ماذا يعني تبني بعض دول العالم والشركات نظام عمل يعتمد على أربعة أيام في الأسبوع، وذلك دون المس بأجر العامل(ة) والموظف(ة)!

أعتقد أنَّ ذلك يعني تشجيع الاقتصاد، وتنشيط القطاع الخاص والمرتبط أساساً بالخدمات، مع إعطاء فسحة للذات، بغية تخفيف التكاليف الصحية الناجمة عن الإرهاق والضغط المتواصل، والاكتئاب، وكثرة الغيابات، وغيرها الكثير، أضف إلى ذلك الاهتمام بالأسرة في إطار تشجيع التلاحم الوجداني بين الأبناء والآباء!

إنَّ العمل وطول مدته، لم ولن يجلب إلا الخراب على المستوى النفسي والوجداني للبشرية طيلة الحياة، سواء تعلق الأمر بالحياة الأسرية والاجتماعية أو العاطفية الوجدانية. فسجن الإنسان في واقع اسمه الساعات اليومية الطويلة، والتداوم والمداومة لتحقيق إنتاجية كبيرة، أثرت على المحيط العام للعلائق الاجتماعية لكافة المجتمعات تقريباً، خصوصاً المجتمعات التي تتبنى نظماً ليبيرالية أو تلك التي ترهق العامل أو الموظف بنظام مداومة أقل ما يقال عنه إنه سجن جديد في نظام إنتاج جديد...

وما الأمراض النفسية والعقد المتفشية والنفور والصراع حول عجرفة الكبرياء، وكثرة الطلاق وإهمال واجبات الأبناء، وظواهر الاكتئاب المتفشية، إلا دليل على تجرد الإنسان ونظم الإنتاج العالمية من قيم اسمها الحياة الإنسانية، الحياة الهادئة، الحياة المطمئنة القائمة على العمل في أيام محدودة، حياة اسمها الترفيه عن النفس، حياة اسمها تدعيم التواصل الأفقي بين مكونات الأسرة والعائلة وهكذا دواليك.

إنَّ المقاربة القائمة على الحقوق مقابل الواجبات أثبتت محدوديتها الاجتماعية والنفسية، وهي مقاربة رمت بالملايين من البشر إلى هامش التشرد والانحراف والسجن وهكذا! ولعل الانتقال إلى نسق يقوم على التضامن والتعاضد واستمرارية المداومة على أنسنة المجتمع لخير بكثير من نظام إنتاجي خلق عقداً اجتماعية ونفسية، مظاهرها لا تحتاج للسرد بحكمة قوة الواقعية المفسرة لها!