي في قضية الانفال وضرب مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية علي حسن المجيد الملقب بالكيمياوي لدى استئناف المحكمة الجنائية العراقية العليا في جلستها الاربعين لمحاكمة المتهمين في القضية التي ابيد خلالها عشرات الالاف من اهالي كوردستان خلال عامي 1987 و1988 انه غير نادم على دوره في العمليات التي قال انها كانت للدفاع عن العراق مشيراً إلى انه مسؤول عن عمليات ترحيل اهالي القرى المنكوبة من قراهم، وانه اصدراوامر بتنفيذ اعدام كل من يعتقل في المناطق المحظورة.

ولدى مناقشة القاضي محمد الخليفة العريبي للمجرم علي الكيمياوي الذي كان امين السر لمكتب تنظيم الشمال اكد انه مقتنع بما فعله في حينه (عامي 1987 و1988) طبقا لظروف العراق انذاك ولا يتراجع عنه وقال نصاً: (لاننا كنا نحارب عدواً اجنبياً وعدواً داخلياً)، واشار الكيمياوي اثناء حديثه إلى انه تولى ترحيل سكان القرى الحدودية لاسباب امنية. واوضح ان عمليات الترحيل بدات عام 1975 واستمرت بعد ذلك إلى عام الانفال.

وقال علي الكيمياوي ان مكتب تنظيم الشمال كان يمارس صلاحيات مجلس قيادة الثورة وقيادة الحزب وفقا لقانون الطواريء الذي شمل خمس محافظات شمالية هي كركوك واربيل والسليمانية ودهوك والموصل... واضاف انه مؤمن بما قام به في عمليات الانفال وضرب حلبجة وفقا لظروف تلك الفترة، ولو اعيدت الظروف نفسها لفعلت مثلما فعلت سابقاً! وفي اجابته على سؤال المحكمة عن كيف استطاع ان يقتل الابرياء ويدفنهم في المقابر الجماعية؟ أجاب الكيمياوي: لانهم كانوا متعاونين مع العدو!

6 ـ يروي المتهم الهارب الفريق نزارعبد الكريم فيصل الخزرجي المعروف بجنرال السموم في الاعلام الاوروبي قصة ما حصل في الأنفال وحلبجة في لقائه مع الصحفي غسان شربل، الذي نشر في خمس حلقات في جريدة الشرق الاوسط السعودية ما بين 28 نوفمبر 2002 ، و2 ديسمبر من نفس العام. يقول الخزرجي في لقائه: (تعرضت حلبجة لضربة جوية بأمر من القائد العام للقوات المسلحة، كان علي حسن المجيد مسؤولا عن الشمال وأعطي صلاحيات استثنائية كاملة، وكانت هناك هجمات إيرانية في المنطقة، أبلغت عناصر أمنية وحزبية علي حسن المجيد أن حلبجة سقطت في يد الإيرانيين، فأخبر صدام بذلك، عندها أمر صدام بتوجيه (ضربة خاصة) إلى حلبجة، معتقداً انه سيكبد الإيرانيين خسائر كبيرة. كانت الضربة جوية، والغريب أن حلبجة ساعة الضربة لم تكن قد سقطت بيد الإيرانيين، وكان لا يزال فيها عدد من الجنود العراقيين، وقد أكد عدد من القادة الأكراد إنهم عثروا بين ضحايا حلبجة على جثث جنود عراقيين، قائد الفرقة التي تتولى مسؤولية الأمن في المنطقة لم يكن يعرف بالضربة، ولا قائد الفيلق، ولا أنا رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع نائب القائد العام الفريق الأول عدنان خير الله. لقد عرفنا بعد حدوث الضربة) وعندما ساله شربل، من يتحمل مسؤولية ضرب حلبجة بالاسلحة الكيمياوية: اجاب جنرال السموم: (ثلاثة، صدام حسين الذي أصدر الأمر باستخدام السلاح الكيماوي، وعلي حسن المجيد الذي نقل المعلومات الخاطئة واقترح الضربة بالعتاد الخاص، وهناك مسؤولية حسين كامل بوصفه الُمصنع لهذا السلاح) .

7 ـ هل تعرف يا حرير بان تم استخدام السلاح الكيمياوي في الخامس من حزيران عام 1987 اي قبل مجزرة (حلبجة) بعشرة اشهر من قبل طائرات جدّكِ وبأمره في منطقة بهدينان؟ ولاثبات هذه الحقيقة نعتمد على ما ورد في كتاب الأستخبارات العسكرية العراقية المرقم (12703) في (10 حزيران 1987) والذي جاء فيه نصاً:

(تم توجيه ضربة جوية بـ(العتاد الخاص) إلى مقر الفرع الأول لزمرة البارزاني في منطقة زيوه ألكائنة شمال شرق العمادية ـ محافظة دهوك والتي يتواجد بالقرب منها مقر القاطع الشمالي (قاطع بهدينان) لزمرة الحزب الشيوعي العراقي العميل وكانت الضربة مؤثرة وان خسائرهم 31 قتيل و 100 مصاب)

اخيراً.. تقول حرير حسين كامل المجيد في مذكراتها بأن لتأليف مذكراتها (حفيدة صدام) عدة أسباب، منها الدعوة إلى التسامح والصفح، والتعلم من الأخطاء!

وانا اقول لها كشاهد وكضحية نظام جدّها المعدوم، بان التّسامح المطلق يؤدي إلى الفوضى وعليه ان للتسامح والصفح شروط، فعلى سبيل المثال لا الحصر، قامت دولة جنوب افريقيا وبعد انتهاء الفصل العنصري (الأبارتايد)، بإحضار المتورطين في جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم الموجهة ضد الإنسانية، وجرائم الحرب إلى قاعات المحكمة، وهناك اعترفوا علناً أمام ضحاياهم بما ارتكبوا من جرائم، وطلبوا منهم الصفح والتسامح، وكانت المحكمة تأخذ بما تقرِّرالضحية (الصفح والتسامح أو عدم العفو)، وفي حال عدم التسامح، كان المجرم يواجه عقوبة المحكمة التي تقررها أحكام العدالة الأنتقالية الحقة، إذ لا عدالة ولا تسامح إلا بعد الاعتراف وطلب الصفح من الضحايا.

اخيراً اُذكر حرير المجيد بما قال عم والدها علي حسن المبيد وهو داخل قفصه في إحدى جلسات المحاكمة: (أنا هو الشخص الذي أصدر الأمر إلى الجيش بتدمير القرى وترحيل ساكنيها، لن أعتذر، فأنا لم أخطئ)! فعن اي اكياس طحين وعن اي تسامح تتحدثين يا حرير حسين كامل المجيد؟

في الذكرى السنوية الـ 34 لفاجعة حلبجة (الإبادة الجماعية) أضمّ صوتي إلى اصوات اهالي الشهداء والجرحى والمفقودين وأقول: ينبغي ان تتوجه كل الجهود نحو الاعتراف بالجريمة وإدانتها لمنع تكرارها وانصاف الضحايا (الشهداء الاحياء) الذين يعانون من اثار السموم الصدامية القاتلة.

*شاهد على فصول من جرائم البعث العراقي