كالعادة يعيش الإعلام الغربي حالة من المثالية الأخلاقية والمهنية المفرطة حينما يتعلق الأمر بتناول ملفات لها أبعاد عربية. يحدث ذلك في السياسة والاقتصاد والرياضة وغيرها من المجالات، ولأن كاتب هذه السطور متخصص في الرياضة، فسوف يكون تطبيق هذه الرؤية التي تتعلق بنظرة الإعلام الغربي لنا من منظور رياضي.

بداية نحن لسنا ضد محاولة الاقتراب من المثالية، ولكننا نبحث عن معايير واحدة تنقذنا من الغرق في بحار المعايير المزدوجة التي يسبح فيها الإعلام الغربي بمهارة فائقة، معتمداً على إرث وتاريخ طويل من ارتفاع سقف الحرية والشفافية مقارنة بإعلامنا على الأقل. فما القصة؟ وماذا حدث؟

القصة بدأت بالمقابلة التي أجراها دان رون، الإعلامي الشهير في هيئة الإذاعة البريطانية BBC، مع وزير الرياضة السعودي الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل. وبالطبع، أتى رون بقائمة من الاتهامات للسعودية، لكنَّ الفيصل نجح في الرد بهدوء وثقة وموضوعية على تلك الاتهامات، بل تمكن من تسجيل بعض الأهداف في شباك الإنجليز. وكان من بين هذه الاتهامات إنفاق السعودية مليار دولار لتطوير بطولة دوري كرة القدم المحلية وجعلها ضمن أقوى دوريات العالم.

تحدث الفيصل عن حصول الأندية السعودية على توقيع ما يقرب من 100 لاعب من أشهر وأفضل نجوم كرة القدم العالميين، قائلاً: "أعتقد أن الدوري الإنجليزي الممتاز فعل ذلك، وهكذا بدأوا، ولم يسائلهم أحد عندما فعلوا ذلك. تركيزنا هو على تطوير الرياضة داخل المملكة وتطوير الدوري لدينا". وكالعادة، كان ملف حقوق الإنسان والشفافية في التعامل مع المنظمات الدولية حاضراً في مقابلة BBC مع الوزير السعودي، فقد أكد أن حقوق الانسان ملف تعمل عليه كافة الدول لجعله أفضل حالاً. وتابع: "أي دولة لديها مجال للتطور، لا يوجد أحد مثالي، نعترف أن هذه المحافل تساعدنا على إجراء الإصلاحات اللازمة للوصول إلى مستقبل أفضل للجميع".

عن قرار الفيفا بإسناد تنظيم مونديال 2034 إلى السعودية والتشكيك بنزاهة وشفافية هذه الخطوة من جانب البعض في الإعلام الغربي، قال الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل: "لا أعتقد أنه كان هناك أي نوع من أنواع عدم الشفافية من جانب الفيفا. الأمر ربما يتعلق بأننا كنا جاهزين لتقديم الملف وغيرنا لم يكن كذلك، هذا ليس ذنبنا، على ما أعتقد".

الوزير السعودي لم ينجح فقط في الرد على إدعاءات الميديا الغربية التي تتعامل مع ملفاتنا بمثالية مفرطة، بل إنه تمكن من منح مشروع السعودية النهضوي جرعة جديدة من المناعة، فنحن دائماً بحاجة للرد على هذا الهجوم ومواجهة هذه الحملات لكي نصبح أكثر قوة ومناعة.

انتهى عصر التوتر من اتهامات الاعلام الغربي، ولن يعود زمن الارتباك من "المثالية المفرطة والمعايير المزدوجة" التي يتعاملون بها معنا، وكل ما نحتاجه في الرد عليهم هو مزيج من الهدوء والثقة والشفافية والموضوعية.