صورة الحرب تمنع أي مستثمر من القدوم للتعامل مع السوق السورية؟
هذا ما سبق أن قاله بشار الأسد من خلال الحوار الذي أجرته معه قناة سكاي نيوز عربية، وتأكيده على أن صورة الحرب منعت كثير من المستثمرين من القدوم إلى سوريا للاستثمار فيها.
ما يثير أكثر هو الصورة التي ظهر بها، والتي فاجأت - بالتأكيد - المشاهدين الذين تابعوا بدقّة مجريات الحوار، ولكن تمنينا أن يكون الباب مفتوحاً أكثر ما هو عليه، لأن الحديث في مجمله يفتقد للمصداقية، فجميع إجاباته مفبركة ومرسومة بطريقة مبالغ فيها، وفيها كثير من التحايل والكذب وخداع المواطن السوري الذي يتابع ما يجري على الأرض السورية العارف بكل تفاصيلها.
ويمكن أن نقف عند الاستثمار بصورة رئيسة، لا سيما أنه يأتي من أولويات تقدم وتطور واستقرار ونجاح الوضع الاقتصادي والمالي في أي بلد كان، بدلاً من الواقع الهشّ المؤسي الذي يعيشه المواطن، والانهيار الكبير الذي تعاني منه الليرة السورية مقابل الدولار الذي يصعد بقوة مرعبة يوماً بعد آخر، ولا مجال لتوقفه عند حد معين!.
إنّ الاستثمار، وقبل اندلاع الثورة السورية، لم يكن بالصورة التي يرغب بها المستثمرون ويتمنونها.
وفي احدى المرات كنا برفقة زميل صحافي يعمل محرراً في احدى الصحف الحكومية في زيارة عمل إلى المؤسسة العامة لسد الفرات، في مدينة الطبقة، وهي من المؤسسات الاقتصادية المهمّة جداً.. التي يعوّل عليها اهتماماً كبيراً، أكد لنا على أنه سبق أن شاهد وبأم عينيه عن مدى تعامل العاملين في وزارة السياحة وغيرها من الوزارات المعنية مع المستثمرين الخليجين الراغبين في الاستثمار، محاولين جاهدين عرقلة أي مستثمر لجهة ابتزازه، والتقليل من شأن ما هو متوافر في سوريا، ولا يوجد ما يسرّ المستثمر، أو ما يخدم مشروعه المستقبلي. هذه الاجراءات دفعت بعدد كبير منهم الراغبين بصورة جدية في الاستثمار بوقف أي خطوة في التقدم للمناقصات المعلن عنها من قبل وزارة السياحة، في الصحف المحلية!.
فكيف يمكن للمستثمرين في الوقت الحالي القبول بما هو متوافر في ظل واقع اقتصادي متردي، وتراجع قيمة الليرة، وبشكل مرعب، فضلاً وهذا الأهم، التعامل السيء مع المستثمرين في الإدارات المركزية، وأكثر ما يعنيهم وضع العصي في العجلات بهدف ابتزازهم وعرقلة رغبتهم في تحقيق أي خطوة بهذا الاتجاه؟.
في ظل كل ذلك التهاون، والتعامل المنفّر للمستثمرين ينبري الأسد ليؤكد أن مشكلة الأستثمار في سوريا متوقفة بسبب اندلاع الحرب وما خلفته من نتائج أضرّت بالبنية التحتية، والحال الذي وصلت إليه من نتائج ساهمت في تدمير البلاد. أي أن كل شيء تتحمل نتائجه الحرب والعصابات المسلحة التي رفعت السلاح بوجه الدولة، متناسياً ما فعلته قواته المسلحة والرديفة، والدفاع الوطني، وغيرها من دول ساعدت على ثباته وعدم هزيمته بضخ مليارات الدولارات لجهة دعمه واستمراره في الكرسي!.
المشكلة الرئيسة وقبل كل شيء في العاملين في الوزارات الذين لا يتركون أي مجال للمستثمرين في قطع الطريق أمام الراغبين منهم في رسي المشاريع عليهم لأنها لا تروق لهم.. وما هو مطلوب منهم كثير من المبالغ لجهة دفعها لارضاء المسؤولين المعنيين أولاً، وأوّلهم، وفي مقدمتهم الوزير، وما تبعه من مسؤولين كبار يترصدون حركة المستثمرين، ناهيك بملحق يشتمل على موظفين لهم مكانتهم وحصصهم الكبيرة، التي لا يمكن أن تفوتهم فرصة الاستفادة منها، وهذا ما دفع بالمستثمرين إلى الهروب من بلد مثل سوريا لا يعرف فيها الموظفون فيها إلّا العمل على عرقلة المشاريع المطروحة للاستثمار بهدف الابتزاز، وبمعرفة المسؤولين الكبار!
التعليقات