ظلت ظاهرة العنف ضد المرأة والانتقاص من شخصيتها والإساءة إليها، باعتبارها أنثى، تأخذ حيّزاً واسعاً من الانتقادات في المجتمع بصورة عامة، وهذه الإحاطة بشخص المرأة والمعاناة التي تحط من قدرها تثير كثير من التساؤلات حيالها، وإلى فترة قريبة بقيت تعاني من التعامل السيء حيال ما تواجهه من سلطة ذكورية وعقلية صلدة، أبخستها حقها في التعامل مع المحيط الذي تعيش فيه براحة تامة، ما أفقدها الرغبة في التعامل مع كثير من الوجوه التي توازيها، أو حتى تتفوق عليها معرفة وثقافة وعلماً.

وتعود أسباب السلطة الذكورية إلى السيطرة التامّة من قبل الأب بالدرجة الأولى، وفي حال غيابه فإن الأخ ما زال تفكيره وللأسف سطحياً جداً ما يؤخذ عليه كثير من الملاحظات، ولهذا ترى أن أفكاره وأفعاله فيها إساءة كبيرة وانتقاص للمرأة، وسواء أكانت هذه المرأة أم، أخت، أو بنت، وحتى خالة وعمة، وأمثال هذه الملاحظات كثيراً ما وقعت، وعانت المرأة كثيراً من المعاناة، ولم تجد الحل الذي يناسبها، وينهي مشكلتها في ظل السلطة القاسية من قبل الرجل ـ الذكر.

المعاناة في هذا الاتجاه كبيرة، ومن خلال مشاهدات حيّة لمستها وتابعتها أن أحد المعارف الذي تربطني به علاقة سطحية سبق أن اعتدى على شقيقته التي تصغره سناً بعام واحد بسبب رؤيته لها تدخل إلى داخل إحدى المحال التجارية بهدف شراء أشياء خاصة بها، هذا الموقف على الرغم من تفاهته أثاره ولم يعجبه فتحامل عليها، وقام بالإساءة لها، والاعتداء عليها بالضرب وطردها من داخل المحال لمجرد أنها كانت تقوم بشراء غرض ما، وفي عزّ النهار وبحضور عدد كبير من الزبائن!

وصورة أخرى لأب، وهو يقوم بضرب زوجته التي أنجبت منه سبعة أولاد ذكور، نتيجة زيارتها إلى جارتها الملاصقة لبيتها وبدون اذن مسبق منه، وقضائها فترة قصيرة لديها، لم يحتمل الموقف ما أساء إليها، فقام بتعنيفها وطردها من بيت جيرانه. وموقف آخر لذاك الزوج الذي اعتدى بالسبّ والشتم على زوجته التي كانت تقضي بعض الوقت مع جاراتها في هرج ومرج، ما استدعى منه أن قام بتوبيخها وتطاوله عليها بالضرب!.

كثير من المواقف تتعرض لها المرأة من قبل السلطة الذكورية التي يتسيّدها الأب والأخ والزوج.
ماذا تفعل المرأة في ظل هذه السلطة الذكورية التي لا أحد يتقبّلها، أو يأخذ بها إلّا فئة من الأشخاص أصحاب الرؤية القاصرة، الذين يشكّون بأنفسهم، والمرأة بالنسبة لهم مكانتها لا تساوي شيئاً، وكل ما يعرفه هؤلاء عن المرأة أن خادمة مطيعة في بيته فقط، وهذه مهمتها الأساسية!

إنّ هذه السلطة الذكورية، والعنف غير العادي سحق في الواقع دور المرأة وأفقدها ثقتها بنفسها.
ظلت مشكلة الإساءة للمرأة والعنف قائمة، وبصورة خاصة من قبل الأشخاص الذين طالما ينظرون إلى المرأة نظرة استعلاء وكبرياء والغرض هو الإساءة لها، وهناك قضايا أخرى عانت منها المرأة وما زالت تعاني على الرغم من كل أوجه التطور الذي عاشته.

إن تجريد المرأة من حقوقها، والعمل على الاساءة إلى كيانها في ظل سلطة القمع القائمة وتعنيفها وبدون مبرر لمجرد أنها تقوم بزيارة صديقة لها، أو في حال قيامها في زيارة إحدى الأسواق لجهة شراء حاجة خاصة بها، أو اجتماعها مع صديقات لها بغرض التخفيف من ضغوط الحياة وقضاء برهة من الزمن في معرفة خصوصيتهن والعودة إلى أيام الزمن الجميل واستذكار بعض مواقفه، أو حتى في زيارة صديقة لها في حديقة عامة بهدف قضاء بعض الوقت للتنزه، كل هذا هل يدفع الأب أو الزوج والأخ وغير ذلك من استعمال السلطة في الاساءة للمرأة والاعتداء عليها بالضرب؟!

المرأة تظل لها كيانها، وهي كائن حي له مكانته واحترامه من غير الممكن الاساءة له مهما كانت الظروف، ومن حقها بالتأكيد أن تعي دورها، وهي مثال حال الرجل، وتتفاعل مع حريتها، وهذا من حقها الطبيعي أن تمارسه ما دام أنها تسعى إلى أن تأخذ مكانها ودورها في المجتمع، وتراعي حريتها في التنقل وزيارة جاراتها، وفي التسوق، وفي الذهاب إلى أماكن التنزه واللقاء بصديقاتها، أرى أنها اجراءات عادية جداً، وهذا من أبسط حقوقها، وليس هناك أي داع للاقتصاص منها لأبسط خطأ ما قد ترتكبه وبدون دراية أو معرفة منها.

الحرية تدفع بالمرأة إلى أن تحافظ على نفسها أكثر فأكثر، وتعرف بالتالي كيف تعيش وتتأقلم وتحمي نفسها من الآخرين؟.

المطلوب هو دفع المرأة نحو آفاق أكثر اتساعاً، والعمل على تشجيعها حيال كثير من الأشياء في الحياة، وعلى السلطة الذكورية الإقلاع عن التعامل مع المرأة بعنف وقسوة، والحل هو الاهتمام بها وتكريمها وتدليلها وتحفيزها وتشجيعها على الأفعال الايجابية للحفاظ عليها بعيداً عن سلطة الأفراد وعن الإساءة لها، لأنها لا تستحق منا سوى الحب والدفاع عنها بضراوة.