أحد منجزات دولة المحاصصة الطائفية والعنصرية العراقية هو الانتشار الواسع والسريع للمخدرات بين صفوف الشباب والاعداد الرسمية المعلنة فقط تفضح فشل الدولة في السيطرة على المتاجرة وتعاطي هذه السموم خاصة والحدود العراقية مباحة (ككل العراق) لكل من هب ودب من عصابات الجريمة المنظمة.

الأرقام تقول انه في عام 2022 بلغ عدد المعتقلين (14) ألف شاب من بينهم (500) من النساء والأخطر انتشار هذه الظاهرة الكارثية في المدارس الابتدائية حسب عضو في البرلمان.

مفوضية حقوق الانسان تقول ان نسبة تعاطي المخدرات من نوع كريستال تبلغ 37% والحبوب بنسبة 28% وقد قامت وزارة الصحة العراقية بإتلاف ما يقدر بـ (5) الاف طن من المخدرات و(54) مليون حبة كبتاكون و(31) انبوبة و(9) الاف قنينة، ورغم ان المتوقع وجود اضعاف هذه الأرقام من السموم فإنها وحدها توضح ابعاد الكارثة التي يعيشها شباب العراق دون أي إجراءات حاسمة حازمة لوقفها، مع ان وزارة الداخلية أعلنت عن القاء القبض على قرابة 7500 متهما بالمخدرات منذ بداية هذا العام فقط.

ان من بين أكثر الأسباب التي أدت وتؤدي الى انتشار المخدرات بين الشياب ووصولها حتى للمدارس الابتدائية هو الفقر المدقع والبطالة (20%) وافتقاد أي امل في تحسن الأوضاع المأساوية التي يعيشها المواطنون اذ تبلغ معدلات الفقر على سبيل المثال لا الحصر: في المثنى 52% وفي الديوانية 49% وفي نينوى 41% والعاصمة بغداد 12% وتبلغ النسبة في عموم العراق 25% وهناك 9 ملايين عراقي بحاجة ماسة للمساعدات الحكومية اذ الكثير منهم لا يحصلون على وجبة طعام في اليوم.

إضافة لعصابات الجريمة المنظمة، يبدو ان هناك أيضا قوى إقليمية ودولية تقف وراء انتشار هذه الظاهرة وتوسعها السريع لأهداف عديدة منها السيطرة على القوى الشابة الجديدة في البلاد واخراجها من عمليات الإنتاج والتطوير والبناء.

رغم موارد العراق الكثيرة وعائدات النفط الضخمة، الا ان السلطات الفاسدة والنهب المستمر لثروات البلاد وانشغال الشريحة الحاكمة بالإثراء غير المشروع والصراعات السياسية التي هي في الأصل صراع لنهب ثروات البلاد تشكل سببا رئيسا وراء الفقر المدقع وانتشار الظواهر المرضية الكارثية في المجتمع ومن بينها انتشار المخدرات بين القوى الشابة بكل ما تحمله من نتائج سلبية على دورها المؤثر في التنمية وتطوير المجتمع باعتبارها القوة الأكثر تقبلا للتطور والتغيير والتجديد.

سيبقى الوضع العراقي هكذا ان لم يزداد سوأ ما دامت هذه الشريحة الطائفية والعنصرية الفاسدة حتى النخاع تسيطر على مقدرات البلاد وتنهب ثرواته.