يسير العراق بخطى حثيثة متسارعة نحو مصيره المحتوم من التشظي والتقسيم لعدة أسباب منها طبيعة تكوينه غير المتجانس من العرب الشيعة والعرب السنة والشعب الكوردي المختلف تماما عنهم بالإضافة الى ممارسات الشريحة الحاكمة التي تزيد من تسارع التوجه نحو التقسيم.
هذا التكوين المتعمد من قبل الاستعمار البريطاني – الفرنسي في اعقاب الحرب العالمية ونهاية الإمبراطورية العثمانية، لم يستطع طيلة قرن من الزمان ان يكون دولة قانون ومساواة ويملك هوية وطنية موحدة ولا حتى علاقات طبيعية مع دول الجوار فمرة الحرب ضد الكويت وأخرى ضد ايران وحروب داخلية مستمرة ضد الشعب الكوردي والتي بمجموعها دليل على عدوانية الأنظمة المتعاقبة التي ارادت من خلال هذه الحروب صرف الانتباه عن المشاكل الداخلية والوضع المزري الذي يعيشه المواطنون.
الامر لم يتغير كثيرا بعد سقوط النظام الدكتاتوري واشتد الصراع الداخلي بين مكونات البلد غير المتجانسة ولم تستطع او لم ترغب الشريحة الحاكمة بتقديم نموذج ديموقراطي للحكم يعزز من الهوية الوطنية الجامعة للكل، بالإضافة الى الفساد ونهب ثروات البلاد وارتهان القرار الوطني المركزي والتخلف الهائل في مجال الخدمات والحملات المنظمة لنشر الخرافات والدجل والتي أصبحت سمة أساسية للنظام الحاكم دون اقل بصيص نور في نهاية النفق المظلم.
بقاء الدولة العراقية الحالي المنقسمة داخليا لا يعود لا الى رغبة مكوناته ولا لثقتها بالنظام وقوته ولا بسبب الالتزام بالدستور الاتحادي ومبادئه الأساسية وانما مرتبط بالمصالح الدولية والإقليمية التي تحول دون التقسيم الموجود على الأرض نتيجة ممارسات النظام العنصري والطائفي المتخلف التي أدت الى نسف كل مقومات واسس دولة المواطنة والمساواة والقانون وأصبح من الطبيعي سيطرة المليشيات المسلحة المتعددة على هذه المنطقة او تلك.
بقدر تعلق الامر بالشعب الكوردي واسس النظام الاتحادي فالوقائع تشهد تنصل الشريحة الحاكمة عن الالتزام بالدستور والتوجه نحو تطويق وإلغاء حقوق شعب كوردستان والعودة الى المركزية المطلقة بكل ما تحمله من سلبيات واخطار.
يقينا ان على المجتمع الدولي والإقليمي الإقرار بحقيقة فشل النظام الحاكم وان البلد بوضعه الحالي يعيش حالة موت سريري رغم التهريج الإعلامي المقرف للشريحة الحاكمة وان الحل العادل والمنطقي هو منح الفرصة لمكونات العراق الحالي للاستقلال وبناء حياتهم ومستقبلهم بإرادتهم الحرة قبل ان تتفجر الأوضاع بكل ما تحمله من اثار سلبية على عموم المنطقة وقضايا الامن والاستقرار والسلام والتي ستكلف الجميع ثمنا باهضا.
التعليقات