دعا رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم أمس الخميس المصادف 11 أيار، خلال حفل افتتاح - نصب الانفال ومتحف لمقتنيات بارزاني مصطفى - في منطقة بارزان في حفل حضرته شخصيات حكومية وسياسية، إلى جانب دبلوماسيين عرب وأجانب، وخلال كلمته دعا مسعود بارزاني الحزبين (الاتحاد والديمقراطي) إلى عقد اجتماع موسع بينهما وفتح صفحة جديدة وإزالة الضبابية عن المناخ السياسي في كوردستان.

وتابع بارزاني قائلاَ: "ندعو جميع وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني للمساعدة في إنجاح هذه المبادرة، وليس للعب دور سلبي في تأجيج الصراع بين الطرفين". ( انتهى)

ولا شك أن في كلام بارزاني كثيراً من الملاحظات الفكرية والسياسية، وبما ان السلطة في الإقليم هي (حزب بارزاني في اربيل وحزب طالباني في السليمانية)، سأحاول هنا أن أسجل هذه الملاحظات والتي هي جزء مما يقرؤه المرؤ في خطاب بارزاني مسعود.

1 ـ لم يذكر بارزاني أشياء محددة عن المصالحة وإنهاء الانقسام والصراع الحقيقي بين الاتحاد والديمقراطي.

2 ـ كان على بارزاني ان ينتقد وبصوت واضح وصريح إعلام حزبه والذي قام خلال الاشهر الماضية بتأجيج نار الفتنة والصراع الحزبي المقيت.

3 ـ تناسى بارزاني بان الغموض والمشاكل بين حزبه والاتحاد الوطني هي مشاكل (قديمة جديدة) مبنية على الهيمنة والمصالح الحزبية الضيقة.

4 ـ تذكرت وانا استمع إلى خطاب بارزاني، كلام جلال طالباني بعد انتهاء الاقتتال الداخلي والصراعات الدموية التي امتدت لسنوات بين الاخوة الاعداء في اواسط التسعينات من القرن الماضي، تذكرت كلام طالباني الذي قال نصاً عبر وسائل الاعلام الكوردستاني: "لم نكن لا انا ولا الاخ مسعود طرفين في اشعال نار الاقتتال وتقسيم الإقليم إلى إدارتين، ونحن.. السيد مسعود وانا بَريئَيْنِ من كل ماحدث من الكوارث والويلات".

5 ـ يجب ان يعرف الجميع بان لحد هذه اللحظة تجري الاستعانة بالقوى المعادية من خارج الإقليم لتبديل موازين القوى بين الطرفين الاتحاد والديمقراطي.. تلك القوى الاجنبية التي لا مصلحة لها في حل المشاكل بين الطرفين واستتباب السلم والامن في الإقليم، ولا في تطويره وازدهاره. وتزامنا مع خطاب بارزاني قامت تركيا بقصف قرية (ساركي في منطقة گارا) واحرقت صواريخها البساتين والاشجار وبيوت القرويين العزل!

6 ـ يتحمل مسعود بارزاني كشخص الاول في حزبه من جهة ورئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني الذي منع حضور وزرائه اجتماعات مجلس وزراء حتى اشعار اخر من جهة ثانية، يتحملان مسؤولية شخصية امام شعب كوردستان والرأي العام عن ما يحدث من المشاكل والصراعات الحزبية على السلطة والنفوذ بين الحزبين، الاتحاد والديمقراطي، وفسح المجال لنزعة فرض الامر الواقع بالقوة ومحاولة التفرد بالقرار وإدارة الحكم وتفشي ظاهرة حرب استقطاب للشخصيات الأمنية والعسكرية ورفض التنافس السلمي والذي لا يستفيد منه غير اعداء الشعب، الى جانب ضعف الايمان بالديمقراطية والتحزب الضيق واضطراب الامن والاغتيالات وتفشي الجرائم وغيرها من الامور التي تثير قلق المواطن الكوردستاني، اضافة الى الضائقة المعيشية الخانقة الناجمة عن عدم السعي لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والامنية والعسكرية.

7 ـ ان توثيق جرائم الانفال (الإبادة الجماعية) وبناء نصب شهداء الانفال في جميع المدن عمل مهم جداً، ولكن محاكمة المتورطين في جريمة الانفال -الإبادة الجماعية- من كبار الجحوش والبعثيين الكورد الذين ذُكرت اسمائهم في قضية الانفال لمشاركتهم في إبادة ابناء جلدتهم ومنحهم ما هب ودب من اموال وثروات الشعب المسروقة اهم بكثيروذلك لتحقيق العدالة وانصاف الشهداء وعوائلهم وتضميد جراحاتهم وتوفير الحياة الحرة الكريمة لهم، وتعويض عوائل الشهداء، والتعرف على رفاتهم ونقلها إلى مسقط رؤوسهم، والعمل على تنمية وبناء مناطقهم والارتقاء بها من جميع النواحي الخدمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية، فليس من المنطق والعدل ان نرى رؤساء وكبار جحوش الامس يعيشون فى ظل الحزبين ـ الاتحاد والديمقراطي الكوردستاني برفاهية، فيما تعيش عوائل الضحايا في الإنتظار والحزن، وقسم منهم ما زالوا يبحثون عن رفات احبائهم في صحاري وسط وجنوبي العراق.

اخيراً…
اعتقد جازماً ان الخروج من مأزق الصراع الحزبي المقيت وانهاء معاناة الشعب لن يتحقق الا بتغيير جذري في نهج وسياسة وعقول قيادة الحزبين الحاكمين!

الكلام حول الخطاب المذكور يطول، ولكن ما لم يقله بارزاني هو أهم كثيراً مما قاله، و نكتفي بهذا القدر.