ثمة صفحات في حياتك لا يمكنك تجاوزها ببساطة!
بعض الأسطر لا يمكنك القفز فوقها أو إهمالها..!
بعض الكلمات لا تمحى من ذاكرة قلبك، وقد تخترق مسامّات الروح لتستوطن في ذاكرتنا الى الأبد!
بعض اللحظات تخترقك حتى تجدَ بعدها أنّ هذه الحياة هي العدم!
هذه الصفحات هي أوراقُ الخذلان التي زيّنتها الوعود الزائفة، وشكّلت حروفها الكذبات التي لا حصر لها، وثنتْ ورقتها تلك الخيبة التي منيت بها في جوف ليل.
لنا في الحياة تجارب وصولات.. وحروبٌ كثيرة مع الذات ومع الغير ومع الحياة نفسها.. لنا فيها صعودٌ وهبوط، واغتنامٌ للفرص وفواتٌ لها،
وبين هذا وذاك، ضحكٌ ودموعٌ وحسرةٌ وتلهّف.. والكثير الكثير … من التفاصيل التي جعلتنا على ما نحن عليه الآن من شخصية وبناء ذاتيّ! بنت فينا من دون أن نشعر أو نقصد حصنًا باطنيًّا لا مباليًا أو قد يكون قاسيًّا في بعض الأحيان!
هذه حصيلة الخذلان الذي يودعه في جوفنا بعض الأهل والأصحاب!
تتراكم الأحداث في ذاكرة القلب والعقل،مثل سور عال تصبّه في كلّ لحظة خيبة أو خذلان،إلى أن يصل المرء الى مرحلة يفقد فيها وبعدها اللذة في الوجود والاستمرار،ويتحوّل الى قالب صلب وشديد لا يتأثّر بشيء!
هذه التراكمات اذا ما أهملت ستودي بصاحبها الى التهلكة،وستغيّر مسار حياته بشكلٍ سلبيّ!
لا بدّ للمرء أن يواجه في حياته خذلانًا صعبًا من قريب أو صديق أو حبيب، سيخيب أمله كثيرًا، سيضعف ويبكي ويتحسّر، ولكن عليه أن ينهض ويواجه ويترفّع ويسامح، والمسامحة هنا تعني البياض الحقيقي للقلب والروح ولكن من دون النسيان الذي سيوقعه في الخطأ من جديد،
ذاكرة المخذول يجب أن تكون حاضرةً في كلّ زمان ومكان كي تعينه على المضيّ والاستمرار مع تجنّب الزلّات والخيبات ومن دون نزف أو وجع!
ليس سهلًا على المرء مواجهة الخذلان والخيبة من الذين أحبّهم أو رافقهم وأخلص في حبه لهم وتفانى لأجلهم، ولكنّ الفكرة تبدأ من هنا:
الإخلاص والوفاء والنبل صفاتٌ من شيم النبلاء!
أمّا الخذلان والنكث بالعهد والكذب فمن شيم الخاسرين المسيئين!
لا نندم على الخير ولا على صفاتنا النبيلة، بل نفتخر ونعتزّ بها ونترك للخاذل أن يبوء بخذلانه وإثمه، ويتحسّر على خسارته لنا..
وبدلًا من أن نراكم الخيبة والحزن والوجع في دواخلنا فلنطمئن قلوبنا أنّها كانت نبيلًة حتى النفس الأخير،
هذا النبل يرفعه، ولْنسمح لها أن تتألّم بعض الشيء، من ثمّ نمضي صعودًا من دون آثار تسقطنا عند كلّ ذكرى أو محطّة!
لا بدّ من تجاوز الخيبة والخذلان بالقوة والصلابة والإيمان وحسن الظّن بالله وصدق التوكّل عليه إذ هو الذي بيده سبحانه الأمر كلّه.
واعلموا أن الله الذي خلق لنا هذه القلوب كفيل بأن يعوّضها عوضًا يليق بجماله، ولا يخطر على بال !
التعليقات