يجري الحديث كثيرا عن الفساد المالي دون الاقتراب من رديفه في التخريب بالمستوى نفسه وهو الفشل.. وهما وجها الادارة المتخلفة وتدهور أوضاع أي بلد مهما بلغت ثرواته، في نظر المتخصصين في علم الادارة والقيادة..

الاول: يشير الى انه ليس هناك حرمة للمال العام ..

والثاني: يؤكد أنه لا قيمة للمنصب عندما يتبوأه من لا يستحقه لانه لا يمتلك مؤهلاته.. ولذلك ينبغي التركيز في التقويم والمعالجة على العنصرين معا، لان التركيز على الفاسد وحده قد يجعل الفاشل في مأمن من أن يطاله الحساب والنقد، بحجة أن (يده نظيفة)، ولكنها في حقيقتها (قذرة) كما هي يد الفاسد، ما دامت تستلم راتبا وإمتيازات ومغانم لمنصب لا تستحقه، أو تكون سببا أساسيا في تراجع البلاد وتدهورها..

وهنا يظهردور الوزير وتأثيره على حلقات وزارته المختلفة في الانتاج ونجاح أو فشل القرار باختياره، والقياس في معرفة كفاءته ودور قيادته في تحقيق أهداف الوزارة، ومبرر وجودها ودورها في سد حاجة البلاد في مجال اختصاصها..

ولذلك كان المعيار الاساس في الوظيفة والخدمة العامة في الدول المتقدمة هو (وضع الرجل المناسب في المكان المناسب) دون أي اعتبار أخر... لانها ترى أن الفساد لا يقتصر على انعدام الذمة والنزاهة، وموت الضمير، بل يشمل الاثنين معا.. (فقذارة اليد) و(عدم الكفاءة) يؤديان الى الاصابة بمرض واحد، وإن استخدما طريقين في الوصول الى النتيجة، وهو دمار البلد وتخلف الانتاج، أو انعدامه، وضعف الالتزام والتجاوز على النظام والقانون وبالتالي تضعف هيبة الدولة وتعم الفوضى.

وهنا يظهر دور الاجهزة الرقابية وفي مقدمتها البرلمان في تقويم عمل الوزارات وإنتاجها وكفاءتها في توفير حاجة الشعب من إختصاصاتها لأن مبرر وجود اي مؤسسة والصرف عليها هو الانتاج وسد قدر مناسب من الحاجة ان لم يكن كلها.

ولذلك ترى الدول المتقدمة أن الفاشل هو توأم الفاسد في التخريب وضياع فرص البلاد في مواكبة التطور العالمي.. ولذلك تحارب الاُثنين معا، بنفس القوة والاصرار لما يشكلانه من خطر كبير على الدولة والمواطن..

ان الفاشل يحمل صفة مركبة.. الفشل والفساد معا ولذلك فإن طريق الاصلاح الحقيقي يبدأ من وضع الحلول المناسبة للتخلص من هذه الثنائية المتخلفة (الفساد والفشل) والعمل بقانون التطور الطبيعي في الادارة وهو (وضع الرجل المناسب في المكان المناسب)..

في الادارة المتقدمة لا يمكن فصل الكفاءة عن النزاهة لان غياب احدهما سيؤدي الى فشل المؤسسة في تحقيق هدفها.. ولك ان تتصور النتيجة إذا غابت الكفاءتان معا (الكفاءة المهنية وكفاءة الضمير) في الاختيار ..

الخلاصة: ان الدول التي تريد النهوض تحتاج الى مسؤول بدرجة (قدوة) في الضمير والنزاهة والكفاءة والاخلاص والتضحية ونكران الذات، وليس في الامتيازات ...