مع ظهور شبح الهزيمة الاستراتيجية لعقيدته في الشرق الأوسط، لجأ النظام الإيراني إلى إصدار التهديدات. المخاوف بشأن التطورات المستقبلية في المنطقة، والتي يمكن أن توجه ضربة قاسية للنظام المسؤول عن إشعال العديد من الأزمات الإقليمية، دفعت المرشد الأعلى علي خامنئي إلى توجيه تحذير للسعودية يوم الثلاثاء 6 أيار (مايو).
وقال خامنئي، في كلمته أمام المسؤولين المجتمعين تحت رعاية مقر الحج: "أود أن أعلن أن حجنا هذا العام بشكل خاص هو حج براءة!"
وأضاف خامنئي، الذي يصفه النظام الإيراني بأنه زعيم المسلمين الشيعة في العالم: "من الضروري أن يتمكن الحجاج المخلصون - سواء أكانوا إيرانيين أو غير إيرانيين، من أي مكان أتوا - من نقل هذا المنطق القرآني إلى العالم بأكمله. العالم الإسلامي، وفلسطين اليوم، بحاجة إلى ذلك؛ وهي بحاجة إلى دعم العالم الإسلامي. نعم، الجمهورية الإسلامية لن تنتظر الآخرين، ولكن إذا اجتمعت الأيدي القوية للدول الإسلامية والحكومات الإسلامية من جميع أنحاء العالم ودعمت، فسيكون تأثيرها أكبر بكثير".
إن ذكر خامنئي للرفض الذي يعود تاريخه إلى الأيام الأولى للثورة يلمح إلى الحادث المروع الذي وقع عام 1987 عندما أرسل النظام الإيراني مرتزقة إلى المملكة العربية السعودية، مما أدى إلى إثارة أعمال العنف. قبيل مراسم الحج عام 1987، اعترضت الشرطة السعودية شحنة كبيرة من المتفجرات مخبأة في أمتعة الحجاج الإيرانيين يوم 28 آب (أغسطس). ونتيجة لذلك، ألقت أجهزة الأمن في البلاد القبض على 100 عميل سري للنظام الإيراني متنكرين بزي الحجاج.
قبل أيام من العدوان، أشار نظام الملالي إلى نواياه الخبيثة. في 30 تموز (يوليو) 1987، ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أنه "بناء على دعوة من ممثل الإمام (المرشد الأعلى آنذاك روح الله الخميني)، سيقام غدًا موكب كبير للبراءة من المشركين في مدينة مكة المقدسة".
وشارك خلال الموكب 170 عضواً من شبكة إرهابية مرتبطة بنظام الملالي بهدف السيطرة على المقام ومكبرات الصوت الخاصة به. واكتشفت قوات الأمن مؤامرة النظام، مما أدى إلى اشتباك أدى إلى مقتل 402 شخصاً وإصابة 650 حاجاً، بينهم 275 إيرانياً.
وفي وقت لاحق، وسط الصراعات الداخلية بين مسؤولي الدولة الإيرانية، ظهرت تفاصيل إضافية عن هذه المؤامرة. وكشفوا كيف سعى النظام الإيراني إلى تعطيل مراسم الحج وزعزعة استقرار المملكة العربية السعودية من خلال أعمال الإرهاب.
والآن، بعد مرور 38 عاماً، يهدف خامنئي إلى تعطيل الديناميكيات الإقليمية المتطورة من خلال الاستفادة من نفوذ طهران على الفصائل المتطرفة في المنطقة.
وبسبب قلقه من احتمال ظهور انتفاضة، اتخذ النظام الإيراني مقامرة محفوفة بالمخاطر من خلال الترويج بنشاط لأجندته بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وفي أعقاب هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر) والصراع الذي اجتاح المنطقة بعد ذلك، سعت طهران بقوة إلى استغلال القضية الفلسطينية لتعزيز هيمنتها على دول الشرق الأوسط. وعلى الصعيد الداخلي، سعى خامنئي إلى استغلال مخاوف الحرب لإجبار منافسيه على الخضوع وتعزيز سلطته. وشرع في تطهير المرشحين المعارضين من الانتخابات البرلمانية، وقام بتهميش كبار المسؤولين في مجلس الخبراء.
والآن، وبعد سبعة أشهر من الصراع الدموي في غزة، أصبح تحقيق حل الدولتين لأزمة المنطقة أولوية دولية. وهذا هو الموقف الذي عارضه خامنئي منذ فترة طويلة، حيث اعتبر السلام الإقليمي بمثابة هزيمة لطهران.
وبالتالي، من الضروري أن نأخذ كلمات خامنئي على محمل الجد وندرك أن السلام والاستقرار الدائمين في الشرق الأوسط سيظلان بعيد المنال طالما استمرت الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب في حكم طهران.
التعليقات