هذه الأیام تصادف الذکری الـ41 لانطلاقة المقاومة‌ العادلة للشعب الإیراني ضد نظام الملالي. یوم أمس 20 حزیران کان یوم ذکری المظاهرة‌ الکبری في طهران والمدن الإیرانیة الأخری والیوم 21 حزیران یوم بدایة الاعدامات الجماعیة. منذ ذلک الوقت بدأت رحی القمع تدور في نظام الحکم ورحی المقاومة‌ في المعارضة‌.

مرور 41 عاماً من النضال دون الوصول إلي النتیجة النهائیة وسقوط نظام القمع والإرهاب الحاکم في إیران من شأنه أن یبعث الیأس في النفوس ویعطي الانطباع بأن الانتصار غیر متصور وهذا النظام باق والشعب الإیراني سیبقی تحت رحمة قمع الملال والشعوب المقهورة في الشرق الأوسط کالشعب السوري والشعب اللبناني والشعب العراقي والشعب الیمني و... ستبقی تحت رحمة إرهاب هذا النظام إلی أجل غیر محدّد. لکن هناك قراءة أخری للواقع تقول إن بقاء مقاومة خلال هذه السنوات الطوال وعدم تزحزحهها عن مواقفها ومبادئها بل تمسکها بسیاستها واستراتیجیتها معناه أن هناک بشارة خیر للشعب الإیرانی ولشعوب الشرق الأوسط وأن هذا النظام في طریقه للزوال.

فنبدأ من البدایة حیث خاضت حرکة مجاهدي خلق معرکة سیاسیة بعد سقوط الشاه ووصول خمیني إلي السلطة لمدة عامین ونصف. وکانت حصیلة هذا النضال في طرف الشعب تجمع الحرکات الشعبیة حول مجاهدي خلق، وبرزت هذا الواقع في أولی انتخابات الرئاسة التی ترشّح فیها السید مسعود رجوي. وکتبت صحیفة اللوموند الفرنسیة في عدد 29 آذار 1980، قائلاً: «وحسب التوقعات المختلفة فإنه لولا رفض الإمام الخميني ترشيحه في يناير الماضي، لكان السيد رجوي قد حصل على ملايين الأصوات، فقد كان يحظى بتأييد الاقليات القوميه والدينية، لأنه كان يدعم منحهم حقوقاً متساوية وحكماً ذاتياً. كذلك كان سيحظى بقسم كبير من أصوات النساء اللواتي كان يؤيد حريتهن، وكذلك أصوات الشباب الذين يرفضون تماماً رجال الدين الرجعيين...»

مجرّد تصوّر حصول مسعود رجوي علی ملایین الأصوات أخاف خمیني والملالي من حوله. بعد ذلك بدأت مرحلة الانتخابات التشریعیة وفي الاجتماعات الشعبیة للحرکة بهذه المناسبة تجمّعت مائة ألف في تبریز وفي طهران مأتا ألف وفي مدینة رشت ثلاثمائة ألف وهکذا دوالیك. في الوقت نفسه وصل عدد توزیع نشرة مجاهد الناطقة باسم المنظمة إلی أکثر من نصف ملیون نسخة‌ في وقت لم یکن عدد توزیع الجرائد الرسمیة التابعة للنظام أکثر من عشرات الآلاف. شبکة أنصار مجاهدي توسّعت بین مختلف أطیاف وشرائح الشعب خاصة‌ بین النساء والشباب.

فأدرك خمیني وقادة نظامه بأن حرکة المعارضة إذا استمرّت بهذا المنوال فعلیه أن یسلّم السلطة إلیها بشکل سلمي. إذن بدأت عملیات الاعتقالات بشکل واسع بحجج واهیة وکذلك بدأت عملیات الاغتیالات والقتل بشکل تدریجي. حیث بلغ عدد السجناء السیاسیین قبل حزیران 1981 أکثر من ثلاثة آلاف وعدد القتلی في مختلف المناطق بحوالي سبعین شخصاً.

هنا دخلت إیران الحکم والمعارضة‌ یوم 20 حزیران 1981 کیوم الفصل في التاریخ الإیراني الحدیث.

وکانت مظاهرة هذا الیوم ردّ المجاهدين علی النظام وتعتبر مفصلاً في نضالهم ونضال الشعب الإيراني على طريق تحقيق الحرية والديموقراطية، حيث تمت الدعوة بشكل سرّي إلى قيام تظاهرة في الشوارع المركزية بطهران، شارك فيها أكثرمن نصف مليون إيراني احتجاجاً على حالة الكبت المفروضة على الشعب. فما كان من النظام غير سحقها بصورة لا سابقة لها تنفيذا للأوامر التي أصدرها خميني إلى قوات حرسه بفتح النار على المتظاهرين، وكانت النتيجة سقوط المئات من القتلى والجرحى واعتقال الآلاف.

و جاء في التقاریر عن ذلك الیوم بأن شبكة الإذاعة والتلفزيون الرسمیة بدأت توجّه تحذيرات من المشاركة في التظاهر، كما كان مؤيدو النظام يوصون أفراد الشعب بالبقاء في منازلهم... وأقميت مظاهرات في المدن الإيرانية الأخرى كتبريز، ورشت، وآمل، وقائمشهر، وجرجان، وبابلسر، وزنجان، وكرج، وأراك، وإصفهان، وبيرجند، والأهواز، وكرمان و...غيرها. وأعلن كبار الملالي أن كل المتظاهرين يعتبرون "محاربين ضد الله" بغض النظر عن أعمارهم، ولهذا سيجري إعدامهم في المكان نفسه. وأعطي خمیني أوامره من خلال الإذاعة‌ لقوات الحرس بفتح النار عليهم، وقد قتل في محيط جامعة طهران وحدها 50 شخصاً وجُرح 200 بالإضافة إلى اعتقال ألف مشارك. وأصبحت هذه أكبر الاشتباكات منذ انتصار الثورة ضد الشاه.

لکن الجدید أن الملالي کل عام وهذا العام أیضا بهذه المناسبة یسهبون في الکلام ضد المقاومة‌ الإیرانیة. وفي هذا العام خصّص العدید من خطباء الجمعة التابعین لخامنئي قسما من خطاباتهم لهذا الموضوع وقالوا أن مجاهدي خلق أعلنوا فی العشرین من یونیو الکفاح المسلح ضد النظام وقتلوا خلال المظاهرة‌ العدید من أفراد الحرس وقوات الباسیج. لکن التاریخ یقول أن المتظاهرین في مظاهرات 20 حزیران هفتوا بشعار «تحیا الحریة» فقط و لم یکن لدی أحد منهم أي سلاح. والمقاومة المسلحة ضد النظام بدأت بعد أیام من موجات الإعدامات الجماعیة.

وفي عامنا هذا نفّذت وحدات المقاومة داخل إیران 41 عملیة رمزیة‌ بهذه المناسبة و أضرمت النیران فی صور خامنئي و خمیني وقاسم سلیماني وفي مراکز قوات القمع والباسیج و... یمکن مشاهدتها في هذا الفيديو:

وهذا معناه أن المقاومة مازالت مستمرة‌ في إیران ضد نظام القمع والکبت. هذه مقاومة متجددة بدأت منذ أعوام ووصلت إلی حد یستطیع القیام بهکذا حجم من العملیات في یوم واحد.

هذه الوحدات هي التي ألحقت ضربات ساحقة إلی مراکز عصب الملالي خلال الأسابیع و الأشهر الأخیرة من خلال السیطرة علی المحطات الإلکترونیة الخاصة بالتلفزیون الحکومي ومراکز الوزارات الرئیسیة وکذلک بلدیة طهران العاصمة.

وهذه الفعالیات والنشاطات تأتي في بحر من الانتفاضات الشعبیة المتواصلة التي تهدأ ولن تهدأ حتی سقوط النظام من خلال ترکیب المقاومة المنظمة المسلحة والانتفاضات المتکررة.

ولا شك أن الملالي لا یدّخرون أی جهد ومحاولة لحرف الانتفاضات والحرکات الشعبیة کما فعلوا في الفترات الأخیرة برفع شعارات لصالح النظام البائد الشاهنشاهي. لکن أکثر من أربعة عقود من النضال کان مرکّزاً علی القضاء علی طاغوت ولایة‌ الفقیه وبناء جمهوریة دیمقراطیة تعددیة مبنیة علی فصل الدین عن الدولة وإقرار حقوق جمیع آحاد الشعب بجمیع تنوعاته الدینیة والإثنیة.