يُطالب المرء بواجباته وديونه وما يدعي، أي يُطالب دعاة بالإلتزام بقيم وتفاصيل العدل، وكذلك الحال لدعاة الدين، ودعاة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وما قد نطالب به النظام الحاكم بإسم الدين في إيران لا يمكن أن نُطالب به غيرهم ممن لا يدعون بالدين وخلافة الله ويبكون على الإسلام وأمة الإسلام ولا يرفعون شعارات رنانة في هذا المجال، أي يتم إلزامك بما ألزمت به نفسك وما ترفعه من شعارات من باب حسن الظن بك حتى يثبت العكس.

شكان البعض من المغرر بهم لا يصدقون أي شيئ يُقال ضد النظام الإيراني قبل عشرين سنة حتى رأوا بأنفسهم ما يفعله هذا النظام في إيران ولبنان والعراق واليمن وسوريا والبحرين وحتى الأردن وغيره من الدول وكشفت وسائل التواصل الإجتماعي والتقنيات الإعلامية الحديثة النقاب عن الكثير من المصائب تحت مظلة هذا النظام، وعندما كانت المقاومة الإيرانية تقول أن أزمة الشعب الإيراني لا تقف عند قتل أبنائه وتعذيبهم في السجون بالباطل وتشريدهم وتجويعهم ونهب ثرواتهم والمساس بكرامتهم وانتهاكات حرماتهم بل هي أكبر من ذلك وتبدأ بعدم الإعتراف بحق الإنسان في الوجود إذ هناك من البشر في إيران مواطنين وغير مواطنين من لا يمتلكون وثائق تُعرفهم ويترتب عليها حقوقهم الإنسانية والثقافية والمعيشية فيما بعد لم يكن يصدقها البعض؛ حتى برز البعض من رموز العملية السياسية العراقية المحسوبين على النظام الإيراني متحدثاً عن محنة العراقيين المتواجدين في إيران وموالين للملالي وجزءاً من هذه المحنة أن بعض العراقيين كانوا لا يمتلكون وثائق ثبوتية رسمية لأبنائهم المولودين في إيران وثائق تنسبهم لذويهم كتعريف لهم أمام مستشفى أو مدرسة أو دائرة ما، وقد كان ذلك فيما يتعلق بالعراقيين المحسوبين على الملالي فماذا يكون حال الأفغان المساكين خاصة السنة منهم الذين عانوا الويلات في وجودهم بإيران ولم يكن حال الأفغان الشيعة بأفضل من حال العراقيين بل كان أشد يؤساً، وهنا نسقط عن نظام الملالي هويته الإسلامية وإدعاءاته وشعاراته بشأن أمة الإسلام عندما لا يكترث بأبسط حق الإنسان في الوجود وهو الإسم والتعريف، وقد سعى شباب الأفغان المقيمين في إيران إلى ركوب الجحيم في سبيل الخلاص من البيئة التي يحكمها خلفاء الله في الأرض بحسب الإدعاء القائم، وأما البعض الأخر من الشباب الأفغاني فقد اضطرته سبل المعيشة القاشية أن يقبل بإغراءات النظام للتسجيل في مشاريع الموت بالعراق وسوريا كمرتزقة في صفوف ميليشيا الحرس من أجل الحياة وبعض الوعود بمستقبل بسيط لهم..، وإذا كان هذا السلوك والنهج غير الإسلامي مع غير الإيرانيين لأنهم ليسوا مواطنين فمن المفترض أن يكون السلوك مع المواطنين الإيرانيين على نحو أفضل من ذلك كونهم مواطنين لكن الأمر لم يكن كذلك أبداً.

أفواههم تفضحهم
يدفع الفقر بالمرء إلى تقديم الكثير من التنازلات من أجل البقاء وتحمل مسؤولياته تجاه أسرته وذويه بغض النظر عن ذاته الأمر الذي دفع بالكثير من الإيرانيين إلى تشغيل أطفالهم من أجل زيادة مدخول يسمح لهم بالعيش الكفاف، وعمالة الأطفال أمر شائع في كثير من بلدان العالم لكن له في إيران دوافع وأسباب تتعلق بالأوضاع السياسية، وتكشف عمالة الأطفال في إيران مستوراً أُزيح عنه الستار منذ بعيد، وقد لا يزال مستتراً عن البعض بفعل ثقافة الخداع التي يتم تسويقها دعائياً بين شعوب المنطقة، أما حقيقة إيران السجن الكبير فيعرفها الشعب الإيراني والمطلعون ويفضحها أيضا قادة نظام الملالي ورموزهم وخبرائهم، فعباءة الدين التي يرتديها سلاطين إيران منذ قرابة 45 سنة لم تستر النوايا ولا الأفعال وسرعان ما تكشفت الحقائق من بين خيوطها معلنة أن الحقيقة ساطعة كالشمس لا تُغطى بغربال الإدعاء، ولا يمكن لوعاظ السلاطين على مر العصور أن يكونوا خلفاء لله في الأرض.
عشرات الآلاف من الشباب والأطفال الإيرانيين في سيستان وبلوشستان وحدها وحسب إعترافات مسؤولين حكوميين لا يمتلكون أوراقاً ثبوتيةً وبالتالي لا حقوق لهم لهم في التعليم والصحة والعمل الرسمي وغير ذلك، وبالتالي فإن مصيرهم في ظل البطالة السائدة والفقر المتفشي وانعدام التنمية وتدهور الزراعة مصيره هو التهريب والأعمال غير الرسمية وغير القانونية وعمالة الشارع وعمالة الأطفال، ونظراً لتعاظم قضية عمالة الأطفال في إيران خاصة في طهران والمدن الكبرى ولا تخلو المدن الصغيرة من ذلك صرح بعض المسؤولين في سلطة نظام الملالي بأن رصدت حالات محدودة من عمالة الأطفال الإيرانيين، وأن أكثرية عمالة الأطفال في إيران ليسوا إيران بمعنى آخر أن سلطات النظام ملتزمة تمام الإلتزام بحقوق مواطنيها وكأنها الأزمة الوحيدة في إيران، كما تجد في خطابهم كخلفاء لله في الأرض عنصرية فجة تفوح من أفواههم وليس ذلك بجديد عليهم فقد مارسوا العنصرية بحق النساء وباقي مكونات المجتمع من الأقليات العرقية والدينية، وهنا نتساءل لماذا تدعون أن خلل عمالة الأطفال في الغالب فقط في صفوف الأجانب لتبرأوا أنفسكم من الذنب، فعندما تستقبلونهم وتقبلون بهم كلاجئين وبصفتكم دولة مستضيفة وتتلقون مساعدات على ذلك من دولٍ خارجية فعليكم توفير الحد الأدنى من فرص الحياة الإنسانية لهم، ولماذا لا تتحملون مسؤولياتهم كبشر لهم حقوق، وكيف ستهتمون بتوفير ذلك ولم توفروا الحد الأدنى من الحياة اللائقة الكريمة للمواطنين الإيرانيين ومنها توفير الأوراق الثبوتية لهم.

خلافة الله على الأرض تحتاج إلى تقوى القلوب وطهارة النفوس ورشد العقول بالعلوم والمعرفة والإستعداد لصيانة الأمانة قبل الإدعاء، وما شمل المواطنين والأطفال الإيرانيين من ظلم وإجحاف من قبل المدعين بالإسلام قد شمل غيرهم من غير الإيرانيين في داخل إيران وخارجها في لبنان والعراق واليمن وسوريا وأماكن أخرى ذلك لأن تلك هي هوية النظام التي قام عليها ولن تتغير إلا بزواله التام من إيران وزوال مؤثراته في دول المنطقة... ومن الحماقة أن يعتقد المرء بأنه عظيم وفريد زمانه دون غيره ، وينسى أن شمس الحقيقة لا تُغطى بغربال.