يستعيد العنوان مثلاً شعبياً قديماً يُضرب عندما يعم الفساد والظلم، ويكون القاضي أو الحاكم مستبداً وفاسداً لا ينصف المظلوم من أبناء شعبه، وكل همّه تحقيق مصلحته الشخصية فقط، عاملاً بمبدأ نفسي نفسي ولا أحد غير نفسي، والمواطن لا حول له ولا قوة، بالضبط كما هو الحال في إقليم كوردستان، هذا الإقليم الذي يعاني مشاكل كبيرة منذ تشكيل أول حكومة كوردية محلية عام 1992، والمواطن المغلوب على أمره يقف حائراً وسط هذه المشاكل كحبة القمح بين شقي الرحى، فتطحن عظامه ويسحق دون رحمة.

بصراحة لا ادري أي ضمير يحمله هؤلاء الذين يحكمون الإقليم، ويبحثون عن الثراء على حساب هموم المواطنين ومشاكلهم. لا أتجنَّى على أحد إذا قلت إن كل ما جناه المواطن في الإقليم من سنوات حكم عائلتي الطالباني والبارزاني هو تربعهما على عرش الثراء الطائل بإفقار وتجويع الشعب ومراكمة الثروة واحتكار السلطة والاستفراد بها.

لقد صعد أثرياء العائلتين بسرعة الصاروخ إلى عالم الثراء بعد أن كانوا مثلنا فقراء أيام الكفاح المسلح ضد النظام البعثي الفاشي، حيث كنا لا نملك غير حقيبة الظهر (بالكوردية كولة بشت) وبندقية وحذاء سامسون بلاستيكي وبضعة دراهم أو ليرات تركية أو ريالات إيرانية!

سنوات تمضي والمواطن يقضي لياليه وأيامه في الظلمة، ناهيك عن الفصول الأخرى لمعاناته، ولسان حاله يقول: أليست الكهرباء حق من حقوق المواطن؟ لماذا يتمتع الحاكم وحاشيته بنعمة الكهرباء 24 ساعة متواصلة، فيما يقضي المواطن يومه في العتمة؟

لقد انخفضت مؤخراً ساعات التغذية الكهربائية في الإقليم بشكل كبير، حيث وصلت إلى أربع ساعات فقط في أربيل وسبع ساعات في السليمانية وثمان ساعات في دهوك وست ساعات في حلبجة!

وبدل حل مشكلة الكهرباء مع انخفاض درجات الحرارة وتلبية المطالب المحقة للمواطنين الذين يعانون مشكلة عدم توافر الكهرباء والماء وتأخر الرواتب والغلاء الفاحش، يتم بيع الكهرباء من قبل الشركات الأهلية التابعة للعائلتين الحاكمتين في الإقليم لمدن خارج الإقليم ومنها مدينة الموصل. فأي مهزلة تلك؟ وبمن يستنجد المواطن لحل مشاكله؟

هناك حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن الحزبين الحاكمين في الإقليم حققا، وبامتياز، "صفر" إنجازات لناحية تحسين وضع الكهرباء والماء والخدمات الرئيسية الأخرى، بعد 31 عاماً من توليهم السلطة. لهذا، من حق المواطن المغلوب على أمره أن يسأل: لمن يشكو المجني عليه أبداً، أي حبة القمح، إذا كان الحاكم دجاجة؟